يقول الشاعر العربي: وعين الرضا عن كل عيبٍ كليلةٍ *** ولكن عين السخط تبدي المساويا عين السخط لا ترى إلا الجانب المظلم من القمر، والنصف الفارغ من الكأس، وأقل من ذلك، فلو ملأت ثلاثة أرباع الكأس لما التفتَ إلا إلى الربع الفارغ، ولو بقي من الكأس مقدار شعرة من فراغ لانتبه إليه فورًا وبمهارة عالية، دون أدنى مبالاة بالكمية الممتلئة منه. البعض بلغ منه التشاؤم والسخط حدًّا أعماه عن رؤية مظاهر التطور في بلادنا وأمتنا، ثم ازدادت الحالة سوءًا حتى أخذ يقلب الحقائق فيبحث في خطوات التطوّر عن آثار سوء، فصار كمن يبحث في الشمس عن جانبٍ مظلم(!). إذا افتتحت جامعة نفاخر بها الأمم، قال: منفذٌ جديد للفساد الإداري. وإن أُنشئت هيئة لمكافحة الفساد، سخر قائلًا: أرجو ألا يصلها الفساد(!)، وإن وضعت قوانين ومزايا صارمة لهذه الهيئة كي تكون فعالة ومهدّدةٍ بالفعل لأهل الفساد، ردد: حبرٌ على ورق. وإن سمع بمعرض لاختراعات أبنائنا في مجال الطب، قال: متى نصنع الأسلحة؟! وهكذا.. كلما رأى منفذ خيرٍ وضع عقبات التشاؤم والسخط في طريقه. ومن هؤلاء ظهرت العديد من المصطلحات القبيحة والغارقة في التثبيط والنواح: (الطاسة ضايعة)، (وصلنا لطريق مسدود)، (نحن متأخرون عن العالم المتقدم قرونًا طويلة).. وهكذا. والحقيقة، أن هؤلاء لن يروا أوطانهم قد جاوزت التخلف ولو سكن أهلها المريخ، وعُبّدت الشوارع بالذهب، وذهبنا إلى أعمالنا بالطائرات، واستدركنا أخطاءنا بآلة الزمن(!). لأنهم لم يهدموا الحصن الأول للتخلف، الذي يحيط عقولهم وأفئدتهم، وإلى أن يزيلوا (عقدة النقص) منهم، سيبقى عامة الناس فرحين ومستبشرين بكل خطوة، داعين للمزيد من التقدم، بينما أصحاب العين الساخطة يأكل التشاؤم والسخط من عقولهم وصحتهم ونظارة تعاملهم ووجوههم، حتى تعاف كتاباتهم وكلامهم ومنطقهم.. ووجودهم! راكان الحمود - جدة