فقدت الساحة الثقافية والأدبية في المملكة يوم السبت 4 جمادى الآخرة 1432ه الموافق 7 مايو 2011م الأديب الكبير الرائد عبدالله عبدالجبار -يرحمه الله-، بعد حياة حافلة بالعطاء المخلص، حيث تمت الصلاة عليه في الحرم المكي الشريف يوم الأحد، وقد تقدم المشيعين فضيلة الدكتور عبدالوهاب أبوسليمان عضو هيئة كبار العلماء والدكتور سهيل قاضي وعدد من الأدباء ورجال التربية والتعليم. وعبّر عدد من العلماء والأدباء والمفكرين عن حزنهم العميق لرحيل أحد الرواد في الحركة الفكرية والثقافية، واعتبروا أنه بوفاته طويت صفحة مضيئة من صفحات ثقافتنا. حيث بعث صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية بخطاب عزاء إلى ذوي الفقيد عبّر فيها سموه عن خالص تعازيه في وفاة الفقيد يرحمه الله، ومشيدًا بإسهاماته في خدمة وطنه. كما بعث صاحب السمو الملكي الأمير أحمد بن عبدالعزيز نائب وزير الداخلية وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف مساعد وزير الداخلية وصاحب السمو الملكي الأمير طلال بن عبدالعزيز وصاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكةالمكرمة ببرقيات عزاء عبّروا فيها عن تعازيهم في وفاته، داعيًا الله الكريم أن يرحمه ويسكنه فسيح جناته. كما تلقى ذوو الفقيد الكبير برقية عزاء ومواساة من صاحب السمو الملكي الأمير مشاري بن سعود أمير منطقة الباحة. أستاذ النقاد وقد عبّر معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة عن بالغ حزنه في وفاة الأديب الكبير عبدالله عبدالجبار، بقوله: لا شك أن الثقافة فقدت برحيل الأستاذ عبدالله عبدالجبار علمًا من أعلامها، وهو أديب كبير، وأستاذ النقاد في المملكة، وهو رجل له مكانته الأدبية والتربوية، وله تاريخه المعروف، وأحد كبار المثقفين في المملكة، وحقيقة فقده فقد كبير، ونحن نقدم تعازينا الحارة لأسرته وللأسرة الثقافية والأدبية والتربوية والتعليمية في المملكة، وندعو له بالرحمة والغفران ونقول بأنه عاش حياة مديدة بالعطاء وبالسيرة الحسنة والخلق الطيب، رحمه الله رحمةً واسعةً. قدوة ونموذج ويقول الدكتور سهيل بن حسن قاضي رئيس نادي مكة الأدبي: أحسن الله عزاء الجميع في المربي الشيخ عبدالله عبدالجبار، وهو أستاذ الجيل، وله إسهامات أدبية وتربوية عديدة، وأفنى زهرة شبابه في خدمة العلم والتعليم، ويعتبر قدوة ونموذجًا يحتذى به للأديب السعودي الرفيع الشأن، وله إسهامات أدبية مقدرة، وكنا سعداء بجمعها في مجموعة واحدة وصدرت قبل عامين تحت مسمّى “مجموعة الشيخ عبدالله عبدالجبار” طبعها معالي الشيخ أحمد زكي يماني في مجموعة واحدة، ويمكن كثير من الناس لا يعرفون عنها شيئًا قبل طباعتها، فآثار الشيخ عبدالله عبدالجبار ستظل ماثلة دائمًا في أذهان هذا الجيل والجيل الذي سبقه، نسأل الله تعالى أن يسكنه فسيح جناته ويؤجرنا ويؤجر أهله في هذا الفقيد رحمة الله عليه، فسوف يترك فراغًا كبيرًا؛ لأنه عميد النقد في الأدب السعودي، وحتى الآن لا يوجد من يباهي الشيخ عبدالله عبدالجبار في إسهاماته الأدبية، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يعوض الأدباء والأدب فيه خيرًا. موهبة فذّة ويقول عبدالله خياط: إن الأستاذ عبدالله عبدالجبار كان أديبًا كبيرًا وأستاذ جيل وله العديد من المؤلفات التي ستبقى مضيئة في سماء الأدب وشاهدة على موهبته الفذه وعبقريته التي قل نظيرها. كنت ألقاه في لندن قبل عودته الأخيرة إلى المملكة، حيث كان له مجلس كبير يجتمع فيه الكثير من السعوديين والعرب المهتمين بالشأن الثقافي كل مساء لما يلقاه رواد هذا المجلس من دماثة أخلاق هذا الرجل وحسن خطابه وابتسامته العريضة التي تنم عن صدر رحب يستوعب الجميع، وكان يسعى دائمًا لضيافة الحاضرين بنفسه، ولا أنسى توجيهاته المستمره وانتقاده الهادف لي عندما كنت مدير تحرير لصحيفة عكاظ، وأكثر ما أذكره من هذه النقاشات عندما قال لي بأن الصحف جنحت عن المجال الأدبي بشكل لافت إلى الجوانب الإخبارية وما إلى ذلك، فأخبرته بأن لكل زمان معطياته الخاصة التي تفرض التعامل معها، رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جناته، فهو مثال للرجل المتزن وأنموذج يحتذى به. نصائح مضيئة الدكتور منصور الحازمي استهل حديثه بالإشارة إلى الأستاذ عبدالله عبدالجبار بأنه “علم” من أعلام التربية والتعليم والأدب، فقد كان رحمه الله ناجع الفكر، الأمر الذي لمسته فيه منذ أول لقاء جمعني به حين كنت في المرحلة الثانوية، وكان هو مديرًا للمعهد العلمي السعودي، حيث أحمل له معروفه الكبير الذي أسداه لي في تلك الفترة حين أقنعني بالالتحاق بالمعهد، والذي أتاح لي الفرصة بعد ذلك للابتعاث خارج المملكه ومواصلة تعليمي، ثم التقيته بالقاهرة فيما بعد في عدد من المناسبات وسعدت بسماع نصائحه النّيره التي تضيئ طريق أي مبتدئ، فالأستاذ عبدالله عبدالجبار من الشخصيات البارزة وهو باحث وناقد أيضًا، وله العديد من المؤلفات والعلاقات الواسعة بالمفكرين والمثقفين والأدباء بجميع أنحاء العالم. العلامة المهمة كذلك تحدث الدكتور عباس طاشكندي قائلًا: الأستاذ عبدالله عبدالجبار كان معلمًا ومربيًا وأستاذًا فاضلًا وأحد العلامات المهمة في التحرير في الفترة الماضية، والذي كان متألقًا فيها خلال أعماله: كتاب «قصة الأدب في الحجاز» ومجموعة من المسرحيات والقصص القصيرة الصغيرة، والتي كانت كلها هادفة تؤدي إلى غايات تمريرية في البلد، وقد تتلمذ على يده عدد كبير من أبناء البلد الناشطين في كل مجال، ومن تلامذته من تبوأ مناصب كبيرة مثل أحمد زكي يماني والشيخ إبراهيم العنقري والشيخ عبدالعزيز السالم وعدد كبير لا يحصى، والأستاذ عبدالله عبدالجبار في الوقت الذي كانت البلد في بدايتها كان أستاذًا في معهد الدراسات في جامعة الدول العربية، والحقيقة أن الأستاذ عبدالله عبدالجبار نتعزى فيه جميعًا، تتعزى فيه الثقافة، يتعزى فيه الأدب، يتعزى فيه تلاميذه وأصحاب الرأي وأصحاب المواقف، ولقد تأثر به جيل بأكمله سواء من خلال أعماله ومن خلال أخلاق هذا الرجل الفاضل الذي لم يكن يضن على أي واحد في علمه وبتوجيهه حتى وفاته، وقد كرّمته الدولة بجائزة الدولة التقديرية وكرّمه الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وقد بقي قامة كبيرة حتى حينما لم تسعفه صحته، وفي فترة من حياته عانى معاناة شديدة حينما كان في مصر ولكن الدولة التفتت له وكرّمته، مضيفًا بقوله: الأستاذ عبدالله عبدالجبار ساهم في مجالات كثيرة، ساهم في إنشاء جامعة الملك عبدالعزيز، وكان مستشارًا فيها وقد ساهم في حركة النشر حينما كان من أهم المستشارين في مؤسسة رائدة للنشر وهي تهامة، وساهم في دعم جامعة الملك عبدالعزيز بجميع كتبه الجامعة، وهو رجل لا يُنسى فضله وهو أهل لكل تكريم، ووفاته يرحمه الله يوم محزن لتلاميذه يوم محزن للثقافة، رحمة الله عليه، الأمر مؤلم، الأمر قاسٍ على من عرف الأستاذ عبدالله عبدالجبار عرفه كأخلاق وسلوك وعلم وفضل وتوجيه وتربية، ووفاته مؤلمة للغاية بالنسبة لي شخصيًا وبالنسبة للأجيال التي تعلقت به وليس شرطًا أنهم يتصلون بي ولكن أعماله توجد في كل بحث علمي وفي كل رسالة علمية وفي كل مجال، رحمة الله عليه. تواضع وعمادة كما عبر الأديب عبدالفتاح أبو مدين عن بالغ حزنه برحيل الأستاذ عبدالله عبدالجبار، وقائلًا: كان استاذنا أديبنا الكبير الناقد وعميدنا في هذه الفترة بالذات، ولقد فقدنا علمًا من أعلام الثقافة وأعلام النقد، رحمه الله برحمته الواسعة، وكان هذا البيت نتردد عليه كثيرًا في السنوات الماضية ونقضي معه سهرات حينما كنت رئيسًا للنادي الأدبي، وكنا نتحدث في الثقافة، وكان بتواضعه وبحبه للناس وللثقافة ولمحبيه، وكان رجلًا لطيفًا لا يوجد به شيء من الكبر أو التعالي على الآخرين لذلك كان نادرًا ما يكون في هذا العصر أو في غيره في درجة هذا الأديب الكبير من تواضعه وثقافته، يرحمه الله. موسوعة تمشي على قدمين وقال الكاتب والأديب عبدالله فراج الشريف: الأستاذ الكبير عبدالله عبدالجبار يعجز اللسان عن أن يصف جوانب حياته المضيئة، والتي حملت إلى هذا الوطن إضاءات في كل باب وفي كل مجال، عبدالله عبدالجبار ماذا أتحدث عنه، أتحدث عنه التربوي والمعلم الذي تخرّج على يده أجيال، والذي كان في مكة عندما لم يكن في المملكة كلها إلا المعهد العلمي السعودي ومدرسة تحضير البعثات، وكان هو مع كوكبة من رواد هذا الوطن يرعون النبتة الأولى التي كان منها الذين خرجوا إلى الابتعاث في ذلك الوقت في مصر وكان على رأسهم عدد ممن عادوا وزراء. وأضاف الشريف: ثم إذا نظرنا إليه كأديب فهو رجل غير مسبوق لا في عبارته ولا في أفكاره، مقالاته شيء عجيب، نأخذ مقالة واحدة وهي الساعة أديب الخامسة والعشرون، وكأنه الأديب الذي هو خارج الزمن كانت مقالة ضج لها العالم العربي والأدبي المحلي، وإذا نظرنا إليه في النقد فلا نتكلم إلا عن كتاب له في النقد هو اليوم مرجع للنقاد وكل من كتبوا بعهده حتى اليوم يرجعون إلى هذا الكتاب، وإذا نظرنا إلى أول من شق الطريق وكتب القصة وأول من شق الطريق لكتابة مسرحية في هذا الوطن وأول من شق الكتابة يدافع بها عن أصالة وتراث اللغة العربية والإسلام، فكتب عن محاضرة ألقاها في مؤتمر الأدباء في بغداد عن الغزو الفكري، فكان أول من كتب عن هذا الموضوع، فهو متعدد الجوانب، موسوعة تمشي على قدمين، وأما في أخلاقه فالناس يعرفون عنه الكثير، نظيف اليد لا يقبل منّة من أحد أبدًا، وهو عاش على القليل تأتيه الأموال فيرفضها وعاش العمر كله وهو عفيف النفس ذو كرامة لا يستطيع الصبر عليها إلا عظماء الرجال، هذا هو عبدالله عبدالجبار رحمه الله وأسكنه فسيح جناته. انطواء صفحة مضيئة الأديب حسين محمد بافقيه قال: في هذا الموقف أدعو له بالرحمة والمغفرة وأن يجزيه خير الجزاء وأن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان، والأستاذ عبدالله عبدالجبار قيمة أدبية وفكرية وتربوية وثقافية كبيرة وبفضل الله تعالى أن عرفت هذا الرجل عن قرب، وكنت أحظى بعطفه وبعنايته وبمحبته ولي اتصال كبير به وأعرفه معرفة شخصية، وهو أحد الرجال الكبار في النقد الأدبي وفي الثقافة والفكر وله تاريخ طويل في حركة التربية والتعليم في المملكة؛ إذ يعد الأستاذ عبدالله عبدالجبار من أوائل السعوديين الذين تلقوا تعليمهم العلمي العالي الجامعي في مصر في البعثة التعليمية الثانية عام 1355ه، وتخرج في كلية دار العلوم في القاهرة عام 1359ه ودرّس أجيالًا من رجال الدولة ممن لهم شأن الآن في حياتنا الأدبية والثقافية وفي أعمال الدولة، وأخرج كتبًا مهمة، وهو يعد رائد حركة النقد الحديث في المملكة والجزيرة العربية، ولا شك بوفاة الأستاذ الكبير عبدالله عبدالجبار تطوى صفحة مضيئة من صفحات ثقافتنا فهو البقية الباقية من جيل الرواد العظام الذين أسّسوا لحركة الفكر والثقافة في المملكة، ولقد كان قريبًا من الناس وكان يحب طلابه وتلاميذه، ولم يُذكر عنه أحد إلا الذكرى الطيّبة والحسنة والتي سوف تكون سراجًا مضيئًا للأجيال من بعده. فقد جلل رئيس أعضاء الشرف السابق بنادي الوحدة الدكتور أجواد الفاسي قال: عبدالجبار يرحمه الله أستاذي ومعلمي ومربي، ولقد تتلمذت على يديه في المعهد العالي وتحضير البعثات وتتلمذت على يديه عندما كان في القاهرة وكنت من الملازمين له يرحمه الله في مجلسه الأدبي العام، وتعلمت منه الكثير وتعلمت منه الأدب وحسن الخلق وحسن الإنصات. كما تحدث ابن اخت الفقيد ربيع سالم محمد عبدالجبار فقال: كان خالي يرحمه الله مثالًا يُحتذى به في حسن الخلق والأدب والفكر والتعامل الراقي مع الجمع، وكان رجلًا كريمًا وفاضلًا وله أفضال كثيرة على كل من حوله وكان محبًا للجميع. وقال الشاعر فاروق بنجر: برحيل المربي والأديب وعالم الأدب وشيخ النقاد الأستاذ عبدالله عبدالجبار بعد ستة وتسعين عاما من الرحلة يختم الزمن الريادي مشوار رمز ثقافي من طلائع أعلام رواد التعليم والأدب في تاريخ بلادنا، وكان شاهدًا على مرحلة التأسيس الثقافي، وهو أحد أبرز طلائع مفكري الزمن التنموي. وقال ياسر محمد عبده يماني: لقد ودعنا أديبًا ومفكر روائد من الرواد في هذا المجال وبذل عمره وحياته في خدمة الوطن ونهضته وتطوره، وكانت له بصمة واضحة -رحمة الله عليه- نسأل الله أن يسكنه فسيح جناته.