التَّكنولوجيا كُلّ يوم هي في شَأن، وأصبحنا نُردِّد كُلّ صَباح قول الأمير الشَّاعر «خالد الفيصل»: يا زمان العجائب وش بقى ما ظهر كل ما قلت هانت جد علم جديد فبالأمس القريب أخذنا ردحاً مِن الزَّمن لنتأقلَم مع «الإيميل»، وحين استقرَّت أمورنا وتَآلفنا مع هذا الدَّخيل صَفعونا بموضة «الفيس بوك»، وكالعَادة أخذنا نُماطل مُتردِّدين بين القبول والرَّفض، ولكنَّنا في النَّهاية رَفعنا راية القبول، سَواء كان برغبةٍ مِنَّا أو رَغماً عنَّا..! واليوم ها هو يُداهمنا المُنْتَج الجديد، والقادم الوليد المُسمَّى «تويتر»، وسأكون صريحاً وأُخبركم بالحكاية، وهي كالتَّالي: حَدَّثني الباحث الحجازي الجَاد «محمود صبّاغ» عن «تويتر»، بحضور الصَّديقين المُدوِّن «فؤاد الفرحان» والتويتري النَّشط «خالد يسلم»، ثُمَّ قُلتُ له بكُلِّ بلاهةٍ صَفراء: حقيقة لم أتذوَّق هذا النَّوع مِن الشّوكولاته، ظَنًّا منِّي أن «تويتر» -على وزن «تويكس وسنكرز»- هي حَلوى جديدة، فمَا كان مِن الأصحاب الثَّلاثة إلَّا أن ضَحكوا عليَّ، وقَهقهوا كما يُقهقه الرَّعد، مِن جَرَّاء غبائي اللا مُتناهي في الاتِّساع..! بعد هذه الضّحكات، فَعلتُ كَما فَعَل العَالِم النَّحوي «سيبويه» -ولا عَجب فالعُلمَاء يُشبهون بعضهم- حين أخطأ في قواعد اللغة بين جُلسائه فضَحكوا عليه، فأقسم بالله أن يتعلَّم القواعد، ويُؤلِّف في النَّحو العربي، وقد كان ما وَعد، وأنا نحيتُ نفس المَنحى، وأقسمتُ بالله أن أُصبح «تويترياً»، وإن كُنتُ مِن آخر المُهاجرين الذين هَاجروا إلى حبشة «التويتر»..! بَعد هذا القَسَم أنشأتُ حِساباً في «تويتر» وبدأتُ أتوتر، ثُمَّ أضفتُ «فعلاً» لقَاموس اللغة العربيّة وهو: «تَوْتَرَ يُتَوْتِرُ تَوْتَرَةً»، وأرجو أن تُحفظ هذه المُفردات العَرفجيّة لي، ثُمَّ سَافرتُ إلى بلاد العَجَم، وأخذت أدرس الجذر اللغوي لكلمة «تويتر»، فوجدتُ أمامي فُرصة لاستعراض «سَخافتي» أو «ثَقافتي»، لا فرق، طَالما أنَّ كُلّ الطُّرق تُؤدِّي إلى «اللقافة» المعرفيّة..! أقول وأجري على الله، إنَّ هناك كَلمتان، وكِلاهما مُستخدمتان في هذه التَّقنية، الأولى TWEET، وتعني -على ذمة المورد الميسر برواية شيخنا «منير البعلبكي»- «صوت الطَّائر الصَّغير»، أو «سَقسقَ يُسقسق سَقسقة»، ولذلك رسم أهل «تويتر» عصفوراً صغيراً على شعار الموقع، أمَّا «قاموس أكسفورد الصَّغير» فقد تجاهل هذه الكلمة..! وكلمة TWIT، وهي تَعني -حسب أصحاب قاموس أكسفورد- «الشَّخص الغَبي»، وأظنُّ أنَّ «محمود وفؤاد وخالد» كانوا يعنونني بهذه الكلمة..! هذا على رواية أهل أكسفورد، أمَّا على رواية أخونا «منير البعلبكي» فTWIT تَعني «يلوم» و«يسخر»، وأظنُّ أنَّ الأصدقاء الثَّلاثة كُلّهم لي لائم، وكُلّهم منِّي سَاخر..! وإذا كُنَّا في سياق اللغة، فلابد أن نُشير إلى كلمة TWITTER، التي سُمِّي بها هذا المُنتَج، وهي تعني «يُغرّد» و«يهذر» و«يُثرثر» و«يَضحك على»، وكُلُّ هذه المُفردات أظنُّ الأصدقاء الثَّلاثة يَقصدونني بها، وعندما دَخلتُ إلى عَالَم «تويتر» بدأتُ أُثرثر وأهذر وأُغرّد مِثلهم..! حَسناً.. ماذا بقي..؟! بقي القول: الويل لَكم أيُّها الأصحاب، لقد أشغلني «تويتركم» بثرثراتهِ عن مُداعبة الكِتَاب، ومسامرة الكُتب الجَادَّة التي ألَّفها أولو الألباب..!. [email protected]