قبل أيام استقبلنا عامنا الجديد 1432ه بالتفاؤل والحب والأمل ، ونقص العمر فيه عاما ، وآمل من الله العلي القدير أن يكون عاما مباركا على الجميع مليئاً بالطاعات حافلاً بفعل الخيرات ، وأن نبدأ عامنا الجديد بنفوس صافية مهيأة لتلقي تعاليم رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم ، وأن نتحابب جميعاً ، وينبغي أن يحدد كلاً منا أهدافه التي يرغب في تحقيقها هذا العام ليخطوا خطوات ثابتة خلال أيامه ولياليه. ومع مطلع العام الجديد بدأت تهل علينا مواسم الخيرات ، فشهر محرم من الشهور التي فُضِلتْ ، وعظم الله هذا الشهر فأضافه إلى نفسه إضافة تشريف وتعظيم ، وهذا يدل على مكانته وعلو منزلته ، قال الإمام ابن رجب رحمه الله [ وقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم المحرم شهر الله ، وإضافته إلى الله تدل على شرفه وفضله ، فإنّ الله تعالى لا يضيف إليه إلاّ خواص مخلوقاته ] فخيرات هذا الشهر وفيرة ، وصيام أيامه من الأمور التي تكون أقرب إلى الواجب من المستحب قال عليه الصلاة والسلام : ( أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم ) وفيه يستحب صيام اليوم العاشر منه ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء فقال : ( ما هذا ؟ قالوا : هذا يوم صالح هذا يوم نجى الله بني إسرائيل من عدوهم فصامه موسى. قال : فأنا أحق بموسى منكم. فصامه وأمر بصيامه ) وروي عنه عليه الصلاة والسلم أنه قال : ( صيام عاشوراء أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله ) وسئل ابن عباس رضي الله عنهما عن صيام يوم عاشوراء فقال : ( ما علمت أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم صام يوماً يطلب فضله على الأيّام إلاّ هذا اليوم ... ) وفي رواية الطبراني رحمه الله : ( إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يتوخى فضل يوم على يوم بعد رمضان إلا عاشوراء ) قال ابن حجر رحمه الله [ صيام عاشوراء ثلاث مراتب أدناها أن يصام وحده ، وفوقه : أن يصام التاسع والعاشر ، وفوقه : أن يصام التاسع والحادي عشر أي مع العاشر ] قال الفضيل بن عياض رحمه الله لرجل [ كم أتى عليك ؟ قال ستون سنة قال له : أنت منذ ستين سنة تسير إلى ربك؟ يوشك أن تبلغ فقال الرجل : إنا لله وإنا إليه راجعون . فقال الفضيل : من علم أنه لله عبد وإنه إليه راجع فليعلم أنه موقوف وإنه مسؤول فليعد للمسألة جواباً ، فقال له الرجل : فما الحيلة؟ قال : يسيرة ، قال: وما هي؟ قال تحسن فيما بقي فيغفر لك ما مضى فإنك إن أسأت فيما بقي أخذت بما مضى وما بقي ] وقال الحسن البصري : اتق الله يا ابن آدم لا يجتمع عليك خصلتان سكرة الموت وحسرة الفوت. شعر : شهرُ الحرامِ مباركٌ ميمون *** والصومُ فيه مضاعفٌ مَسنونُ وثوابُ صائمة لوجه إِلهه *** في الخُلد عند مَليكه مخْزُونُ. ومن أصدق من الله قيلاً {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ}. كل عام وأنتم خير كل عام وأنتم إلى الله أقرب [email protected]