على الرغم من الأهمية الكبيرة لنظام ساهر في الحد من الحوادث التي يروح ضحيتها نحو 6 آلاف شخص سنويًا مع آلاف الإصابات التي تكلف الدولة مليارات الريالات في العلاج والتأهيل، إلا أن التطبيق شابه الكثير من القصور خاصة في ما يتعلق بضوابط تحديد السرعة ومضاعفة قيمة المخالفة حتى اعتبره البعض وسيلة لجباية الأموال ونجم عن هذا الوضع اعتداءات وحوادث قتل لموظفي ساهر. ويرى عدد من المختصين أن نظام ساهر طبق دون توعية كافية أو بنى تحتية تحقق الأهداف المنشودة، مشيرين إلى أن إلزام المخالفين بدفع الغرامات يفقدها مشروعيتها في غياب المحاكم المرورية. وطالبوا بالابتعاد عن «الترصد» والتركيز على التوعية اتساقًا مع غاية النظام، والعمل على مراجعة أنظمة استيراد المركبات بما يتفق مع السرعة المحددة على طرقنا. وقد أبدى عدد من المواطنين تذمرهم وامتعاضهم الشديدين من هذا النظام الذي أصبح وسيلة لجباية الأموال -على حد تعبيرهم- وقالوا ل«المدينة»: «نظام ساهر سلب أموالنا أمام أعيننا بسبب ترصده لنا، وكذلك مضاعفة المخالفات، وهو ما أثقل كاهلنا حيث أصبحت رواتبنا آخر الشهر تذهب لسداد مخالفات ساهر، وأصبحنا عاجزين عن سداد متطلبات منازلنا وأهلنا وأطفالنا، والحقيقة أن النظام أصبح هما ثقيلا علينا، فهل من المعقول أن تكون السرعة على طريق الرياض السريع وطريق الجبيلالدمام وطريق الاحساءالدمام 120 كلم في الساعة، مع كثافة الحركة على هذه الطرق من موظفين ومراجعين للمستشفيات وغيرها، وفي نهاية الشهر تتضاعف الغرامة والمستفيد الأول هم مشغلو نظام ساهر والقائمين عليه. يقول عوض الشهراني: أنا اعتقد أن نظام ساهر له سلبيات وايجابيات، ولكن سلبياته تفوقت على إيجابياته، فليس من المعقول أن تحدد السرعة في طرق سريعة بأربعة مسارات ب 120 كلم في الساعة أو 100 كلم في البعض الآخر، وكذلك تجدهم يتخفون عند الأشجار والأعمدة لكي لا يراهم أحد، وهذا يعني الرغبة في المزيد من المخالفات ومضاعفتها آخر الشهر، والمواطن هو الخاسر الأوحد في النهاية، وأنا في الحقيقة تضررت من هذا النظام، حيث سجلت علي عدة مخالفات وتضاعفت بدون علمي، وعندما راجعت المرور قالوا أنني كنت أسير على طريق الدمامالجبيل بسرعة 125 كلم في الساعة، فيما السرعة محددة ب 120 كلم في الساعة، وقد صورك النظام وصدر لك المخالفة، فدفعتها مضاعفة والله المستعان. الراتب موقوف ل «ساهر» وأشار عبدالعزيز الغامدي من سكان حي العقربية إلى معاناته مع نظام ساهر والذي أصبح وسيلة واضحة لجباية الأموال والمستفيد الأول هو المشغل. وأضاف «كنت على طريق الرياضالدمام وكان شبه خالٍ من السيارات لان الوقت قبيل الظهر فلم تكن هناك سيارات كثيرة في الطريق والسرعة محددة ب 120 كلم في الساعة، ومع حرارة الجو تجاوزت السرعة المحددة بحوالي 10 كلم يعني 130 كلم في الساعة، وعندما وصلت الشرقية لتجديد رخصة القيادة، فوجئت برجل المرور يفيدني بأن علي مخالفات سرعة على خط الرياضالدمام، فهل من المعقول أن يذهب راتبي آخر الشهر لسداد مخالفات ساهر، بدلًا من صرفه على عائلتي وأولادي. وتتواصل الشكوى من نظام ساهر حيث يقول طلال محمد القرشي: أنا من مؤيدي هذا النظام، ولكن عندما تقوم الجهة المعنية بالتوعية والإرشاد وتوعية الناس أولا حتى ولو استغرق تحقيق هذا الهدف عاما كاملا، على أن تقوم الجهة المعنية بتهيئة البنية التحتية لتطبيق هذا النظام، ومن ذلك تحديد السرعات القصوى للطرق بشكل صحيح وإيجابي، فليس معقولا أن تحدد السرعة القصوى على طريق رئيس ب 80 كم/ س، وفي شارع فرعي نفس السرعة، ناهيك عن الغياب الكامل للوحات الإرشادية على الطرقات، وإن وجدت تكون مختبئة خلف شجرة أو في موقع غير صحيح أو اختفت معالمها بسبب عوامل التعرية. ومع ذلك يقول لنا مدير المشروع بأن الإحصاءات والمسح الميداني يثبت بأن اللوحات منتشرة وسليمة. ويضيف: نحن نؤيد ساهر عندما يكون المرور متواجدا بشكل فوري عند حدوث اختناقات أو وقوع حوادث مرورية أو أي موجب لتواجده، لا كما هو في الوقت الحالي، وللأسف لا نشاهد دوريات المرور ورجالاته إلا عند تطبيق المخالفات فهم أكثر من عدد المخالفين في الموقع، ونؤيد «ساهر» عندما يكون نظامًا هادفًا للسلامة وليس مشروعًا للربح المادي للأسف الشديد، ونؤيده عندما تكون هناك شفافية في المخالفات وتطبيق العقوبات والاعتراضات، لا أن يكون المطبق والحكم هو ذات الجهة، وقولها الفصل الذي لا يمكن الرجوع عنه، ونؤيده عندما تلتزم فرق سيارات ساهر هي الأخرى بالسرعة المحددة أثناء انطلاقها لمواقع الصيد الثمين، وكذلك أثناء وقوفها بأن تقف في مواقف نظامية وليست مواقف مخالفة، حيث لا يحلو لسائقيها إلا الوقوف على الأرصفة، وفي المواقع الممنوع الوقوف فيها، ونؤيده كذلك عندما تلتزم جميع فرق المرور بالأنظمة والتعليمات المرورية خلال العمل الرسمي، وعندما يقف أفراد المرور بسياراتهم الخاصة وهم يرتدون الزي الرسمي، فكثيرًا ما نشاهد المخالفات من السيارات الرسمية. وقال الباحث الاجتماعي فوزي صادق: إن الاعتداءات التي تحدث على كاميرات ورجال ساهر هي ظاهرة إجرامية لان هذا نظام بلد وضع للجميع ولمصلحتهم ومصلحة المجتمع، وليس كما يعتقد البعض انه وضع للغرامات والمخالفات ومبالغ تؤخذ من الشعب، خاصة وان البرنامج كلف الدولة ملايين الريالات. التأمين على موظفي ساهر وعن إصرار البعض على تجاوز السرعة المحددة قال الصادق : لدينا شباب اعتادوا على السرعة الجنونية إضافة إلى أن ثقافة المجتمع لها دور في مثل هذه المسائل، وهنا لا بد من العمل على نشر ثقافة برنامج ساهر أكثر وعمل برنامج إرشادي بأنه وضع لسلامة المواطن. اقتصادي يطالب بوضع قيود على استيراد المركبات المتجاوزة للسرعة النظامية أكّد الدكتور نايف بن سلطان الشريف أستاذ القانون الاقتصادي بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة أن تشخيص المشاكل التي يواجهها تنفيذ النظام يمكننا في النهاية من وضع تصور للتوصيات التي من شأنها أن تحد من تلك المشاكل. وأضاف انه لن تتحقق الغاية من وراء فرض الغرامات طالما أن المخالف يستطيع الإفلات من العقاب، وكذلك عدم مناسبة السرعة الموصوفة من قبل إدارة المرور للطرق والشوارع إذ أنه لا يمكن تصور قيادة مركبة في طريق الرياض – الطائف مثلا بسرعة 120 كم في الساعة، كما أنه لا يتوقع تحديد السرعة في شارع داخل حي سكني بسرعة 60 كم / الساعة. يلاحظ مضاعفة الغرامة عند التأخر في سداد المخالفة وتعارض النظام مع أنظمة الاستيراد التي تجيز لوكلاء السيارات استيراد مركبات فائقة السرعة تتجاوز 240 كم في الساعة، في حين أن نظام المرور يحظر السرعة التي تتجاوز 120 كم/الساعة، بمعنى آخر أن تحديد السرعة القصوى للمركبات ب 120 كم في الساعة يستلزم بدوره توحيد سياسة الدولة وأنظمتها تجاه تحقيق السلامة المرورية مما يتطلب وضع قيود على استيراد المركبات التي تتجاوز عداداتها السرعة النظامية. عدم وجود محكمة مختصة بنظر المخالفات المرورية كما قضت بذلك المادة 75 من نظام المرور والتي تعطي من قيدت ضده المخالفة حق الاعتراض أمامها خلال 30 يومًا من تاريخ تحرير المخالفة، ذلك أن إيقاع الغرامات على المخالفين دون تمكينهم من حق الاعتراض على فرض تلك المخالفات يعتبر غير مشروع لعدم اتفاقه مع المادة 81 من نظام المرور التي أجازت لأصحاب الشأن حق الاعتراض على القرارات الصادرة بفرض الغرامات أمام المحكمة المختصة، كما أن المادة 82 من ذات النظام أجازت للمحكمة المختصة وحسب الظروف التي تقدرها وقف تنفيذ العقوبات المحكوم بها، ونظرًا لعدم إنشاء المحاكم المرورية حتى الآن فإن إلزام المخالفين بدفع الغرامات وتجريدهم في ذات الوقت من الحقوق التي كفلها النظام لهم يفقد المخالفات مشروعيتها ويخل بمبدأ المساواة بين الخصوم الذي كفلته أحكام الشريعة الإسلامية وأقره النظام الأساسي للحكم. كما يعاب على النظام أن تطبيقه جاء بدون سابق إنذار ودون مروره بفترة تجربة يتم من خلالها تقييمه وتهيئة الطرقات والشوارع باللوحات الإرشادية عن حدود السرعة القانونية وتوعية المجتمع بأهدافه وطبيعة المخالفات والعقوبات المترتبة عليها. الكلباني: نظام جباية لا حماية الداعية عادل الكلباني قال في تصريح إعلامي سابق له «ما زلت مُصرًّا على وصفي لساهر بأنه نظام جباية لا حماية، وأضاف أن الإشكال مع ساهر في آلية التطبيق لا في كونه نظاما في الأصل». وأضاف: من يطلع على تصريح المسؤول الأول في الشركة المشغلة، الأخير في ما يتعلق بساهر يدرك أين تذهب الأموال، مشيرًا إلى أنه غير موجود على الطرق التي وصفها ب «الطرق المميتة»، وأنه بدأ غير مكتمل وتنقصه أشياء كثيرة كشفافية التعامل، ووجود جهة تهتم بالرد على استشكالات المواطنين.