لم يزل المتخصصون في الإرهاب مختلفين في التوصل إلى تعريف جامع مانع للإرهاب ، و السر في ذلك الخلاف المستديم هو تحيز «الخبراء» الواضح للثقافة الغربية و إستمراء ازدواجية المعايير عند الحكم على عمل ما بأنه إرهابي أو لا و ذلك حسب هوية مرتكب الجرم أفراداً كانوا أو مجموعات أو دولاً ، فبعض التصرفات السابقة و الحالية التي أنتهجتها عدد من الدول الغربية في حروبها تندرج دون ريب تحت التعريف البسيط للإرهاب القائل بأنه : ممارسة القتل و العنف و التهديد ضد المدنيين الأبرياء المسالمين لتحقيق أهداف سياسية أو عسكرية أو مكاسب مادية. من أمثلة تلك الأعمال قيام بعض الدول الغربية بقتل مئات الألوف من المدنيين العزل بالقنابل الذرية في لمح البصر ، أو بقتل الألوف بل الملايين على مدى طويل بأعداد هائلة بأنواع من القنابل القاتلة للجموع كقنابل الوقود الكبيرة التي تقتل كل شئ ضمن دائرة فعاليتها ، أو أستخدام الفسفور الأبيض و غيره من الأسلحة المحرمة ضد التجمعات المدنية ، أو بأستخدام الطائرات الموجهة في 6 من دول العالم العربي والإسلامي دون تمييز في «الحرب الأمريكية ضد الإرهاب» بينما تؤكد الإحصاءات أن 90% من ضحايا تلك الطائرات المقاتلة التي تدار عن بعد هم من المدنيين المسالمين العزّل. ومن أسباب الإصرار الغربي على تمييع تعريف الإرهاب و استمراء الإعلام الغربي لذلك هي الأجندة الخفية لأدلجة بل و «أسلمة» الإرهاب من خلال نشر ثقافة «الإسلامو فوبيا» التي هي في حقيقتها مؤامرة لنشر الكراهية في العالم و خصوصاً الغربي ضد الإسلام و المسلمين الهدف الأعلى النهائي منها حفز العالم على التغاضي عن الفظائع التي يرتكبها اليهود و دولتهم إسرائيل من القتل المتواصل للمدنيين الفلسطينيين و نهب الأراضي الفلسطينية و تجاوز كل الإعتبارات الأخلاقية و القانونية العالمية لتلك الممارسات الإجرامية ، أي أن الهدف هو اتخاذ «الإسلامو فوبيا» كآلية خداع لتبرير إرتكاب الفظائع ضد المسلمين دون نكير. في عقب تفجيرات أوسلو يوم الجمعة قبل المنصرم 22 يوليو 2011 م انتشرت سريعاً في الإنترنت و في الإعلام الرئيسي التخرصات عن هوية من يقف وراء تفجير المجمع الحكومي بالعاصمة أوسلو و استهداف مكتب رئيس الوزراء النرويجي الذي أودى بحياة 76 شخصاً و لماذا ؟ على يد متطرف يميني مسيحي أبيض البشرة من أصول عرقية أوربية صرفة للتحذير من خطر الإسلام حسب اعترافات الجاني و طبقاً لأجندته المنشورة على الشبكة ، انتشرت التخرصات عن هوية من يقف وراء ذلك العمل الإرهابي الشنيع و لماذا ؟ و جاءت تخمينات «خبراء الإرهاب» الذين هم في غالبيتهم رجال من العرق الأبيض و من ذوي الخلفيات العسكرية و الرسمية الحكومية بتوجيه التهمة بادىء الرأي نحو «الجهاديين» المسلمين كما فعل على سبيل المثال «الخبير» ويل ماكانتس و هو أستاذ جامعي يعمل بجامعة جون هوبكنز الأمريكية و يصف نفسه بأنه من كبار المستشارين السابقين في مكافحة التطرف العنيف بالولايات المتحدة الذي بادر الى نسبة تفجيرات أوسلو إلى مجموعة غير معروفة سماها ( أنصار الجهاد العالمي ) ، و لم تتوان صحيفة نيو يورك الأمريكية في تلقي تلك النسبة المريبة و نشرها بدورها للعالم في تقرير صحفي جاء فيه ( تركز التقارير الأولية الصادرة عن بعض خبراء الإرهاب بأن مجموعة من المتشددين الإسلاميين و بالتحديد مجموعة أنصار الجهاد العالمي قد تبنت العمل الإرهابي بأوسلو ) ، و يتمثل بالطبع خطر نشر هذه التخرصات المغرضة في أنها تتسبب في أضرار حقيقية للصورة الذهنية العالمية عن المسلمين في العالم و نشر الخوف منهم و الكراهية لهم في المجتمعات الأخرى و نسبة الإرهاب المؤدلج للإسلام بطريقة يصعب إزالة آثارها حتى بعد ظهور الحقيقة بجلاء. يمثل ذلك التوجة المتعصب السقيم من المبادرة بوسم المسلمين بأي عمل إرهابي بدايةً جانباً من ازدواجية المعايير ضد المسلمين و إحداث الضرر المطلوب و لو جزئياً و وصف الإسلام ذاته و ليس فقط المتطرفين المسلمين بأنه دين عنف ، و جانب أخر من إزدواجية الإعلام الغربي تتمثل في صرف الأذهان عن هوية الإرهابي و دوافعه عندما يكون من بني جلدتهم كما هو ( أندريس بيرينغ بيرفيك ) فبدلاً من التركيز على هويته كمتطرف يميني مسيحي أبيض البشرة يعتقد ضمن ما يعتقد بوجوب شن حروب صليبية طويلة ضد المسلمين إمتداداً للحروب الصليبية الأولى لدفع خطر الهيمنة الإسلامية القادمة إلى أوربا و إصراره على ذلك و عدم تراجعه عن تصريحاته كما فعل جورج دبليو بوش ، و ركز الإعلام الغربي على كراهية الإرهابي بيرفيك للهجرة و المهاجرين العرب و المسلمين للغرب و كراهيته للتعددية الثقافية. يشجع انتشار كل تلك الإزدواجية في المعايير ظهور بيئة سياسية في أوربا مثلاً مشجعة على إنتشار و قبول التطرف اليميني و الأحزاب اليمينية المضاد للتعددية الثقافية كما يبدو واضحاً من تصريحات عدد من القيادات الأوربية كمثل رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون ، و الرئيس الفرنسي نيوكولا ساركوزي ، و رئيسة الوزراء الألمانية أنجلا ميركيل التي صرحت بأن التجربة قد أثبتت الفشل الذريع لفكرة التعايش الثقافي التعددي. و يبدو حتى عندما يصدر من المتطرفين اليهود في إسرائيل أو المتطرفين المسيحيين في أوربا الأعمال الإرهابية التي تستهدف المسلمين بشكل مباشر أو غير مباشر كما هو الحال بالنسبة للعمل الإرهابي لتفجيرات أوسلو الذي يؤيد مرتكبه إسرائيل بشكل جلي و واضح كما جاء في أجندته ذات ال 1,500 صفحة منشورة على الشبكة العنكبوتية ، هو تغاضي الإعلام الغربي مدعوماً بالمناخ السياسي المواتي عن هوية الإرهابي عندما يكون غربياً و الإنحاء في مثل تلك الحالات باللائمة على الضحية و هي هنا الجالية المسلمة في أوربا أولاً و الإسلام و المسلمين عموماً ، و ما دام هذا هو التوجه الغربي فلا بد أن يصل العالمان الإسلامي و الغربي إلى النتيجة الحتمية التي يقودهما إليها التطرف اليميني المسيحي من مسار صدام الحضارات مهما دس العرب والمسلمون رؤوسهم في الرمل تفادياً لتلك النتيجة الحتمية بدلاً من محاولة تغيير مسارها أو حتى الاستعداد لها. ( و ربنا الرحمن المستعان على ما تصفون ). [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (42) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain