* تمر العلاقات التركية -الإسرائيلية بمرحلة توتر لم تشهدها طوال تاريخها الماضي منذ قيام دولة إسرائيل في 14 مايو من عام 1948م واعتراف الجمهورية التركية بها كواحدة من أوائل الدول التي فعلت ذلك. هذا التوتر أثار تساؤلات المراقبين خاصة وأن العلاقات التركية - الإسرائيلية كانت ودية وتحالفا في العديد من المجالات بما فيها المجال العسكري فقد كانت الطائرات الإسرائيلية تستخدم المجال الجوي التركي للتدريب والمناورات والمشاريع العسكرية المشتركة. * الود الذي كان سائداً مسيرة العلاقات التركية - الإسرائيلية كانت له أسبابه المتنوعة منها الجفاء التركي العربي المتبقي من نهاية حقبة الحكم العثماني وتصادم القوميتين العربية والطورانية إضافة إلى الخلافات العربية التركية نتيجة النزاع ما بين تركيا والعراق وسوريا بسبب الحدود والمياه وهو ما دفع تركيا إلى التحالف مع إسرائيل وأجبر العرب على تأييد اليونان في خلافه مع تركيا سواء فيما يتعلق بالمسألة القبرصية أو غيرها من المسائل العالقة من العهد العثماني الخاصة بالحقوق الدينية لليونانيين وأملاكهم في شواطئ بحر ايجة والنزاع على ملكية بعض الجزر في هذا البحر. * هذا التاريخ الفاتر في العلاقات العربية - التركية والودي في العلاقات التركية-الإسرائيلية هو ما جعل كثيرين يستغربون من التحول الأخير للعلاقات التركية الإسرائيلية ويتخوف البعض من أن يؤدي ذلك إلى قطيعة بين الاثنين ليس في صالح إسرائيل، خاصة وأن العام الماضي شهد تصعيداً خطيراً في موقف كل من الأتراك والإسرائيليين تمثل في رفض رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان إعادة العلاقات إلى سابق عهدها والمصالحة مع إسرائيل الا أن تعتذر إسرائيل عن مهاجمتها للسفينة التركية «مرمرة الزرقاء» وتدفع تعويضات لأهالي الضحايا الأتراك الذين قتلوا على يد القوات الإسرائيلية بعد مهاجمتها للسفينة ضمن قافلة «الحرية» في شهر مايو من العام الماضي 2010م. كما اتضح أيضاً في الرد غير المهذب لوزير الخارجية الإسرائيلي افيغدور ليبرمان حينما اتهم أردوغان بأنه »أوصد الباب أمام المصالحة.. وأنه يريد فقط إهانة دولة إسرائيل وتقويض مكانتها الدولية والإضرار بوضعها في المنطقة» بل وصل الاستهزاء بليبرمان إلى القول في شكل تهكمي: «أنا مندهش أنه -يقصد أردوغان- لم يطلب أيضاً أن نحدد سناً لتقاعد النساء - يقصد في إسرائيل». * عند المقارنة ما بين ماضي العلاقات التركية - الإسرائيلية يندهش كثير من المراقبين لما كان ولما هو قائم ويعزون ذلك إلى أن الحكومات التركية السابقة كانت ترى - لمصالحها الذاتية - أن ودية العلاقات ودفئها مع إسرائيل يحقق لها مكاسب إقليمية ودولية خاصة إبان الحرب الباردة والخوف التركي من العدو التقليدي الاتحاد السوفيتي وأن التباين الحالي إنما هو نتيجة لتولي حكومة ذات توجه إسلامي ترى أن اقترابها من المحيط العربي الإسلامي أكثر نفعاً وتحقيقاً للمصالح التركية. * في هكذا تحليل ورؤية كثير من الصحة ولكني أرى أن الأكثر دقة هو أن حكومة أردوغان وحزب العدالة والتنمية يرون في سياساتهم الخارجية أن أهم مرتكزاتها هو «المعاملة بالمثل» بغض النظر عن الطرف المقابل إسرائيلي، أوروبي، أو عربي. وهي رؤية براغماتية واقعية تتناسب مع التوجهات التركية التي يقودها أردوغان وحكومته.. فاعتداء إسرائيل على السفينة «مرمرة الزرقاء» أصاب الاعتزاز التركي في مقتل أحرج حكومة أردوغان أمام الشعب التركي. كما أن إصرار حكومة نتانياهو واللغة المتعالية لوزرائها خاصة ليبرمان تجبر أردوغان وحكومته على التشدد ودفع إسرائيل إلى الاعتراف بالخطأ والاعتذار عنه وتعويض أهالي الضحايا وهي كلها حتى الآن ترسم صورة إيجابية للحكومة التركية وتثير القلق داخل إسرائيل لأنه كما أشار تسفي هاوزر أمين مجلس الوزراء التركي أن «تحسين العلاقات مع تركيا في مصلحة إسرائيل ونأمل التوصل إلى صيغة تسوية». فاكس: 6718388 - جدة [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (10) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain