طالما الضمير غائب والرقابة الذاتية معطلة لن تفلح الجهود في مسعانا إلى التقدم والتطور ولن تثمر مكافحة الفساد ولا الرقابه الداخلية والخارجية وبالتأكيد أن كل ذلك يأتي بعد إنعدام الأخلاق الإسلامية من أمانة وإخلاص وصدق ونزاهة حتى أنه لا يستطيع رب الأسرة ولا المسئول في ضبط الأمور كلها قال تعالى :(إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْأِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ ) مشترط لفعل الإصلاح الاستطاعة وإصلاح البشر فيه شي من الصعوبة لأننا قل ما نجد إنسانا ضميره حي ومشبع إيمانه وإحساسه بالرقابة الإلهية والذاتية ولايبالي في آراء الآخرين, قال تعالى : (يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ) وهذا مانراه في أحوالنا عندما نعمل في ظل رقابة المجتمع التي لاتنتج ولاتثمر ولاتدوم علماً بأن الرقابة الذاتية واستشعار الرقابة الإلهية مطلب شرعي بين العبد وربه قال تعالى : ( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ) وقوله تعالى: (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً), وقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ), وأيضا ً تحدثت الشريعة الإسلامية عن الأجير وأنه لابد أن تتوفر فيه مقومات الكفاءة والنجاح التي دلنا عليها الشارع الحكيم وهما القوة والأمانة قال تعالى(إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ) وأيضاً الحفظ والعلم قال تعالى : (قَالَ اجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) . وهنا نتكلم عن الموظف خاصة الذي أجمع الشيخان ابن باز وابن عثيمين رحمهما الله على أن الموظف (أجير) وحتى لا يكون في راتبه شبهة محرمة واجب عليه أن يؤدي الأمانة والحق الذي عليه , وعندما يهمل ويماطل الموظف في عمله ويستهين في أداء أمانته فلابد عليه أن يحسب حسابه أن هذا الراتب منزوع البركة وفيه جزء من الحرام يصرفه على نفسه وعلى أهله من مأكل ومشرب ومركب ومسكن وهذا حاصل للبعض وجميعنا مقصرون, ومن عجب العجاب أن الإنسان إذا اعترضه عارض من ربه في نفسه أو ماله أو أهله أو فيما يملك تسخط وتذمر وندب حظه ونسي قوله سبحانه :(وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) وكم منا من يضيق عندما يرفع يديه يطلب من الله الذي هو أكرم الأكرمين ولا يستجاب له , وكما قال لنا المصطفى صلى الله عليه وسلم: ( إن الله تعالى طيبٌ لا يقبلُ إلا طيباً وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال تعالى: ( يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ). وقال تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ).ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء: يا رب يارب , ومطعَمُهُ حرام , ومشرَبُهُ حرام , وملبسُهُ حرام , وغُذِيَ بالحرام..فأنى يستجاب له)لذا يجب علينا أيها المؤمنون أن نحاسب أنفسنا قبل أن نحاسب ولانستهين في الامانة التى أبت السماوات والأرض والجبال ان يحملنها وان نجلد الذات بين الحين والاخر ونلوم النفس ونراجعها ونؤنب الضمير ولا نلتمس الأعذار لأنفسنا يقول تعالى: (مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ) فيجب أن نحرص على تفعيل وتنمية الرقابة الذاتية والاستشعار بالرقابة الإلهية قبل كل شي نعمله لنعتلي القمة بين دول العالم اسلامياً وحضارياً واقتصادياً واجتماعياً ونكون القدوة الحسنة في ذلك ونتمنى من الجهات الحكومية والمسئولين والوعّاظ والمشايخ تفعيل دورهم في الوعظ والتذكير وتثقيف المواطنين بأهمية وكيفية تنمية الرقابة الذاتية والاستشعار بالرقابة الإلهية وما تجنيه لنا من فوائد وثمرات دنيويه وأخروية قال تعالى : (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ المُؤْمِنِينَ ) . سعد صلاح الذبياني - المدينة المنورة