جلس إلى نفسه ذات يوم واستعاد بعضاً من أيامه معها، فكتب لها يقول: «توقفت طويلاً عند أول مكان التقينا.. استعدت كيف كان لقاؤنا.. كنا أنتِ وأنا نسابق أشواقنا.. ونقفز فوق خطواتنا.. ورغم البعد كانت نظراتنا تبوح بمشاعرنا.. وكانت حواسنا تتسارع بغية تلاقيها». تنهد تنهيدة طويلة واستمر ينزف «أوتعرفين يا سيدتي أن خطواتي ساقتني بغير إرادة مني إلى نفس رصيف الطريق الذي كدنا لحظة قدر أن نصطدم ببعضنا البعض.. وإلى أمام المحل الشهير الذي غبتِ فيه مع رفاقكِ.. حين أتذكر تفاصيل تلك اللحظة.. تتناثر روحي.. وتتشظى نفسي فما كنت أتوقع أن تكون نهاية عشقي لكِ بمثل ما انتهى إليه.. في تلك المدينة العربية.. وبعيداً عن أعين الحساد ونهم المتلصصين شاء القدر أن نلتقي.. فحسبت حينها أنها بداية حياة نفثت في روحي الأمل.. وأحيت في قلبي البهجة من جديد.. ورسمت البسمة لشفتيَّ اللتين افتقدتاها طويلاً.. غير أني اكتشفت، ويا بؤسي، أنني كنت واهماً.. وأن كل ما حلمت به لم يكن سوى محطة عدم أخرى من الألم واليأس زادتني أسى وإحباطاً». «لا أعرف.. يواصل وقلمه يتهدج.. ربما كنتِ تبحثين عن لحظة فرح عابرة.. أو ومضة حب تتباهين بها بين صويحباتكِ.. أو رغبة تتسامرين بها وتسلية وقت.. غير أن ما أنا متيقن منه هو أنني كنت أبحث عن عشق أبدي أباهي به قيس بني عامر.. وحب سرمدي أفاخر به روميو الغربي.. وغرام أتحدى به كل الرومانسيين في الشرق والغرب وعلى مدى الأزمان». في ارتعاشة أسى حزينة يواصل نزفه «تعرفين يا سيدتي ما أنا مقتنع به اللحظة..!!؟؟ هو أننا.. أنتِ وأنا ننتمي إلى عالمين مختلفين.. متضادين.. متباعدين.. عالم مادي لحظي.. وآخر رومانسي أبدي.. فعشقي سماوي وحبي خيالي وغرامي لا نهائي وهو ما أتعبني كثيراً.. وأشقاني كثيراً.. بينما قد ترينه أنتِ حباً لحظياً وتسلياً وقتياً يُفَرح ويخفف الهموم وهذا من حقكِ لكن يا سيدتي لقد أتعبتني الأيام.. وأرهقتني الحياة.. وخانتني محطات.. وأحبطتني لحظات.. وتُهت كثيراً في مسافات فلم يعد قلبي قادراً على تحمل الصدمات.. ولم تعد روحي متحفزة على الإبحار بلا نهايات.. فأرجوكِ اقبلي اعتذاري حتى وإن أدى ذلك إلى اختناقي..». حينما انتهى انتفض فقد كانت رسالته الأولى لها يوم اثنين كما هو هذا اليوم الذي يكتب فيه ختام يأس آخر..!!؟؟