ثمة مفارقات تجمع مركاز العمدة كظاهرة مكية أضحت تتوارى عن الأنظار نسبيًّا يومًا بعد آخر باستثناء البعض الذين لازالوا يحرصون عليه كنقطة تجمع لإثراء الحوار بين الأجيال، ويحظى مركاز العمدة بمكانة خاصة في قلوب أهالي مكةالمكرمة، حيث ارتبط بإيجاد الحلول للعديد من مشكلات الحي، وبحث أساليب تطويره، إضافة إلى النقاش حول فقراء الحي، وإمكانية حصرهم ليتسنى مساعدة هذه الشريحة التي يعتبرها العمدة تحت إشرافه، وهو المعني بالبحث عمّن يقدم لهم العون. يقول عمدة الهجلة محمود بيطار إن مركاز العمدة أحد أهم المجالس التي يجتمع فيه معظم أبناء الحي للتحدث والنقاش في مختلف الأمور التي تهم أبناء الحي ويرتاده الجميع من مختلف الأجيال لإثراء الحوار، فيما يقول عمدة حي العتيبية عبدالله الانصاري إن المركاز الخاص بعمدة الحي جلسة تواد وأخوة تجمع الكل لمساعدة الجميع من أبناء الحي. ويقول عمدة حي شعب عامر هيزع العبدلي: مكة اشتهرت بمركاز العمدة عبر التاريخ خاصة خلال شهر رمضان الذي تتجلى فيه الأجواء الروحانية، مشيرًا إلى أن العمدة يحظى باحترام واسع من قِبل الأهالي، والمركاز مكان يجذب كبار السن الذين يسترجعون الذكريات، كما يستهوي الشباب ممّن يرغبون في التعرف على أوضاع الحي، وتقديم العون إذا طُلب ذلك. يقول الباحث الاجتماعي الدكتور إبراهيم السلمي إن نظام العمد عرف في المنطقة الغربية أكثر من غيرها، وتفاعل معه المجتمع بشكل كبير، ولا يزال له مكانته في تلك المناطق، وقلّما تجد سكان حي لا يعرفون موقع العمدة الذي يُعدُّ مرجعًا هامًّا لمجتمع الحي برمّته، سواء البسطاء، أو الوجهاء. وأضاف السلمي إن مكة بها أحياء تمددت شرقًا وغربًا، ولكن أشهر وأقدم الأحياء هي أجياد والقشاشية وسوق الليل والشامية والقرارة والنقا وشعب بني عامر وشعب علي والمسفلة والمعابدة وجرول والعتيبية. وعمدة كل حي وعبر مركازه يتولى متابعة شؤون سكان الحي، والفصل في نزاعاتهم والمشاركة في مناسباتهم.