يعيش المُسعفون في فرق الهلال الأحمر بين مطرقة الوقت المهم في عملية الإنقاذ، وسندان التعامل مع الزحام المروري والتجمهر عند الحوادث، الذي يدخلهم أحياناً في دوامة المساءلة والتوبيخ بسبب التأخير، وفي بعض الأحيان يجعلهم يدفعون غرامات تصل إلى مبالغ مالية ضخمة جراء تعرض سيارة الإسعاف إلى حوادث مرورية قد ينتج عنها إصابات وخسائر بشريه ومادية، خاصةً أن المسعف ومركبته ليسا تحت نظام التأمين، وبالتالي حمايتهم من الخسائر عند وقوع حوادث خارجة عن إرادتهم. نحتاج إلى مضاعفة الكوادر العاملة في الميدان وتوعية السائقين خلف سيارة الإسعاف ويشكو عاملون في قطاع الإسعاف من تدني ثقافة المجتمع في التعامل مع الحالات الإسعافية كفتح المسارات في الطرق، وإفساح المجال لهم لأداء مهامهم دون مطاردة من بعض المركبات، التي تستغل عبور الإسعاف لقطع الإشارات والتجاوزات الخطرة ما يعرض حياة الكثيرين للخطر، وعلى الرغم من الجهود الواضحة والمبذولة من قبل هيئة الهلال الأحمر السعودي إلاّ أن هناك حاجة ماسة لمضاعفة الكوادر العاملة في قطاع الإسعاف، حيث لا يمكن أن يُقدم مسعف واحد وسائق الخدمة المطلوبة، لانشغال الثاني في قيادة المركبة فيما الآخر يحتاج إلى دعم ومساعدة، خاصةً عندما تواجه الحالة مضاعفات صحية أو عند تواجد إصابات عديدة في مكان واحد. نحتاج إلى مضاعفة الكوادر العاملة في الميدان وتوعية السائقين خلف سيارة الإسعاف وعي مفقود وأكد مسعفون على أنهم يكتشفون عند توجههم لإسعاف حالات منزلية أن الموضوع لا يتعدى رغبة مريض بالذهاب إلى المستشفى لحضور موعد طبي لا يستدعي تحريك سيارة فريق من الهلال الأحمر، والدليل على ذلك أن المريض يعود بعد أن ينهي مراجعته الطبية مستخدماً سيارة أجرة بلا أي ضرر عليه سوى دفع قيمه المشوار. وقال "ياسر العباد" -مُسعف-: إن هناك العديد من المواطنين يطلبون سيارة إسعاف بداعي وجود حالة طارئة، إلاّ أن المسعفين يكتشفون عكس ذلك، وهو ما يسبب في كثير من الأحيان تعرض آخرون هم أحق بتواجد فرق الإسعاف إلى مضاعفات صحية خطيرة من جراء انشغال الطاقم بحالات تفتقد إلى ثقافة الوعي المتمثلة بطلب إيصال مريض إلى موعد مراجعة في المستشفى، أو من خلال طلب تقديم استشارة طبية يفترض منهم الحصول عليها من الأطباء الاستشاريين وليس من المسعفين، مضيفاً أنه لا يستطيع رفض إيصال الحالة من المنزل للمستشفى حتى وإن كانت لا تستدعي تدخل الهلال الأحمر، حيث يكتب بعد ذلك تقرير يوضح أن البلاغ غير صحيح، حتى تؤدي الجهات المسؤولة دورها وفق ما يقتضيه الأمر. رحلة الإسعاف وما أن يتم وصول بلاغ إلى غرفة عمليات الهلال الأحمر حتى يستنفر العاملون لإطلاق فريق الإسعاف للتوجه إلى الموقع المطلوب، فيما يحاول المسعفون أن لا تزيد مده تعاملهم مع الحالة في الموقع عن (10) دقائق في حال كانت إصابة واحدة ولا يوجد أي معوقات تمنع من رفع المصاب إلى سيارة الإسعاف ونقله إلى أقرب مستشفى. سباق مع الزمن لإنقاذ حياة الآخرين وأوضح "فيصل العنزي" -مُسعف- أن بعض الحالات الطارئة يكون فيها أكثر من مصاب مما يستدعي من الفرقة الأولى التي وصلت إلى الموقع فرزها وتقديم الإسعافات اللازمة لها، إلى أن تصل فرق الدعم الأخرى، التي تباشر في حال وصولها نقل المصابين، مضيفاً أن رحلة المسعف من المركز إلى الموقع ومن ثم إلى المستشفى يتخللها الكثير من التحديات والمعوقات كملاحقة الفضوليين، وغياب المسارات المخصصة لسيارات الطوارئ كالإسعاف والدفاع المدني، إضافةً إلى لتجمهر الذي يُعد أحد أكبر المشاكل التي تواجه المسعف الذي يسابق الزمن وينظر لكل ثانية بأهمية بالغة، كونها قد تنقذ حياه إنسان على قارعة الطريق، ذاكراً أن بعض المتجمهرين لا يكتفون بإعاقة الوصول فقط، بل يتمادون باتهام المسعفين بالتأخر والتقصير في العمل، وهو ما يؤدي في كثير من الأحيان إلى حقن الأجواء المتوترة أصلاً بسبب وجود مصابين يحتاجون للتعامل العاجل لإنقاذهم. تعامل حذر في نقل المصابين فتح المسار وأكد "شوعي حمد" -سائق إسعاف- على أن تجاهل سائقي السيارات للنداء المتكرر عبر مكبر الصوت وكذلك دوي صفارة الإسعاف، يؤدي بلا شك إلى تأخر الوصول للموقع المطلوب أو للمستشفى بعد إسعاف الحالة، مضيفاً أن بعض السائقين يحاول فتح مسار لسيارة الإسعاف، إلاّ أن هناك من لا يتمكن من ذلك بسبب عدم تجاوب آخرين يخشون من قطع الإشارة الضوئية لوجود سيارات قادمة وبسرعة عالية ولا يعلمون بوجود حالة طارئة، ذاكراً أن تواجد رجال المرور عند الإشارات الضوئية يساهم بشكل كبير بسرعة وصول الإسعاف للموقع من خلال فتح المسار المستخدم، مبيناً أن ذلك لا يتوافر دائماً، موضحاً أنه يتخلل عبور سيارة الإسعاف للتقاطعات الحيوية الكثير من المخاطر حتى مع وجود دوي صفارة التحذير بعبور مركبة الإسعاف. فيصل الدوسري تحمل التكاليف وأكثر ما يخشاه سائق سيارة الإسعاف هو تعرضه إلى حادث مروري بسبب تجاهل بعض السائقين لصوت صفارة الإسعاف، أو أثناء التجاوزات الخطيرة، حيث إن هناك من يُلاحق سيارات الإسعاف بهدف تجاوز الإشارة الحمراء أو للإفادة من فسح المجال الذي تحصل عليه في الطرق المزدحمة، وقد يتحمل سائقو سيارات الإسعاف تكاليف تصليح المركبة في حال تعرضها إلى حادث مروري رغم حرصهم الشديد على الإفادة من الوقت لإسعاف الحالات، وقد يصل ذلك إلى دفع تعويضات أو ديّات عند وجود خسائر مادية أو بشرية في الحوادث. وتواجه أكثر من جهة ومن ضمنها الإسعاف عند ورود بلاغ عن وجود شخص يشكو من اضطراب نفسي ويكون مجهول الهوية، حيث إن التعامل مع مثل هذه الحالات يحتاج إلى مختصين على دراية في كيفية امتصاص غضبه والمحافظة على صحته وسلامته، حيث تفشل في كثير من الأحيان محاولات احتوائه والسيطرة على تصرفاته، التي قد تعرضه وتعرض المسعفين إلى خطر الإصابات، خاصةً عندما يكون عدائياً ويحمل في يده أدوات حادة. ياسر العباد توفير مُختصين وطالب "فيصل الدوسري" -مُسعف- بتوفير مختصين للتعامل مع الحالات النفسية في الطرق أو حتى المنازل للمحافظة على سلامتهم وسلامة العاملين في قطاع الإسعاف أو الشرطة، الذين يتعرضون أيضاً للعديد من الإصابات خلال محاولتهم للسيطرة على المرضى، مضيفاً أن سيارة الإسعاف أيضاً لا تساعد على حمل المصابين بحالات نفسية، حيث يحتاجون إلى توفير سيارات لا تحتوي على معدات كثيرة داخل المقصورة، التي قد تتعرض للتلف من جراء الحركة الزائدة لمثل هذه الحالات الفاقدة للتركيز، وهو ما يعرضهم في نفس الوقت لإصابات جسدية. شوعي حمد تأهيل وتدريب واهتم المسؤولون في هيئة الهلال الأحمر السعودي برفع كفاءة المسعفين وجعلهم على أهبة الاستعداد لتقديم الخدمة في كافة الظروف المكانية والزمانية، من خلال عدة برامج ودورات. وأوضح "يحيى علي الزهراني" -مدير إدارة التدريب بهيئة الهلال الأحمر السعودي في المنطقة الشرقية- أن كافة المسعفين والأطباء يتحصلون على العديد من البرامج والدورات والمحاضرات الخاصة على مدار السنة، مضيفاً أن لديهم عددا من البرامج التي تعقد في مركز التدريب وتستهدف المسعفين والأطباء، أهمها الدورات التنشيطية الدورية المتعلقة بأهم الحالات الإسعافية التي يواجهها المسعف خلال عمله، وكذلك دورة دعم أساسيات الحياة (القلب والتنفس والدماغ) -BLS- ومدتها يوم واحد، وتشمل إنعاش القلب الرئوي للبالغ والطفل والرضيع، وكيفية ومعدات إعطاء التنفس الاصطناعي، إضافةً إلى استخدام جهاز "مزيل الرجفان البطيني" -الاختناق-، وأهم الحالات المرضية التي تراجع الإسعاف، إلى جانب دورة "دعم حياة المصابين ما قبل المستشفى -BHTLS- ومدتها يومان وتعقد بالتنسيق مع المركز العام بالرياض، وكذلك دورة "دعم الحياة القلبية المتقدم"، و"دعم حياة المرضى المتقدم"، فيما تهتم دورات أخرى مكثفة للمسعفين لمراجعة أخطائهم التي قد يرتكبها المسعف من خلال دراستنا للتقارير الإسعافية. يحيى الزهراني برامج مُتخصصة وأكد "الزهراني" على أن هناك برامج متخصصة للأطباء العاملين في المراكز أو فرق المساندة "ميدك"، التي تكون مسؤوليتها الوصول إلى الموقع بشكل أسرع من سيارة الإسعاف، من خلال مركبة "تاهو"، مجهزة طبياً لإسعاف الحالات الحرجة قبل وصول سيارة الإسعاف لنقل الحالة للمستشفى، حيث يتحصل الأطباء وهم أخصائيون ومتمرسون بطب الإسعاف والطوارئ على عدد من الدورات والبرامج المشتركة مع المسعفين، إضافة إلى ترشيحهم لدورات متخصصة تحمل اسم "دعم حياة المصابين المتقدم"، ومدتها ثلاثة أيام، وتعقد في مستشفيات الحرس الوطني، إضافةً إلى برنامج "دعم الحياة للمصابين ما قبل المستشفى"، مؤكداً على أن الأطباء يحضرون العديد من المحاضرات التثقيفية التي تعقد في مراكز الهلال الأحمر، حيث يتم مناقشة العديد من القضايا الإسعافية، لرفع كفاءتهم وكفاءة المسعفين على حد سواء.