الدكتور صالح زياد أستاذ النقد بجامعة الملك سعود قال: الذين يحزنون على موت الجهيمان في وطننا كثيرون والصفات التي تجمعهم هي أقباس مما أضاءه عليه رحمة الله بجهده وجهاده الصحفي والثقافي والعلمي والوطني والإنساني، فأمثالي ابتدأت معرفتهم بعبدالكريم الجهيمان في مراحل الدراسة التي تعرّضت لتاريخ الثقافة وعوامل نهضة الأدب، فكان اسم الجهيمان مع نخبة الأسماء الكبيرة التي لم يستقر في الذاكرة السعودية ويرسخ أكثر منها، وقد كان مجال الحديث عنهم موصولاً بتأسيس الصحف التي اقترن الجهيمان بإحداها وهي صحيفة «أخبار الظهران» وبنهضة التعليم والتأليف التي أسهم الجهيمان فيها منذ الخمسينات من القرن الماضي، وأزداد إكباري للجهيمان وأمثاله من هؤلاء الرواد حين قرأت مقالاته ومؤلفاته أو قرأت عنه.. لقد كان مشعل ضوء واستنارة في وطننا ودلالة وعي وطني بكل ما تحمل هذه الدلالة من جدية وصرامة وتضحية ونبل، وأما المعرفة الشخصية المباشرة بأبي سهيل فقد نقلتني إلى عالم من الدهشة والمودّة الخالصة وحلقت بي في تجليات الجلال والمتعة التي يعرفها كل من تطلع وتشوق إلى رؤية أمثاله، وكان ذلك بمناسبة إعادة إحياء جمعية اللهجات والتراث الشعبي بجامعة الملك سعود، والفضل هنا يعود إلى الصديقين العزيزين الأستاذ محمد بن عبدالرزاق القشعمي والدكتور فالح العجمي.. حضر أبو سهيل ممسكًا بيد القشعمي، وعمره كما حكا لي القشعمي حينها ينيف على التسعين عامًا، وجلس مبجَّلاً من الحضور على المنصة، وأخذ دوره في الكلام، وحينها وجدت نفسي في بهاء من دهشة رهيبة، كان يتكلم بصوت واهن ولكنك تشعر بقوته وكانت عيناه تشعان بذكاء وحضور وعي وصلابة عجيبة ورأيت هنا أن الزمن يختلس لحظة ثمينة مني فأخذت جوالي لتسجيل الصورة والكلام، وما تزال لحظة ثمينة لدي لا أنساها كلما تذكرت أبا سهيل. رحم الله أبا سهيل وأسكنه فسيح جناته وأحسن عزاءنا جميعًا فيه. القرشي: التكريم الحقيقي لأي فكر ويقول القاص صلاح القرشي: الراحل عبدالكريم الجهيمان هو أحد الأعلام الباقين والذي لن ينتهي أثرهم بغياب أجسادهم، ومثل هؤلاء يبقون طويلًا، واعتقد أن أمثال الجهيمان رحمه الله هم فوق عبارات الرثاء والتكريم، كان في آثاره الأدبية والفكرية سابقًا لعصره ومتجاوزًا للتأطير، مثل هذه القامات الكبيرة تعجز أي كلمات عن التعبير عن مشاعر فقدها، واعتقد أن قيمة ما قدمه الفقيد تكمن في احترام الأجيال التي أتت بعده لما قدم.. وهذا الأمر هو التكريم الحقيقي لأي فكر.