تشهد سوق البذور البطيخ نشاطًا ملحوظًا في مبيعاتها لا سيما في أنواع محددة نتيجة حرص مزارعي البعلية (العثري) على استخدامها، وكشف مزارعون أن هناك عوامل أخرى كانت وراء تلك الزيادة في الأسعار. وقالوا: أدّى تكرر هطول الأمطار وتدفق السيول في المزارع إلى ارتفاع اسعار البذور، إذ أجبرت تلك الأجواء المزارعين على إعادة بذر البذور في كل مرة تهطل فيها الأمطار، وهو ما أدى إلى زيادة الطلب على نوعيات محددة “يعتقدون انها الافضل”. وعمل اتساع الرقعة التي أصابتها الامطار على امتداد سهول تهامة الحجاز وعسير على اشتعال سوق البذور وبالتحديد (الحبحب - الشمام - القثاء - الدخن)، وقفزت أسعارها إلى 200% في بعض أنواع بذور الحبحب، فيما بلغت أنواع أخرى من نفس الصنف إلى 100%، كما أن الاقبال الشديد هو الآخر زاد من مبيعات البذور بنسبة 300%، نظرًا لحلول موسمها وتكرر زراعتها بسبب الظروف المناخية التي تكرر معها نثر البذور أكثر من مرة بسبب الأمطار. المزارعون وجهوا أصابع الاتهام إلى بائعي البذور، وحملوهم مسؤولية تعمد رفع الأسعار واستغلال الظروف، فيما فنّد عدد من أصحاب المحلات ادّعاءات المزارعين واصفين الارتفاع بالطبيعي، مبررين ذلك بإصرار المزارعين على شراء نوع أو نوعين دون سواهما، وبالتالي يزداد الطلب عليه ويقل المعروض. “المدينة” التقت عددًا من المزارعين، وذكر تركي صالح، أن الزيادة في سعر البذور شيء غير معقول، فعلبة بذور البطيخ التي اشتريتها ب 70 ريالًا مع بداية سقوط الأمطار يشترط علينا صاحب المحل دفع 170 ريالًا لاقتنائها، وهناك نوع آخر كنت اشتريه ب 70 ريالاً، رفعوا سعره الى 130 ريالاً، كما أن بذور الشمام أصبحت تُباع في أكياس صغيرة بعشرة ريالات للكيس الواحد. وأضاف: إن المزارعين يواجهون صعوبة كبيرة في الحصول على النوع المرغوب لديهم من البذور لا سيما أن المعروض منه دائمًا علبة واحدة، وعندما يشعر البائع بإلحاح المزارع يؤكد له أنه سيدبر له، وذلك من أجل فرض السعر الذي يريد على المزارع البسيط. وذكر عبدالله المحمدي أن المزارع هذا العام تكبد خسائر فادحة نتيجة لتكرار عملية الزراعة والمستفيد الاول من ذلك بائع البذور الذي زاره المزارعون ثلاث مرات هذا الموسم، أي أن تكاليف زراعتهم ونثرهم للبذور زادت بنسبة تتراوح ما بين 200% و250% علاوة على التلاعب في الأسعار الذي تعمده بائعو البذور وإخفاؤهم للأصناف المرغوبة مستغلين موسم الزراعة الممطر، الذي جاء هذا العام مختلفًا عن الاعوام السابقة كونه سقط في مرات تفصل بينهما فترات زمنية بسيطة. وسلط المحمدي الضوء على الأهمية الاقتصادية للمزارع العثرية كونها تنتج كميات ضخمة من البطيخ والدخن والشمام والقثاء والفاصوليا، وكثيرًا ما تغرق الاسواق المحلية بإنتاجها ويصدر الفائض منها للدول المجاورة، وهذا العام تكالبت الظروف على مزارع العثري، وتضاعفت تكاليف إنتاج محصوله بعد تكرار عمليات حرث وزرع للمرة الثانية والثالثة، ولا زالت الاحوال الجوية تنبئ بهطول المزيد من الأمطار، وقد فوجئنا بارتفاع كبير في أسعار البذور، وليس أمام المزارعين إلاّ الرضوخ لطلب بائعي البذور ودفع المبلغ المطلوب. يقول حسن الحربي: إن البذور شهدت إقبالًا لم تعهده في السنوات الماضية، فالكمية التي يحتاجها المزارعون زادت الضعف وفي بعض المناطق ضعفين نتيجة لغمر مياه السيول للحيازات الزراعية العثرية بعد إعدادها ونثر البذور فيها بأسبوع، فهلك المزروع الأول واضطر المزارعون الى إعادة أعمال الحرث وشراء نفس الكمية السابقة من البذور إلاّ أن الجميع يفاجأ بطغيان المياه وركودها مرة ثالثة بالمزارع، فمات ما تم زراعته في السابق، وبدأ المزارعون العمل مرة ثانية وفي كل مرة تتضاعف الكمية ويقول الحربي: أعتقد أن ظروفًا مثل هذه كفيلة بإحداث زيادة في التكاليف، فالمزارع لن يفوت محصول الموسم ولو اضطر لزرعها خمس مرات. واختتم الحديث أبو سعدون (مزارع) بقوله: إن أصحاب المحلات استغلوا تزايد الطلب فرفعوا السعر خاصة أن لديهم مخزونًا من البذور منذ سنوات فزادوا السعر إلى الضعف بنسبة كبيرة ممّا جعلنا ندفع المطلوب مرغمين. أبو مصطفى “بائع بذور” برر الزيادة في الاسعار الى قلة المخزون لدى الشركات الموردة لبعض الانواع المتزامن مع موسم الامطار والزيادة في الطلب، خصوصًا أن غالبية المزارعين اشتروا ثلاث مرات. صاحب محل بيع بذور يدعى أحمد أبو عادل قال: سوق البذور يعاني من شح في المعروض هذا الايام نتيجة للإقبال الشديد على شراء أنواع معينة واصرار المزارعين على شرائها دون غيرها، ممّا أدّى الى نفاد تلك الأنواع، أضف الى ذلك أن عمليات الشراء تكررت، وبالتالي الكميات المباعة تضاعفت فقل المخزون من البذور، وبالتالي ارتفع سعره كما هو في عدد من أنواع البطيخ، بينما ظل سقف الاسعار في بقية البذور ثابتًا دون تغيير فيما قل المعروض، ونحن نواجه صعوبة كبيرة من اجل الحصول على الانواع المرغوبة من مصادرها وتجارها الأساسيين.