طالبت مجموعة من الباحثين بتغيير تسميات المواد الدينية المعروفة (تفسير، توحيد، فقه، حديث،...) في مناهج التعليم العام وتسميتها بمسميات تعبر عن غايات تدريسها من قبيل (تنشئة، تربية، تفكير،...)، كما طالبوا بأن تنفتح مناهج العلوم الشرعية على مرجعيات جديدة بالإضافة إلى كتابات الشيخ محمد بن عبدالوهاب لتوسيع دائرة النظر واكتشاف مظاهر التنوع والثراء في الفكر الإسلامي لوقاية الناشئة من مخاطر التشدد وأحادية الخطاب. جاء ذلك في دراسة أكاديمية حديثة تحت عنوان (مناهج العلوم الشرعية في التعليم السعودي.. استقراء، تحليل، تقويم)، بحث معدوها -وهم فريق من الجامعيين والخبراء التربويين- من خلالها مواد العلوم الشرعية في التعليم السعودي في المراحل الابتدائية والمتوسطة والثانوية،، مستندين في بحثهم إلى أحدث ما توصلت إليه علوم التربية من نظريات ومقاربات، ومتوسلين بمنهج وصفي تحليلي قوامه جداول وصفية وإحصائية تعتمد معايير ومؤشرات دقيقة بهدف تحصيل نتائج وأحكام تنأى عن الذاتية والانطباعية وتقترب -إلى أبعد حد ممكن- من الموضوعية المطلوبة في مثل هذه البحوث. والهدف من هذه الدراسة -التي أعدها كل من: (محمد بوهلال، ومحمد سخانة، وعزالدين النهدي، ولطفي البكوش، ومختار الزين، وسليمان الصيخان) وأشرف عليها المحامي عبدالعزيز القاسم- هو فهم الرؤية التربوية التي تأسست عليها المناهج والمقررات الدينية في التعليم العام، والوقوف على توجهاتها ومختلف الوسائل والأدوات التي تستخدمها، وتقييم كفاءتها في تحقيق تنشئة متوازنة للفرد تجعله متمسكًا بدينه تمسكًا واعيًا، وتمكنه من الانخراط الإيجابي في مجتمعه وتشجعه على التفاعل المجدي مع الآخر. ويمثل هذا العمل -كما يود القائمون عليه- لبنة أولى من مشروع إصلاحي واسع يطمح إلى بناء رؤية أكثر استجابة لتطلعات القيادة والشعب السعوديين في مجال تدريس المواد الدينية؛ يبدأ بإجراء التقويمات الضرورية، ويفضي إلى وضع تصور جديد للمناهج والمقررات والفلسفة التي تحكمهما. دواعي تقويم المناهج وقد تكونت خطة العمل في هذا البحث من أربعة أقسام؛ جاء القسم الأول مدخلًا نظريًا شرح فيه الباحثون دواعي تقويم المناهج والمقررات الدراسية في التعليم الديني السعودي العام والمرجعيات المعرفية والقيمية والتربوية الديداكتيكية والسيكولوجية والتنظيمية، كما اشتمل على الأدوات الفنية التي حلل بها الباحثون مضامين الوثائق المستهدفة بالتقويم وتوجهاتها. أما القسم الثاني فقد خصص لتقويم مناهج المرحلة الابتدائية ومقرراتها عبر ثلاث خطوات متدرجة؛ الأولى كانت لتقويم وثيقة المنهج، والثانية جملة الكتب الدراسية المقررة للمرحلة الابتدائية، والثالثة دراسة وتمحيص عينة من هذه المقررات وهي كتاب التوحيد والفقه للصف الرابع الابتدائي. والقسم الثالث كان لتقويم مناهج المرحلة المتوسطة ومقرراتها بنفس المنهجية المتبعة في المرحلة الابتدائية وكانت عينة الدراسة هي كتاب الفقه للصف الأول المتوسط. وجاء القسم الرابع لتقويم مناهج المرحلة الثانوية ومقرراتها أيضًا بذات المنهجية المتبعة في المرحلتين السابقتين، وكانت عينة الدراسة هي كتاب الحديث والثقافة الإسلامية للصف الثالث الثانوي من قسم العلوم الشرعية والعربية. ثم ختم البحث ببيان النتائج العامة التي أفضت إليها الدراسة التقويمية في مختلف المراحل والجوانب وتقديم عدد من التوصيات. كفاءة النظام التربوي وفي تفاصيل البحث ذكر الباحثون دوافعهم في تقويم هذه المناهج والحاجة المتزايدة إلى رفع كفاءة النظام التربوي وتطويره حتى يواكب التحولات العميقة التي تشهدها المجتمعات المعاصرة وتأثراتها في أنماط الحياة وأساليب التفكير، كما أن العصر يتضخم فيه حجم المعارف والعلوم بشكل لم يسبق له مثيل في التاريخ، وتتجدد المضامين وتتنوع مصادر المعرفة بحيث لم تعد المدرسة المصدر الوحيد لها. كما أن تطور أنماط التفكير ومناهج التحليل قادت إلى ظهور أسئلة جديدة ذات طبيعة مقاصدية ومنهجية أهمها: لماذا أعرف؟ وكيف أعرف؟ وبماذا أعرف؟ إضافةً إلى السؤال التقليدي الذي هو مدار اهتمام المدرسة طيلة العقود السابقة: ماذا أعرف؟ هذه الأسئلة الجديدة أسهمت في تراجع نموذج التعليم وبروز نموذج التعلم وتفعيل الطرائق والأدوات المناسبة له. أما عن (ماذا نقوّم؟) فقد تناول الباحثون كل من: وثيقة منهج مواد العلوم الشرعية للمرحلتين الابتدائية والمتوسطة الصادرة عن مركز التطوير التربوي والإدارة العامة للمناهج، ووثيقة منهج العلوم الشرعية للمرحلة الثانوية، والكتب المدرسية المتعلقة بمختلف مواد العلوم الشرعية والمراحل التعليمية. وقد تناولوها من جهات متعددة شكلية ومنهجية وبيداغوجية ومضمونية. وعلل الباحثون استهداف جملة تلك الوثائق وعدم الاقتصار على نماذج من المقررات الدراسية كون المقررات المدرسية في أي منظومة تربوية لا تولد من فراغ وإنما تبنى انطلاقًا من رؤية تربوية مسبقة صريحة أو ضمنية تعبر عنها وثيقة المنهج. معايير التقويم وعن منهجية البحث التي تعتبر معايير لتقويم المناهج فقد تناول البحث بالتفصيل المرجعيات والأطر الفكرية والمنهجية الكبرى الموجهة لممارسة التقويم في هذا البحث؛ وأهمها: المرجعيات المعرفية؛ وتحتوي على على عدة معايير أهمها: تنوع مصادر المعرفة، الاستدلال والبرهنة، التمييز بين الأساس والثانوي من المعارف، ملاءمة المعارف لمستوى المتعلمين، مراعاة واقع المتعلمين وثقافة عصرهم. كذلك المرجعيات القيمية وأهم معاييرها الالتزام بعقيدة الإسلام وشرائعه وآدابه، الاعتزاز بالانتماء والتجذر في الهوية، الفاعلية والمسؤولية، الاعتدال والتسامح، قبول الآخر والتفاعل الإيجابي معه. ثاني هذه المرجعيات: النظريات التربوية والتطبيقية ومدى اعتماد المناهج على أسس نظرية سليمة. ثالثًا: مرجعيات علم نفس النمو الذي يحوي الخصائص السيكولوجية للمتعلمين وانعكساتها التربوية، والملامح المميزة لأطفال اليوم. ورابع هذه المرجعيات التي يستند عليها تقويم المناهج: المرجعيات الفنية وتشمل: الصعوبات التي تعترض واضعي المناهج ومؤلفي المقررات، والخطوات العملية لهندسة المناهج. وتطمح مجموعة البحث من خلال هذه المرجعيات أن لا يكون للآراء المسبقة والمواقف الشخصية تأثير يذكر في مسار هذا البحث ونتائجه النهائية كما لن يكون للارتجال والانطباعية والصدفة مجال في تصور خطة البحث ووضع آلياته. انحراف التخصيصات ومن ضمن نتائج البحث استنتج فريق البحث انحراف تخصيصات مقررات القرآن الكريم عن تدبر المعاني إلى العناية المجزأة بمعاني الكلمات المفردة وصوتيات التلاوة، وأن مقررات الحديث جاءت متماشية مع احتياجات الطلاب، أما مقررات التوحيد فكانت غير متوافقة مع المعايير العلمية لما يتناسب مع مرحلة نمو الطالب في تركيزها على تجريدات كلامية بدلًا من التعامل-وفقًا لهدي الكتاب والسنة- مع قضايا الإيمان البسيطة، ولاحظ فريق البحث فشل مقررات الفقه في التفريق بين الأساسي والتكميلي عند تقديمها للمادة الفقهية. وقد استخلص فريق البحث اختلال تنظيم القيم في المقررات الشرعية للمرحلة الابتدائية، خاصة في قيمتي المسؤولية والاعتدال، ما يؤسس في الطالب معرفة جدالية لا يتخلق معها بمكارم الأخلاق، وتساهم في انقطاعه عن محيطه الإنساني وتفقده التوازن في إدارة الاختلاف والتنوع. تجاهل مقرر التوحيد اكتشف كذلك فريق البحث تجاهل مقرر التوحيد للسنة الرابعة الابتدائية ارتباط السلوك والفعل بالمعرفة العقدية كامتداد للنزعة الجدلية للبناء العقدي لطلاب المرحلة، فقد كانت نسبة حضور توظيف الاعتقاد للعمل لا يتعدى 7% من مكونات المقرر، وبمقارنة هذا الحضور مع ورود المعاني العقدية في القرآن الكريم مرتبطة بالفعل والسلوك ظهر للباحثين إخفاق التعليم في غرس السلوك الصالح في الطالب باستثمار المعاني العقدية. وفي مقرر الفقه وجدت المجموعة الباحثة غياب قيم التزكية الروحية وهي أساس بناء مكارم الأخلاق، حيث لم تحضر سوى في 20% من المقرر، لينغمس الطالب في التفاصيل التقنية الفقهية، وهو جانب من شكلانية التربية الشرعية التي كشفتها الدراسة. وقد كان غياب قيم الانتماء ومحبة الناس عن مقرر التوحيد ظاهرًا في 74% من مكونات المقرر، ما يفسر تعثر التعليم في تكوين أسس الترابط الإنساني في العملية التعليمية. كما لاحظ فريق عمل البحث تحيز المقررات المدرسية إلى الحفظ والاسترجاع مقارنة بالتفكير والاستنتاج، ما يفسر تردي مهارات التفكير والاستقلال الفكري لدى الناشئة، وعلى سبيل المثال أظهر تحليل كتاب الفقه للسنة الأولى المتوسطة أن نسبة أسئلة الاسترجاع حوالي 62% مقارنة بأسئلة الإنتاج التي بلغت 7% ويؤكد هذا اكتشاف الفريق أن الأنشطة المساعدة على بناء الموقف كان صفرًا%، مقارنة بأنشطة التذكر التي بلغت 100% ما يؤكد هشاشة البناء التربوي للمقررات الشرعية من وجهة نظر البحث.
ولتسليط الضوء على موضوع المناهج الدينية وما يكتنف نقدها من محاذير وشكوك، وارتباط هذه المناهج ببعض الظواهر الاجتماعية حاورنا أ.سليمان الصيخان أحد المؤسسين والمشاركين في هذه الدراسة والذي يعمل كباحث ومستشار في المجالات الشرعية والقانونية ومهتم بالشؤون الفكرية.. ودار هذا الحوار: * دكتور أوضحت دراسة لمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية أن حوالي 26% من عمليات البحث في محركات البحث على الانترنت في المملكة تستهدف المواقع الإباحية، هذه نسبة عالية نسبيًا في مجتمع محافظ ومتدين، وإذا ما أخذنا في الاعتبار أن هناك نسبًا تستهدف مواقع غير إباحية لكنها منافية للقيم والأخلاق الإسلامية، فإن النسبة يمكن أن تكون أعلى من ذلك، هل ترى ارتباط بين مثل هذه الإحصائيات، وبين ما ظهر من نتائج دراستكم التي تقرر فشل التعليم في غرس السلوك الصالح وتنمية القيم الروحية في الطلاب؟ - التعليم -خصوصًا المبكر- هو أحد البرامج المؤثرة ولا شك في سلوك الفرد بسبب زرعه للقيم والتصورات التي يصدر منها الفرد في ممارسته الحياتية، وهذا هو ما يسمى لدى بعض المدارس الفكرية «برؤية العالم» أي رؤية تتكون من عناصر ومكونات ذات بعد قيمي يمدنا بالقدرة على الوقوف بموقف أخلاقي تجاه العالم من حولنا، والتعليم الديني أحد أغراضه الأساسية هو بناء رقابة ذاتية داخل الإنسان تساعده على التزام قناعاته الأخلاقية والقيمية المستمدة من الدين كقيمة أخلاقية وتصورية، طبعًا لا شك أن فشل المنظومة التعليمية وانشغالها بتفاصيل لا تعمق ولا تفعل أهدافها الأساسية أو انشغالها بأسئلة لا تملك راهنية كبيرة، هذا يساهم بضعف أو حتى انهيار منظومة الأخلاق لدى الكثير ليس فقط على مستوى المواقع الإباحية بل حتى التعامل الشخصي أيضًا والمعاملات التجارية وغيرها، هذا على المستوى المضموني للمناهج، أما على المستوى الوسائلي فمن المعروف أن ثمة فارق بين التعلم والتعليم؛ فالتعليم يركز على الجانب الكمي وعلى الحفظ للمعلومة، وعلى تجاهل مشاركة الطالب التي تؤدي استيعابه للمادة ليس هذا فحسب، بل أيضًا إلى تفاعله معها ومشاركته في فهمها والبرهنة على صحتها، لا شك أن التعلم هو ما يؤدي إلى ترابط عميق بين المعلومة وبين ممارسة الطالب في حياته اليومية، وهو أشبه ببرنامج تربوي، بطبيعة الحال حين توجد ظواهر مضادة للأهداف المتوخاة من مشروع ما سيدل هذا على فشل هذا المشروع في تحقيق أهدافه. السؤال الديني * وهناك دراسة أخرى لموقع أسبار كشفت أن نسبة اهتمام عالية بالمواضيع الدينية من خلال مواقع الانترنت في الوقت الذي يتعرض فيه الشاب خاصة خلال مراحل دراسته إلى كم كثيف من التوجيهات والمعارف الدينية. برأيك إلى ما تشير مثل هذه الحالة؟ - السؤال الديني سؤال أساسي خصوصًا في البيئات المتدينة كما نحن، وبالتالي فانشغال الإنسان بهذا السؤال أمر طبيعي، وفي حال كون المناهج لا تجيب على الأسئلة الدينية الملحة للطالب فبطبيعة الحال سيقوم بالبحث عنها بنفسه من جهة أخرى؛ فالشبكة المعلوماتية تتيح آراء أخرى ليست متيسرة في المنهج الذي يعتمد كثيرًا على طرح رأي واحد -بسبب فلسفة ما في التعليم- والانحياز في البرهنة إلى مدرسة واحدة في التأويل الديني. حصة المناهج الأخرى * ولماذا التركيز على العلوم الشرعية وكأنها هي سبب تخلفنا.. لم لا تكون مناهج العلوم التطبيقية أو العلمية البحتة هي سبب تخلف الواقع التعليمي؟ - بالتأكيد المناهج قبل أن تكون سببًا في نتائج سلبية على نحو ما فهي نتيجة بذاتها لسياسات سلبية أيضًا، وبالتالي الدينية ليست هي المناهج الوحيدة التي تأثرت بالسياسيات التعليمية السلبية، لا شك أن المناهج الأخرى لها حصتها من الخلل في النتائج ومن مسؤليتها في الإخفاق التعليمي قبل ذلك، وقد تعرضت لنقد من متخصصين، لكن الدراسة هنا تناولت المناهج الدينية لأسباب: أولًا لأهميتها ومركزيتها التي لا تخفى على أحد، وهنا أنوه أن نقد المناهج هو من صالحها بسبب ما يساهم به النقد من تجاوز للسلبيات المتراكمة، السبب الآخر هو أن المناهج الدينية هي نطاق اهتمام الباحثين وليست العلوم التطبيقية. استقراء وتحليل * ذكرتم في مقدمة بحثكم أن البحث لبنة من مشروع إصلاح واسع يفضي إلى وضع تصور جديد للمناهج وفلسفتها، ما هي ملامح هذا المشروع؟ ومن تخاطبون به هل هناك تفويض أو تواصل مع الجهات الرسمية مثلًا لتبني مثل هذه الأبحاث؟ - هذه المحاولة هنا هي استقراء وتحليل وتقويم، المرحلة الثانية يفترض أن تفضي إلى وضع تصور جديد للمناهج والمقررات والرؤية التي تحكمها، ولا شك أن المخاطب به هو المجال التعليمي بكل مكوناته، هي في نهاية المطاف مساهمة تحاول مراكمة نقد واقتراحات وتطوير يعود على النشاط التعلمي في هذه الفترة التي تكاد تكون محل إجماع واتفاق على ضرورة استئناف الاجتهاد وإعادة النظر في أشياء كثيرة وليس فقط المناهج الدينية. زاوية واحدة * ألا تعد مثل هذه البحوث استهدافًا للمناهج الدينية والعمل على زعزعة الثقة فيها، وهي التي تمثل ركيزة أساسية من ركائز المجتمع، وكيف ستواجهون ردات الفعل العكسية إذا وجدت أطراف تشكك في غايات مثل هذه الأبحاث؟ - على العكس تمامًا، القائمون على هذا المشروع يعون أن ثمة منطلقات مختلفة لنقد المناهج الدينية، بمعنى أن هناك نقدًا للمناهج يستبطن نقدًا للدين ذاته أو لوظيفته أو لضرورة حضوره في البرنامج التعليمي، وهي جهات أخرى مختلفة في منطلقاتها وأهدافها، لكن لا يجوز جعل كل ما يمارس نقدًا ذاتيًا في سلة واحدة مع تلك الجهات، لا يصح حشر الجميع في زاوية واحدة، من يقرأ التاريخ العلمي لرموز تراثية كبرى أمثال أبي حامد الغزالي أو ابن تيمية ويرى حجم النقد الذاتي الذي مارساه على المعرفة الدينية يدرك ضرورة هذه الممارسات وضرورة استمرارها، النقد الممارس من الداخل غرضه إبراز المقاصد الكبرى للأصول الدينية وللخبرة التي راكمتها الأمة ثم إلى الحاجة الراهنة لكي تتعمق علاقة الأجيال الناشئة بمصاردها الفكرية ولا تنبت عنها إلى غيرها كما هو الواقع المؤسف، ليس بالضرورة أن يكون هذا البت مرده إلى قناعة فكرية بل غالبًا يكون السبب هو فشل التعليم في إحداث ربط بين ما يتعلمه الطالب وبين ما يواجهه في حياته، ومن يقرأ هذه الدراسة بتمعن وإنصاف سيجد أنها كشفت الكثير من المشكلات بالغة التأثير في هذه النتائج والمخرجات، المناهج ليست معلومات فقط بل هي نظام يبني عقلية مفكرة بطريقة ما، وبحسب جودة هذا النظام وفلسفته المضمرة عنها ستكون عقليات الأجيال وطريقة تفكيرها، الباحث قادر على التمييز بين المضمون(المعلومة ذاتها) وبين طريقة التعليم من جهة أخرى. * وهل تهدفون بمثل هذه الدراسات إلى عملية إصلاح ديني؟ وهل الإصلاح الديني يبدأ بالمناهج الشرعية؟ - لا شك أن الإصلاح الديني غرض رئيس، وما ينبني عليه من إعادة صياغة لعلاقة المعرفة الدينية بالواقع المعاش هو نتيجة لهذا الإصلاح، وهو واجب ديني وحضاري ولا شك.