وها هو عام هجري يطوي صفحاته، ، ويشد رحاله، وكل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها، عام كامل، تسارعت أيامه، وقد حوى بين جنبيه حِكماً وعبراً، وأحداثاً شاهدناها باُم اعيننا وعظات، فلا إله إلا الله، كم شقي فيه من أناس، وكم سعد فيه من آخرين؟ كم طفل قد تيتّم، وكم من امرأة قد ترمّلت،و مريض عزيزٌ علينا قد تعافى، واخر في التراب قد توارى، أهل بيت يشيعون ميتهم، وآخرون يزفون عروسهم، دار تفرح بمولود، وأخرى تعزّى بمفقود، عناق وعبرات من شوق اللقاء، وعبرات تهلّ من لوعة الفراق، والام تنقلب أفراحاً، وأفراح تنقلب أتراحاً ولذلك السعيد من طال عمره وحسن عمله، والشقي من طال عمره وساء عمله، والأعمال بالخواتيم، والمرء يموت على ما عاش عليه، ويُبعث على ما مات عليه. ولذلك على كل منا أن يتدارك أوقاته، وأن يعد أنفاسه، وأن يكون حافظاً لوقته حريصاًً عليه، فلا يفرط في شيء من لحظات عمره إلا بما يعود عليه بالنفع في الدنيا والآخرة. فالعمرقليل والأجل قريب، ومهما طال الأمد فلكل أجل كتاب. قيل لنوح عليه السلام، وقد لبث مع قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً: ( كيف رأيت هذه الدنيا؟ ) فقال: ( كداخل من باب وخارج من آخر ). فيا من متعك اللّه بالصحة والعافية، فأنت تتقلب في رغد العيش والملذات، فتذكر فربما يفاجئك الأجل وأنت في غفلة عن نفسك في يوم لاينفع الندم، وتذكر اخي القارى إن تعاقب الشهور والأعوام على العبد، قد يكون نعمةً له أو نقمةً عليه، فطول العمر ليس نعمةً بحد ذاته، فإذا طال عمر العبد ولم يعمره بالخيرقد يخسر كثيرا من الاعمال الخيرة ، أخرج الإمام أحمد والترمذي والحاكم عن أبي بكرة رضي الله تعالى عنه أنه قال: قال رسول الله : { خير الناس من طال عمره وحسن عمله، وشر الناس من طال عمره وساء عمله. ، وسيرى كل عامل عمله (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً [آل عمران:30 نعم استكثروا من الأعمال الصالحة ولا يحقرن أحدكم من المعروف شيئاً، فرب عمل يسير أورد صاحبه أجراً عظيماً، فليكن بعضنا عضداً لبعض في التواصي بالحق والتواصي بالصبر، ليتفقد كل منا نفسه خاصة وغيره عامة، فمن كان مقصراً تعاهدناه. وقدمنا له النصيحة. إن الإسلام مجتمعات، والمجتمع أفراد، ومتى ما أصلح الفرد نفسه صلح جزء من مجتمع المسلمين، وعلى هذا فكل منا سيُسأل عن جميع شؤونه في الدنيا، وربه أعلم، لكن ليكون الإنسان على نفسه بصيرة، وبهذه المناسبة ادعو بالإصلاح وخاصة اهلنا وفلذات أكبادنا فالإصلاح يبدأ من الذات ثم تتسع دائرة الإصلاح حتى تشمل البيت والجوار والمجتمع كل بحسب جهده.وأخص الأبناء؛ فإن كثيرا من الآباء والأمهات الا من رحم ربي لايرون لهم حقا إلا الأكل والشرب وتوفير المسكن والملبس واصبح هذاهو همهم الاكبر! ثم لا يكاد يعتني بصلاتهم ودينهم! فكم من مرة - أيها الحبيب - ناقشت مع ابنك أوابنتك موضوعا من موضوعات الدين؟ على الأقل في عامنا هذا نبدا معهم صفحة الهمم العالية فلنتدارك العجين قبل أن يجف والطين قبل أن ييبس وانقش من الآن على الحجر لان التعليم في الصغر كالنقش على الحجر.واخيرا وبقدوم سنة جديدة وبصفحة تكون إن شاء الله مملوءة بالخيرات مذكرا إن من الخيرات صيام يوم عاشوراء فصيامه يكفر سنةً ماضية كما قال : { صيام عاشوراء يكفر سنة ماضية} [أخرجه الترمذي بمعناه عن أبي قتادة رضي الله عنه]، وقد صامه وهمّ بصيام يوم قبله فقال: { لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع اللهم اجعل هذا العام عام خير وبركة وامن وامان للإسلام والمسلمين. عبدالرحمن عبدالحفيظ منشي - رابغ