وأنا أطالع مجلة اليمامة في عددها رقم 2150 الصادر في 21/4/1432ه اكتشفت أن أخي الأستاذ محمد النجيمي لم يستطع نسياني أبداً، رغم أنه تراجع في ذاكرتي إلى الهامش منذ زمن ليس باليسير، فأنا ماثل في ذاكرته دائماً، في كل لقاء له لابد وأن يعرج على ذكرى له مني قد تكون صحيحة، وقد تكون مما توهمه عني، وهو للأسف كثير، فقد ذكر فيما وجه إليه من أسئلة (50 × 50)، فظن واهماً أني أشرس من خالفه الرأي، ولم يعلم عفا الله عنه أن ما أطرح من صواب يهزم حتماً الخطأ الذي يطرحه من يخالفني الرأي في الغالب، لأني لا أمسك القلم لأكتب إلا بعد بحث متعمق وتدبر شامل، ودوماً لا أريد الانتصار على أحد، فإنما هو حوار الفكر لا ساحة قتال، ولا اشتد في الرد على من يخالفني إلا إن خرج عن أدب الحوار، وتناول شخصي بما أكره، فربنا عز وجل أباح لمن اعتدي عليه أن يرد الاعتداء بمثله فقال في محكم كتابه: (فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ المُتَّقِينَ)، وهو القائل أيضاً: (لا يُحِبُّ اللَّهُ الجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ القَوْلِ إلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا)، فما ابتدأت شدة مع محاور لي أو منتقد إلا إن تجاوز حدود آداب الخطاب ومعايير الحوار، وأعجب أن يوصف التحاور بالأفكار بمثل هذه الألفاظ الشراسة – القوة – الصلابة، وهي أوصاف في مجال الفكر ورثنا بعضها وما يماثلها من تراث لنا يجب مراجعته، ولعل أخي محمد النجيمي مغرم به، حينما يطلق على عالم الذي أقل ما يصف به مخالفيه بأنهم الفسقة المبتدعون، لقب: صلب في السنة وقوي في الديانة، ولعل النجيمي يطمئن أني من قوم إذا تناولوا رأي المخالف من إخوانهم، أثنوا على علماء مذهبه بالكلمة الطيبة التي تبلغ أحياناً بتسويدهم، ولكنا حتماً لا نرتضي كل ما يقال وإن اشتدت رداءته، وقد بدأ الحوار مع النجيمي في اليمامة بوصفه بأنه ملسون، فتطوع وفسر هذا بأنه فصيح وسريع البديهة ولا يخدع، وحتماً الكلمة العامية (ملسون) لا تعني شيئاً من هذا البتة، ورأيته في حواره كعهدي به يدندن حول (قلة) يصف بها مخالفيه، و(كثرة) يدعي أنه منها ولا دليل له سوى أوهامه، وها هو يعرف أحد مخترعاته (الاختلاط العارض) بأنه الذي يكون في الأسواق والأماكن العامة، ولا أدري من يقول بقوله من علماء الأمة قديماً أو حديثاً، ولا أظنه سيجد من ينقل عنه هذا القول، ثم يصف كاتباً من إخوانه بأنه غثيث، وهي كلمة عامية رديئة جارحة، ولا أدري لماذا استخدمها الأخ الذي باشر الحوار معه، أما رضا النجيمي عنها فقد أتاه من ناحية غفلته عن ما تعنيه، وهي مما يسب به العامة بعضهم بعضاً، ثم يسأل النجيمي: من برأيك يملك الحق في تصنيف المجتمع إلى علماني ومتشدد وماركسي، وملحد وسلفي، فيأتي جوابه دون تريث أن العلماء الربانيين الراسخين في العلم هم من يصنفون فقط، في جهل كاد أن يكون متعمداً، فتقسيم المجتمع على هذه الصورة خطره على استقرار المجتمع ووحدته عظيم، والعالم بحق هو يحكم على القول أو الفعل، ولا يحكم لصاحبه بإيمان أو كفر، فبيان خطئهما شيء غير تكفير المعين والعالم ليس من وظائفه حتماً تصنيف الناس، وقد أدرك بفائق نظرته للواقع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز رعاه الله ذلك فنهى عن التصنيف ونهيه ملزم لمواطني هذه البلاد، فوجب أن يكفوا عن التصنيف أبداً، وكذا نهى عنه سماحة مفتي البلاد، ولكن لا يزال مثل النجيمي لا يتركه، ثم لما وجه للنجيمي سؤال عن من يضيق بالرأي الآخر أجاب دون أن يتردد أنه مستحيل أن يقبل منه، وينسى أنه أول الضائقين بهذا الرأي المتتبع له حتى يرد عليه أينما ظهر، حتى عجبنا له ولمواقفه المثيرة للجدل، نسمعه يقول ما يخالفه بفعله، يرى أن تواجد النساء مع الرجال في الأسواق اختلاط محرم، ثم يحضر ندوة كلها نساء، يجلس بينهن ويمازحهن، ودعواه أنهن من قواعد النساء، والرجل قد استهلك نفسه عبر كل وسائل الإعلام، حتى كدت لا تشاهد قناة فضائية إلا وجدت النجيمي على شاشتها يفتي ويرد ويصنف ويزعم أن كتاباً زاروا سفارات وارتشوا منها، وهو لا يغيب عن صفحات جرائدنا المحلية لا يكاد يمر بنا يوم لا نرى صورته في هذه الصحيفة أو تلك يعلق ويرد، ومع هذا فهو يدعي أن تياره الذي يزعم الانتساب إليه محروم من منابر الإعلام المحلي، وهو يخبرنا أنه عضو في مجامع فقهية ثلاثة، ولعله ينتظر أن يكون عضواً في الرابع المعلن مؤخراً، وهو دوما يشكو ظلم إقصاء مدعى.. فهلا كف عن هذا، فهو ما نرجو، والله ولي التوفيق. ص. ب: 35485 – جدة 21488 فاكس: 6407043