قال الضَمِير المُتَكَلّم: مات (غَازي القصيبي)، فنعاه الوطن كل الوطن، وبكاه سكان شُقة الحرية والعصفورية، ورثته أبيات الشعر، مات القصيبي، فُكُتِبَت مئات المقالات والأبيات؛ ولكن هناك (الوَجْه الخَفِي للقُصَيْبِي)، الوجه الإنساني الذي ربما توارى خلف برتوكولات المناصب، والصرامة الإدارية، تلك الملامح الخفية رسم بعضها صديقه الأستاذ والأديب الكبير (الأستاذ حمد القاضي) من خلال محاضرته الأسبوع الماضي في نادي المدينة الثقافي الأدبي؛ وإليكم أبرز ما طُرِح فيها من مواقف ولقطات: * امرأة تعاني الفقر والحرمان بعد أن طلقها زوجها وحرمها من أولادها الثلاثة؛ يَعْلم القصيبي بحالها، يرسل مساعدة مالية لها، وبعد أيام، يذهب بنفسه إلى بيت زوجها في أحد أحياء الرياض الشعبية؛ حيث أقنعه بالسماح لها برؤية أطفالها!! * موظف صغير تحت إدارته لاحظ عليه تراجع الأداء الوظيفي، ومظاهر الحزن والكآبة؛ فاستدعاه؛ فأخبره الموظف بأن زوجته تعاني من مرض عُضال، وتحتاج في علاجها إلى مصاريف ليست في قدرته؛ وهنا ساعده القصيبي في معالجتها في الخارج على نفقة الدولة، بل قام برعاية أولاد الموظف حتى عودته من سفره! * في أحد الأيام قام بزيارة مفاجئة لمستشفى النساء والولادة بالمدينة؛ فساءه وضع المستشفى حيث كان في حالٍ يرثى لها؛ واستمع لشكوى المرضى (النساء والأطفال)؛ فانتحى جانباً وذرف العَبَرَات؛ وطالب المسؤولين بمعالجة الوضع، فأخبروه بوجود أرض للمستشفى، ومشروع مستقبلي؛ فصاح بهم لابد من الحلول الفورية، فاقترح أحدهم نقله إلى إحدى عمائر الأوقاف بجوار المسجد النبوي، وفي حينها اتصل (القُصَيْبِي) بوزير الأوقاف يرجوه الموافقة؛ فكان له ما أراد، ثم تابع تجهيز المستشفى وتشغيله!! * قبل انتقاله سفيراً في لندن كان في مكتبه أحد المستخدمين كبار السن، وبعد مضي عدة سنوات، وبعد عودة (القُصَيْبِي) إلى الرياض، لم ينس ذلك الرجل الطيب، بل وأرسل له بطاقة خاصة يدعوه فيها لزواج ابنته (يارا)!! * (القُصَيْبِي) هو من أطلق فكرة إنشاء جمعية أصدقاء المرضى؛ لرعاية أسرهم وتفقد احتياجاتهم، والوقوف معهم! * القصيبي هو من زرع بذرة جمعية رعاية المعاقين؛ فكانت البداية في الرياض ثم تواصل النمو في بقية المناطق! * عندما كان وزيراً للصحة ابتدع أن يُرسِل لكل مريض يحجز في المستشفى بطاقة تحمل اسمه، وتدعو للمريض بالشفاء!! المواقف كثيرة وكبيرة، ولكن المساحة صغيرة؛ رحم الله (غَازي القصيبي) فقد كان إنساناً بل (مجموعة إنسان). ألقاكم بخير والضمائر متكلمة. فاكس: 048427595 [email protected]