تنافست الملوك والسلاطين والأمراء والوجهاء والمحبين لله ورسوله في خدمة الحرمين الشريفين وزوارهما حجاجًا وعمارًا، وقاصدين، امتثالًا لقول الله سبحانه وتعالى: “وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود”، فهي طاعة وقربة لله ورسوله، وشرف عظيم لا يضاهيه شرف، وأمنية يتمناها الكثيرون في أن يكونوا خُدامًا لبيت الله العتيق ولمسجد رسوله المصطفى - صلى الله عليه وسلم. ونظرًا لما يمثله هذان المسجدان الشريفان من عظمة وتوقير في نفوس جميع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، فقد أولت حكومة خادم الحرمين الشريفين عبدالله بن عبدالعزيز جلّ عنايتها بهذين المسجدين، وبذلت فيهما الغالي والنفيس منذ تأسيس هذه الدولة حتى يومنا هذا رعايةً، وعنايةً، واهتمامًا بالغًا بهذين المسجدين، وسخرت لهما جميع الطاقات والخدمات التي تسهل أمور الزائرين لهما، وتعين على أداء العبادات والشعائر المقامة فيهما، وأن يشعر الزائر لهما بالراحة والطمأنينة من خلال هذه الخدمات المقدمة على مدار الساعة خلال الشهر الفضيل (رمضان) وأشهر (الحج)، أو خلال الشهور المتعاقبة طوال السنة. قضاء العشر الأواخر من رمضان سواءً في البيت العتيق أو في مسجد سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تمثل متعة إيمانية قد لا يجدها الإنسان في أي مكان آخر من العالم، وذلك في توالي الشعائر على مدار الساعة من: صلوات للفروض، وتلاوات للقرآن، ومتعة الإفطار، والقيام، والتهجد، والتشرف بالسلام على سيدنا رسول الله، وزيارة لأهل البقيع، وغيرها من أفعال الخير التي تتضاعف في الشهر الفضيل وبخاصة في هذه الأماكن المقدسة ذات الأجور والحسنات المضاعفة التي ينشدها كل مسلم. ورغم كل هذه الخدمات الجليلة التي لا ينكرها إلا حاسد أو حاقد، هناك بعض أوجه القصور التي قد تكون ناتجة أحيانًا بسبب الجهل بعظمة المكان وحسن التصرف فيه. وهذه بعض من الملاحظات (التي قد لا تؤثر كثيرًا في تلك الخدمات العظيمة المقدمة للحرمين الشريفين)، والتي شاهدناها في الحرم النبوي الشريف خلال العشر الأخيرة من رمضان المبارك، ولكنها رغم بساطتها ملحوظة وتحتاج إلى معالجة من قبل القائمين على شؤون الحرمين الشريفين ومنها: - الجلوس في الممرات: أمام بوابات الدخول المخصصة للمشاة، حيث يجلس الكثيرون ويؤدون الصلاة في تلك الممرات مما يعيق حركة الدخول إلى داخل الحرم، ويحجب الكثيرين من المصلين من الوصول إلى داخل الحرم، حيث توجد العديد من الأماكن الشاغرة والصفوف الناقصة خاصة في التوسعتين الشرقية والغربية. - وضع الفرش والأحذية على فتحات أجهزة التكييف: وضع بعض فرش المعتكفين، والأحذية البالية والرثة للقادمين من خارج الحرم فوق فتحات التكييف المركزي، خاصة عند أداء الصلوات المكتوبة، مما يعيق حركة خروج الهواء، وإن خرج يصبح ملوثًا بما يوجد فوقه من ثياب رثة، وأحذية بالية تصيب الناس بالعديد من الأمراض. - توزيع التمر والقهوة على الخارجين من الحرم: توزع حبات التمر مع كاسات من القهوة أو الشاي للخارجين من الحرم بعد أداء صلاة المغرب خصوصًا في ممرات المشاة أمام البوابات، وعند الوصول للمخارج يشتد الزحام وتنسكب القهوة أو الشاي على ملابس الخارجين وتتدفق على الأرض حيث يطؤها المشاة مما يسيء إلى حرمة المكان. فحبذا لو تم التوزيع في الساحات الخارجية للحرم. - فرش الحرم: بعض السجاجيد التي يصلي عليها الناس تحتاج إلى عناية ونظافة لما تحمله من روائح قد تنفر المصلي من وضع جبهته عليها من شدة نفاذ الرائحة غير المستحبة لهذه الفرش. وخلاصة القول: إن جميع العاملين في الحرمين الشريفين يعملون بكل طاقاتهم: خدمةً، وإطعامًا، ونظافة، وسقيا، ومراقبة، يعملون بجد وإخلاص وبشكل متواصل دؤوب قربة وطمعًا وطلبًا للأجر والمثوبة من الله، وإن حدث بعض القصور فهو مغفور لهم مع تواجد هذا الكم الهائل من البشر، والأعداد المتزايدة من الزوار والمعتمرين الراغبين في الاستمتاع بالتقرب إلى الله والاقتداء برسوله في هذه الأجواء الإيمانية (الروحانية)، التي لا يوجد لها مثيل في أي بقعة من العالم. [email protected]