أكّد الدكتور نايف بن سلطان الشريف أستاذ القانون الاقتصادي بجامعة الملك عبدالعزيز بجده أن نظام المرور يعتبر من أهم الأنظمة التي توليها الدولة المتقدمة أهمية قصوى نظرًا للآثار الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن مخالفات النظام. وحسب الموقع الإلكتروني ل «ساهر» تبلغ خسائر الاقتصاد الوطني 13 مليار ريال سنويًا جاءت حصيلة 9 ملايين مخالفة. وأضاف: إن متوسط حالات الوفاة يبلغ 18 حالة بمعدل حالة وفاة كل ساعة ونصف وإصابة أو إعاقة كل ربع ساعة. واشار إلى أن «ساهر» عبارة عن نظام تقني لإدارة حركة المرور باستخدام أنظمة إلكترونية مرتبطة بمراكز القيادة والسيطرة في (8) مدن رئيسة في المملكة. إن من أهم أهداف نظام ساهر العمل على تحسين مستوى السلامة المرورية وتنفيذ أنظمة المرور بدقة واستمرارية. ومن مميزات نظام ساهر رصد حي للحالات والحوادث المرورية وإدارة ومراقبة وسرعة معالجة تلك الحوادث وضبط المخالفات بشكل آلي. ولذلك فإن الجميع يتفق على أهمية تطبيق نظام ساهر لكن آليات تنفيذه جعلت الكثير من المواطنين يتذمر من هذا النظام. وعن إشكاليات النظام قال الدكتور الشريف: أن تشخيص المشاكل التي يواجهها تنفيذ النظام يمكننا في النهاية من وضع تصور للتوصيات التي من شأنها أن تحد من تلك المشاكل. وأوضح يمكن تلخيص أهم مشاكل النظام في النقاط التالية: أولًا، أن المخالفة تطبق على المركبة وليس على المخالف وهذا خطأ فليس بالضرورة أن من يقود المركبة هو مالك المركبة ولكن النظام لا يعتد إلا بالمعلومات المسجلة في مركز المعلومات الوطني والمخالفة تقيد على رقم لوحة السيارة المرتبطة بدورها بالمالك. وهنا سوف تتحمل شركات التي تزاول نشاط التأجير المنتهي بالتمليك وشركات النقل البري والجهات الحكومية الكثير من المعاناة عند مخالفة المستأجرين أو السائقين أو الموظفين الرسميين لأنظمة المرور لأن المركبات مسجلة في النظام باسم المالك مما يجعل ملاك المركبات يدفعون الغرامات رغم أنهم في الواقع لم يرتكبوها. وهذا فيه مخالفة للآية الكريمة «ولا تزر وازرة وزر أخرى» ومبدأ شخصية العقوبة إذ أنه يفترض من الناحية الشرعية والقانونية أن المخالفة لا توقع إلا على من ارتكب الفعل المادي – محل المخالفة- وبالتالي فإن النظام يعتبر مجحفاً بحق ملاك المركبات كما انه لن يحقق الغاية من وراء فرض الغرامات طالما أن المخالف يستطيع الإفلات من العقاب. ثانياً، عدم مناسبة السرعة الموصوفة من قبل إدارة المرور للطرق والشوارع إذ أنه لا يمكن تصور قيادة مركبة في طريق الرياض – الطائف بسرعة (120) كم في الساعة كما أنه لا يتوقع تحديد السرعة في شارع داخل حي سكني بسرعة (60) كم / الساعة. أيضًا يلاحظ مضاعفة الغرامة عند التأخر في سداد المخالفة وتعارض النظام مع أنظمة الاستيراد التي تجيز لوكلاء السيارات استيراد مركبات فائقة السرعة تتجاوز (240) كم في الساعة. في حين أن نظام المرور يحظر السرعة التي تتجاوز (120) كم/الساعة. بمعنى آخر أن تحديد السرعة القصوى للمركبات ب(120) كم في الساعة يستلزم بدوره توحيد سياسة الدولة وأنظمتها تجاه تحقيق السلامة المرورية مما يتطلب وضع قيود على استيراد المركبات التي تتجاوز عداداتها السرعة النظامية. ثالثًا: عدم وجود محكمة مختصة بنظر المخالفات المرورية كما قضت بذلك المادة (75) من نظام المرور والتي تعطي من قيدت ضده المخالفة بالاعتراض أمام المحكمة المختصة خلال (30) يومًا من تاريخ تحرير المخالفة. وأن إيقاع الغرامات على المخالفين دون تمكينهم من حق الاعتراض على فرض تلك المخالفات يعتبر غير مشروع لعدم اتفاقه مع المادة (81) من نظام المرور التي أجازت لأصحاب الشأن حق الاعتراض على القرارات الصادرة بفرض الغرامات أمام المحكمة المختصة. كما أن المادة (82) من ذات النظام أجازت للمحكمة المختصة وحسب الظروف التي تقدرها وقف تنفيذ العقوبات المحكوم بها. ونظرًا لعدم إنشاء المحاكم المرورية حتى الآن فإن إلزام المخالفين بدفع الغرامات وتجريدهم في ذات الوقت من الحقوق التي كفلها النظام لهم يفقد المخالفات مشروعيتها ويخل بمبدأ المساواة بين الخصوم الذي كفلته أحكام الشريعة الإسلامية وأقره النظام الأساسي للحكم. رابعًا، ما يعاب على النظام أن تطبيقه جاء بدون سابق إنذار ودون مروره بفترة تجربة يتم من خلالها تقييمه وتهيئة الطرقات والشوارع باللوحات الإرشادية عن حدود السرعة القانونية وتوعية المجتمع عن أهداف النظام وطبيعة المخالفات والعقوبات المترتبة عليها.