صرح أوباما قبل ليالٍ بأن سياسة أمريكا منذ اليوم ستدعم الديمقراطية والتغيير في الشرق الأوسط. جاء ذلك بعد أن تقرر لدى البيت الأبيض أن الانتفاضة السورية المنتشرة في أرجاء البلاد السورية لن تقف حتى تقضي على حكومة هذا النظام التي حاولت الولاياتالمتحدة إعطاءها الفرصة تلو الفرصة لإخماد هذه الثورات المتلاحقة دون جدوى. وهذه الكلمة من الرئيس الأمريكي بالرغم من دلالتها على التغيير في النظرة الأمريكية للوضع في سوريا، إلاّ أنها ما زالت تعطي بشار الأسد فرصته حيث خيّره الرئيس الأمريكي بين الوقوف مع التغيير وبين الرحيل. ولا شك أن وقوف الولاياتالمتحدةالأمريكية المنتظر مع الثورة السورية لن يكون قبل أن يحدد الساسة الأمريكان جهة تناسبهم للتعاطي معها، ولتكون هذه الجهة مستقبلاً هي المرشحة للخلافة الانتقالية للحكومة السورية الحالية، حيث لا يخفى أثر الحكومات الانتقالية على تكييف الوضع الدائم فيما بعدها. وهذا في تقديري يوجب على وجهاء الثورة السورية وعلماء سوريا في الداخل أو الخارج المسارعة في تكوين هيئة من الصلحاء المشهود لهم بالخير والحكمة والتقدير لدى الشعب السوري؛ ليعلنوا عن أنفسهم كقيادة للثورة، أو واجهة لها، وذلك قبل أن تقوم المخابرات الأمريكية أو أي من أعوانها بالسبق إلى هذا العمل لنجد فجأة أن المتحدثين باسم الثورة هم من لا يمثلون الشعب السوري، بل لا يرتضيهم السوريون واجهة لهم. إن هذا التخيير الذي منحه أوباما لبشار الأسد بين المضي في الإصلاح أو الرحيل، إنما هو خط رجعة للولايات المتحدةالأمريكية فيما لو لم تجد واجهة يتناسب طرحها مع القيم الأمريكية التي تغنى بها أوباما طويلاً في خطابه المشار إليه، فهو إذًا تخيير لأوباما نفسه قبل أن يكون تخييرًا للرئيس السوري، وهذه الملاحظة وحدها إن اتفق معي فيها أهل الفكر السوريون كافية لتبرير الإسراع في اتخاذ واجهة عاجلة لهذه الثورة بإذن الله تعالى. وقد يكون تكوين واجهة للثورة من داخل سوريا أمرًا صعبًا في ظل هذه الأوضاع، وهذا ما يُغني عنه مؤقتًا تكوين جبهة للثورة من خارج سوريا، من الأحرار المرموقين الذين يعيشون مغتربين منذ ما يقرب من الثلاثين عامًا في البلاد العربية والأجنبية. فعليهم الآن يقع واجب المبادرة إلى نصب أنفسهم في هذا المكان قبل أن ينتصب فيه مَن ليس أهلاً له، وقبل أن تُفجع الثورة بما فُجعت به ثورة سوريا الأولى على المحتل الفرنسي، حيث أعطيت ثمرتها لمَن أذاقوا سوريا طيلة ما يزيد على الستين عامًا أعظم المرارات، وأنكأ الجراح.