ترتيله البدء مرحباً سيّد البيد ستموت النسور التي وشمت دمك الطفل يوماً وأنت الذي في عروق الثرى نخلة لا تموت أنا نصبناك فوق الجراح العظيمة حتى تكون سمانا وصحراءنا وهوأنا الذي يستبد فلا تحتويه النعوت؟ ستموت النسور التي وشمت دمك الطفل يوماً وأنت الذي في قلوب الصبايا هوى لا يموت.. محمد الثبيتي.. اسم فريد وعلامة فارقة في الشعر السعودي العربي المعاصر، ولا أظن يوماً قريباً سيخرج من بطن الجزيرة شاعراً بروعة محمد.. وبدهشته حين يلقي القصيدة.. بل أن أحدهم أقسم لي عندما زرت وإياه (محمد) وهو يرقد في بداية وعكته: (إن العربية لم تلد شاعراً بعد أبي الطيب مثل الثبيتي).. وعندما التقيت (محمد) مساء البارحة وجدته محمد آخر غير الذي قرأته صدفة قبل 25سنة.. وليس هو الذي التقيته طفلاً في السادسة من خلال حديث بين شابين كانا يتحاوران عن محمد وشعره وقصائده المنشورة تلك في الفترة.. ورغم قراءتي لمحمد بين الفينة والأخرى، لأستزيد حباً له.. ولشعره، أجد محمد مختلفاً في كل قراءة، لكنني عندما سحبت خطاي نحو «تحية لسيّد البيد) في ذلك المعرض الذي يقع على أفخم شوارع جدة.. «ابتسمت في داخلي» وقلت: «كل الأحبة هنا»، وكانت تلك الابتسامة ليست ببعيدة عن عين (حسناء) تتأمل تحية فيصل الخديدي لسيّد البيد..!؟. لقد وجدتهما هناك جميعاً فأحتسيت معهم فناً.. وشعراً.. وأشياء أخرى مباحة. نعم «يا سيدتي» فيصل وسيّد البيد حكاية وضربة معلم.. لقد سِرت وسُررت في معرض «فيصل» وألتقيت سيّد البيد»، كنت أتأمل إدهاشات المدهش «فيصل»، وصوت «محمد» المحشو برائحة التبغ، يتابعني في كل أنحاء المعرض وهو يردد: لله ما تهواه بل لله ما تلقاه.. ظمئان.. تستقي الرمال تصوغ من ألامها قدحاً.. ومن أمالها إبريقًا.. وجدت «م ح م د» مكتوباً بلغة فيصل.. لغة يفهمها من يفهمها.. ويجهلها من يجهلها.. لغة ممزوجة ب هاتها يا صاح.. شقراء التصابي من سنا الأفراح.. والنور المذابي تجلى حولها «الربع» إذا ما شرق الليل بتدليل الرباب. «فيصل»» أيها الأصدقاء فوق موهبته يملك «ذكاء» سيجعله يوماً اسماً فريداً في عالم «التشكيل» وكأن محمد يحاور «الابن فيصل». لي ولك نجمتان وبرجان في شرفات الفلك ولنا مطر واحد كلما بلّ ناصيتي بلللك سادران على الرمس نبكي ونندب شمساً تهاوت وبدراً هلك وفيصل عندما جهّز «قوالبه»، وسكب فيها روحه ممزوجة ب «م ح م د»، كان يراهن على التفرّد، فعندما تعاطينا «محمد» ذات زمن كان «م ح م د» يجرّب لغة «لم تقل»، وكلمات لم تلفظها شفاه، واليوم أجد فيصل يقولب وينحت ويكتب.. بل وجدته ب «محواته» يرسم صورة أخرى للثبيتي.. رسمة فنان.. وتخيّل باحث.. توغل في أعماق النفس «الثبيتية» ليستنطق معاني لم «نقرأها» ولم «نفهمها» إلاّ حين كنت في معرض «فيصل»، ورغم أن المعنى في «بطن الشاعر»، إلاّ أن محمد وفيصل يمضيان إلى المعنى، وكأني اسمع فيصل يردد ويدندن.. أمضى إلى المعنى أمتص الرحيق من الحريق فأرتوي وأعل من ماء الملام وأمرّ ما بين المسالك والمهالك حيث لا يم يلم شتات أشرعتي ولا أفق يضم نثار أجنحتي ثم قلت أما لوحة أخرى ل «فيصل» ماذا لو كان هذا المعرض «المجنون حقاً متزامناً» مع فترة إصدار محمد لديوانه الثالث (التضاريس).. هل تتوقّع أن تسلم من هدر الدم والطرد من القبيلة، أم ستكون بحاجة إلى تزكية من صديقنا «الشيخ أحمد السعدي» لنقسم أنك لا تفارق الجماعة، ونشهد أنك كنت (تمزح). أيا طاعناً في الناي أسلم إذا عثرت خُطاك وأسلم إذا عثرت عيون الكاتبين على خَطاك؟ أني أحدّق في المدينة كي أراك فلا أراك إلا شميماً من أراك وليرحم الرب «م ح م د» وليحفظ الرب «ف ي ص ل» ستموت النسور التي وشمت دمك الطفل يوماً وأنت الذي في قلوب الصبايا هوى لا يموت.