في ظل تعهد السلطة الفلسطينية بعدم اندلاع انتفاضة ثالثة، وفي ظل تصريحات قادتها بعدم جدوى المفاوضات غير المباشرة والاستمرار -بالرغم من ذلك- في تلك اللعبة المملة في الوقت الذي تستمر فيه حكومة نتنياهو في ممارسة كل الممنوعات الدولية ضد الشعب الفلسطيني بدءًا من قتل الأطفال وهدم البيوت والمداهمة والاعتقال والاغتيال وليس نهاية بالحصار الظالم على قطاع غزة، ضاربة بالقوانين والقرارات والأعراف والمبادرات الدولية عرض الحائط، كان لابد من أحرار العالم أن يقوموا بعمل ما بعد أن توقفت آلة النضال الفلسطيني وبات الوضع يبدو وكأنه «ستاتوس كو» بالنسبة للفلسطينيين فقط، فيما أن كل يوم يمر على إسرائيل يحمل إضافة جديدة في مشروعها الصهيوني الذي بات قاب قوسين أو أدنى من تحقيق أهدافه الأخيرة لا سيما في ظل استمرار الانقسام وسقوط قناع المصداقية لدى السلطة و “حماس” اللتين لم تتوقفا طيلة الأشهر الماضية عن إرسال إشارات بأن المصالحة وشيكة، فيما أن واقع الحال يثبت العكس تمامًا!. انتفاضة السفن التي لا تقل في زخمها وآثارها عن الانتفاضتين الفلسطينيتين الأولى والثانية أثبتت أنها ليست عبثية لا سيما بعد أن أيقظت ضمير العالم ، بعد أن أصابه الإعلام الصهيوني المضلل بالتخمة. عندما دفعت إسرائيل للمرة الأولى إلى الحديث عن تخفيف الحصار ، وعدم جدواه بعد أن أظهرها على حقيتها عندما شاهد العالم كله البوارج الإسرائيلية تحاصر سفينة مدنية تحمل مساعدات إنسانية ولعب أطفال إلى قطاع غزة المحاصر فيما تقوم الطائرات المروحية بإطلاق النار على ركابها العزل من السلاح وتقتلهم بدم بارد في المياه الدولية. المشهد الدموي الوحشي دفع هيلن توماس المراسلة العريقة في البيت الأبيض إلى القول: «على اليهود أن ينصرفوا من فلسطين والعودة إلى بيوتهم في ألمانيا وبولندا»، وجعل الصحف الأمريكية تتهم إسرائيل – لأول مرة- بأنها دولة مارقة. الحدث هز العالم كله فيما لا تزال السلطة وحماس تواصلان إرسال الإشارات بأنه ينبغي أن تكون المصالحة هي الرد على المذبحة البحرية الإسرائيلية دون أن توضحا متى وكيف يمكن أن تتحقق تلك المصالحة التي أصبحت كلمة غير مفهومة المعنى والدلالة بعد أن أسيء استخدامها من قبل قادة السلطة وزعماء «حماس»!