عندما يتكرر مشهد يحمل في طياته مشاعر الإحباط وخيبة الأمل أمام المواطن الفلسطيني، فإن ذلك يصبح في حد ذاته مدعاة للألم والحسرة، وهو ما يمكن أن توصف فيه مشاعر الشعب الفلسطيني على إثر تلقيه نبأ تأجيل لقاء عباس - مشعل أمس الأول إلى أجل غير مسمّى، بعد أن كان يعول على هذا اللقاء بأن يضع اتفاق المصالحة الذي تم في الرابع من مايو الماضي موضع التنفيذ. اللافت أن التأجيل (الثاني) جاء رغم خطابي زعيمي فتح وحماس في القاهرة الشهر الماضي بمناسبة التوقيع على اتفاق المصالحة بأنه لا بديل عن التوافق، الذي يعني بديهيًّا التوافق على مرشح الحكومة وأعضائها كمؤشر أولى للنوايا الحسنة، وهو ما يفرض السؤال تلقائيًّا: وماذا يعني هذا التأجيل فلسطينيًّا وإقليميًّا ودوليًّا؟ يمكن القول أن التأجيل يعتبر بمثابة تأخير لإنهاء ملف الانقسام الفلسطيني، وإضعاف القضية الفلسطينية في المجمل، وهو ما تنتظره إسرائيل للمضي قدمًا في استكمال مخططاتها الاستيطانية في الضفة الغربية، والقدسالشرقية، واستمرار حصارها على غزة. إقليميًّا، يرتبط التأجيل برهانات البعض على قوى إقليمية لا تخفي مصالحها في استمرار الانقسام وإبقاء المصالحة بشكلها النظري فقط. أمّا على الصعيد الدولي، فإن التأجيل يعني أن الفلسطينيين سيتوجهون إلى الأممالمتحدة وهم في وضع العجز عن توحيد صفوفهم، وهو ما يعني أيضًا عدم إمكانية نيل الاعتراف الدولي بدولة فلسطينية لا يعترف أحد شطريها بالشطر الآخر. إن أخطر ما في الأمر أن القيادة الفلسطينية، فتح وحماس، لم تعودا -بعد الخلاف على التوافق بشأن رئيس الحكومة- تتمتعان بالمصداقية إزاء شعبيهما، كما أن تلك القيادة خيبت أمل القاهرة بعد أن سبق، وأن خيبت أمل الرياض عندما تنصلت من التزاماتها إزاء اتفاق مكة الذي تم توقيعه بجوار بيت الله الحرام. يبدو من الواضح الآن أن أي طرف عربي آخر يفكر في إجراء وساطة جديدة أخرى سيفكر ألف مرة قبل القيام بهكذا وساطة، وهو ما سيجعل القيادتين تواجهان بمفردهما موقفًا صريحًا ومكشوفًا: الخيار بين المصلحة الحزبية الضيقة، أو المصلحة الوطنية التي تعني الحرية والاستقلال والإرادة السياسية التي تنشد إنهاء الانقسام والاحتلال وقيام الدولة الفلسطينية القابلة للحياة بعاصمتها القدس الشريف.