رأى عدد من الخبراء الاستراتيجيين في مصر وجود احتمالات لوقوع انقلاب عسكري على نظام الرئيس بشار الأسد بسبب استمرار القمع الدموي، فيما قال آخرون إن هذا الاحتمال غير وارد في الوقت الحالي خاصة وأن الجيش يبرهن منذ بدء حركة الاحتجاج الشعبي على ولائه للرئيس بشار. وقال اللواء سيف اليزل الخبير الإسترتيجى إن ما يجري من حالات تعذيب ودماء تجري على ارض سوريا تعد الدافع الأكبر لوقوع انقلاب عسكري ضد هذا النظام، موضحاً أن هناك مجموعة من الدلالات لهذا الانقلاب بدأت منذ انسحاب السفير الأمريكي من دمشق، وهذا معناه التحضير لعمل عسكري ضد نظام بشار بالتعاون مع جهات خارجية، وقال إن معظم الجنرالات السوريين بدؤوا مراجعة حساباتهم وعلاقاتهم مع نظام الأسد، وأضاف أن بقاء هذا النظام حتى الآن راجعاً إلى مساندة روسيا والصين له، مشيرا الى أن الإدارة الأمريكية فرضت عقوبات على بعض أجهزة النظام السوري المتورطة في قتل المتظاهرين وعلى رأسهم «عاطف نجيب» رئيس لجنة الدفاع السابق في حزب البعث و»على مملوك» رئيس الاستخبارات السورية، وهذا معناه بداية الخلل داخل الجيش السوري، فالاستخبارات الغربية باتت ترى أنه لم يعد في مقدوره المحافظة علي نظامه، خاصة بعد أن تحولت المعارضة ضده إلى تمرد عسكري. وقال اليزل إن الجيش السوري يبرهن منذ بدء حركة الاحتجاج الشعبي على ولاء لا يتزعزع للرئيس بشار الأسد، لكن من وجهة نظري الشخصية إن هذه النظرية سوف تتغير في سوريا في نهاية المطاف،لافتاً إلى أن وفاء المؤسسة العسكرية لهذا النظام مرده إلى تفسير واحد هو أن الذين يشغلون المناصب الأساسية ينتمون إلى الطائفة العلوية الذين يشكلون حوالي 12-15% من عدد سكان سوريا البالغ عددهم ما يقرب من 22 مليون نسمة، لكن غالبية الجنود ليسوا كذلك، في حين يشكل المسلمون السنة حوالى 80 %. وتابع اللواء اليزل قائلاً: أتوقع ثورة كبرى في سوريا، وهى ليست ثورة للسنة ضد العلويين، بل ثورة سورية ضد فساد عائلة الأسد، ونريد أن يلعب الجيش دوراً في العملية الانتقالية لصالح استقرار سوريا، لأن استقراها يمس استقرار أمن المنطقة العربية. وقال اللواء عبد الرحمن الهوارى الخبير الاستراتيجي إن الحالة الأمنية في سوريا صارت حرجة، وأن الوضع مرشح للمزيد من التدهور، وهذا بداية لانقلابات عسكرية كبرى في دمشق وفقاً لتقديرات الاستخبارات الأمريكية. وقال إن الجيش السوري رغم كثرة عدده من الجنود إلا انه غير مسلح تسليحًا جيدًا نتيجة ضغوط غربية من جانبها ليبقى ميزان القوى لصالح إسرائيل التي تحتل مرتفعات الجولان، وعدم توافر الإمكانات المادية من جانب آخر، الأمر الذي يمكن معه حدوث انقلاب ضد النظام الموجود في أي وقت، وبرهن ضعف قوات الجيش وجود طائرات حربية إسرائيلية تخترق المجال الجوي السوري أكثر من مرة ووصل الأمر إلى ضرب مواقع سورية. وقال الهواري إن تصريحات الأسد منذ تفجر الاحتجاجات المناهضة لنظام حكمه بعثت برسالة للجميع مفادها أنه سيواصل التحدي، لأن ما يبقيه في السلطة هو الجهاز الأمني الذي أسسه منذ توليه السلطة الذي تسيطر عليه أسرته العلوية، إلا أن استمرار أنهار الدم في شوارع تلك الدولة يزيد الثورات اشتعالاً، ويؤدى في النهاية إلى إنهاء حكم عائلة الأسد إلى الأبد، مشيراً إلى أن السوريين من كل الأطياف بدأوا يفهمون أن الجميع ضحية هذا النظام،وأن المؤامرة الحقيقية هي التي تحيكها أسرة الأسد من الانحدار إلى حرب أهلية هدفها الاستمرار في الحكم،مشدداً على ضرورة احترام حقوق الشعب السوري وحرياته وصيانة دمائه، ووقف إراقة الدماء والاستجابة للمطالب المشروعة للجماهير السورية استجابة صادقة واضحة. وتوقع اللواء الهواري أن يأتي الخلاص من هذا النظام علي أيدي ضباط الطائفة العلوية الذين لم تتلوث أيديهم ولن يقتلوا أبناء شعبهم،لأن ليس كل أطراف الجيش متهمة في القتل، وأنه في صميمها من الداخل ليست موافقة على هذا القتل. أعتقد أنه هناك تدخلا سيكون من قِبل هؤلاء القادة لإنقاذ رقابهم فى حالة الخلاص. ومن جانبه قال اللواء حسن الزيات الخبير الأمني إن الجيش السوري مبني ليكون موالياً للنظام ومن ثم استحالة انقلاب عسكري عليه، وقال إن الجيش السوري يخضع أيضا لمراقبة من قوات الأمن السورية التي تقودها عائلة الأسد،موضحاً أن الأمر لن يحدث كما حدث في مصر،مشيراً إلى انه يوجد في سوريا أكثر من خمسة عشر جهازًا أمنيًّا واستخباراتيًّا مواليًا للنظام، من بينها مديرية المخابرات العامة والمخابرات العسكرية ومخابرات سلاح الجو والأمن العسكري والأمن السياسي وينتمي غالبيتهم للطائفة العلوية ولهم نفوذ وصلاحيات كبيرة،ويتبعون جميعاً لسلطة الرئيس الأسد مباشرة. وقال الزيات إن كثرة الأجهزة الأمنية أعطت قوة للنظام السوري، ووصل الأمر إلى تجسس تلك الأجهزة بعضها على بعض لصالح النظام، ويؤثر دستور البلاد والعقيدة العسكرية تأثيراً كبيراً على تصرفات الجيش السوري، فالدستور ينص على أن حزب البعث هو الحزب الحاكم للدولة، وأي تهديد أو عدو للنظام ورئيسه هو بنظر القيادة العسكرية والقوات المسلحة تهديد وعدو للوطن والنظام، وتعطي للقائد حق تنفيذ إعدامات ميدانية فورية دون الحاجة إلى إذن قضائي أو سياسي، وأظهرت تركيبة القوات المسلحة السورية التي وضعها الرئيس الأسد الأب وأبقى عليها الابن نجاحًا في حماية النظام لأكثر من أربعين عامًا، ولقد حمت تلك التركيبة الرئيس الراحل من محاولة انقلاب قادها شقيقه رفعت الأسد عام 1984 الذي كان يقود حينها سرايا الدفاع، وتم التصدي له من قِبل الجيش ووحدات الحرس الجمهوري.