يتداول بعض الناس «نكتة»- قيل إنها حدثت فعلاً قبل ثلاثة عقود- وهي أن رجل المرور، سأل أحد المتقدمين لطلب «رخصة قيادة» قائلاً: (إذا فوجئت بتعطل المكابح -الفرامل- وأنت على مقربة من الإشارة الحمراء وأمامك سيارات.. ماذا تفعل؟ فأجاب السائق «أستخدم فرامل اليد»، فقال له: وإذا فوجئت بأنها هي الأخرى عطلانة؟، فقال السائق: «انحرف يميناً أو شمالا»، فرد عليه: «ولو حصل أن على يمينك وشمالك سيارات»؟ فما كان من السائق وهو يواجه مثل هذه الأسئلة التعجيزية إلاَّ أن أجاب: «أركب على اللي قُدامي»!..). وقد عجبت- في الأسبوع الماضي- من تصرّف أحد سائقي إحدى المركبات الخاصة بالمرور، إذ ظلَّ يطلق نفيراً شبيهاً بصوت نفير عربات الإسعاف، وهو يعلم أنّ كل من حوله وأمامه وخلفه لا يستطيعون تسهيل مروره، فهم مثله، لديهم مهام، وأعمال، ويتمنون أن يصلوا إلى مخرج يقيهم شر ذلك الزحام، وليس بمقدورهم حتى أن يفسحوا لسيارة إسعاف تحمل مصاباًَ لإيصاله بسرعة إلى أقرب مستشفى، ثم ما هو داعي «النفير» في سيارة المرور؟! من الصعب أن تجد سيارة الإسعاف، أو حتى سيارة المرور، ممراً خاصاً بها في الساعة الثانية عشرة ظهراً في شوارع مثل شارعي «التحلية وفلسطين» في جدة، وما للذين لديهم «طوارئ» إلاّ ركوب «الهليكوبتر».. هي فقط التي بمقدورها أن تتخطى متاعب الزحام وتصل إلى وجهتها دون «نفير»..! إن الحسنة الوحيدة التي تركها الحكم الشيوعي في دول الاتحاد السوفيتي- سابقاً- هي النظام المروري، والذي يأتي من ضمنه تخصيصه لمسار خاص يتوازى مع الطرق العامة، وملتصق بها، لا تشغله المركبات العامة، ولا يستخدمه سوى كبار المسؤولين والمواكب الرسمية، إلى جانب سيارات الإطفاء والإسعافات فقط، وحتى مع اكتظاظ السير فإن المواطنين هناك يحترمون هذه التعليمات، وتجد هذا المسار خالياً من المركبات العامة.. من الصعب هنا أن يلتزم سائقو المركبات بتعليمات «الخط الأصفر»، ومن الصعب عليهم كذلك أن يفسحوا الطريق لعربات الإطفاء والإسعافات، وأن يذعنوا ل»نفير» مركبة رجل المرور، لأنّ الطرق غير سلسة، يعكر صفوها الإصلاحات، والترميمات، والتحويلات، والشاحنات التي تبتلع معظم مساحات المسارات، إضافة إلى الحوادث التي تُعطّل الحركة وتصيبها بالشلل التام علاوة على الزحام المنقطع النظير، مطلوب من الإدارة العامة للمرور أن تستفيد من تجارب إدارتي المرور في كلٍ من «طوكيو» و»شانغهاي» في كيفية تغلبها على الزحام قبل أن تأتي طلائع نصفنا الآخر بأرتال أخرى من السيارات «الفوشي» ويزدن «الطين بلة»! وإذا كانت بعض المدن تغرق في «شبر ماء» فإن الطرق تُقفل عند «حادث» حتى وإن كان بسيطاً، وأمام كل هذه المعضلات فإنّ «النّفير» في ظل هذا الزحام لا يقابله إلاّ «الشّخير»..!