من أخطر ما أفرزته ثورة التقنية الحديثة التي نعيشها تلك المسلسلات والأفلام الكرتونية المتحركة مثل “أنمى” التي تعلق بها كثير من الشباب والأطفال ووصلوا إلى مرحلة إدمان مشاهدتها، والخطورة لا تقف عند مجرد المشاهدة بل تتسبب في عزلة الشباب وحصرهم في عوالم افتراضية غير صحيحة حيث يتخيلون أنهم يعيشون مع أبطالها ومن ثم يبدأون في التشبه بهم، سواء في طريقة الكلام أو الملابس أو التصرفات، وهذا ما حذر منه بعض المختصين من تربويين ونفسيين قرعوا ناقوس الخطر من تعرض الشباب والأطفال للانكفاء على الذات والعزلة عن المجتمع. “الرسالة” فتحت هذا الملف وعرضت هذه المخاوف على بعض المختصين فأفادوا بالتالي: جواز مشروط بداية يوضح الدكتور ناصر الغامدي وكيل كلية الشريعة بجامعة أم القرى أن الرسوم المتحركة قد تكون بديلاً لا بأس به كما يقول بعض أهل العلم لأن الإنسان لابد أن يقع في الحرام فلا بأس أن يشاهد هذه الرسوم المتحركة فهي أفضل من مشاهدة الأفلام الهابطة، لان إشكالية البث المباشر لان في كل بيت ولا بد لمن يحافظ على دينه أن يجد البديل لأولاده حتى لا يضطرون لمشاهدة أشياء أخطر وأكبر إثما من هذه الرسوم. وأضاف الغامدي: بعض أهل العلم لا يرى جواز مشاهدة الرسوم المتحركة وأنها تندرج تحت مسمى التصوير، وبعضهم أكثر تسامحاً في هذا الأمر ويرى أنه لا يوجد هناك أي حرج لأن هذه الصور وهذه المشاهد غير حقيقية، إنما هي من ضرب الخيال، فإذا كان الشخص مضطراً لها أي لا يستطيع أن يربي أولاده إلا بهذه الرسوم المتحركة فلا حرج في مشاهدة مثل هذه المسلسلات. وأوضح الغامدي أن أهل العلم الذين أفتوا بجواز مثل هذه المسلسلات الكرتونية اشترطوا شروطاً منها أن لا يكون فيها شيء محرم و أن لا تلهي الشاب عن العبادة، وقال: بعض المسلسلات الكرتونية تتصادم مع العقيدة وسواء كانت هذه المسلسلات من الأنمي أو غيرها فإنه لا يجوز متابعتها والنظر إليها لأنها قد تؤدي إلى الشرك بالله وترسم في عقلية الطفل وبعض الشباب الأشياء لا يجوز التفكير فيها، وهناك مسلسلات تعرضها بعض الفضائيات المحافظة وهي مجرد تسلية للأطفال وتعلمهم بعض الأخلاق والآداب. وتوجه الغامدي ببعض النصائح للشباب الذين يحاكون بعض المسلسلات الأنمي التي تتصادم مع العقيدة أن يتقوا الله عز وجل، لأن ذلك لا يجوز وينبغي لشباب المسلمين أن يحاكوا القدوات من الصحابة والتابعين لأنها قدوات واقعية وضعت بصمتها في التاريخ. توفير البدائل من جانبها قالت الأستاذة مها فتيحي عضو مركز السيدة خديجة بنت خويلد قائلة: هناك كثير من الشباب الذين يعيشون في عالم افتراضي لهذه الرسوم المتحركة، الأنمي وغيرها وهناك تحد اليكتروني كبير هو ألعاب الكمبيوتر والفيديو جيم وهذه الأشياء تجعل الشباب والأطفال يحيون في عوالم افتراضية لدرجة أنهم يفقدوا الاتصال بالواقع، وبالتالي نجد أنهم يعشون بأجسادهم فقط بينما عقولهم غائبة في عوالمهم الافتراضية وبالتالي لا يستطيعون أن يرتبطوا بواقعهم بشكل عملي. وأضافت فتيحي قائلة: الأنمي يعلم الأطفال أشياء كثيرة جداً ولكن الضرر يأتي من ألعاب الفيديو جيم، لأن مثل هذه الألعاب تمتاز بالتفاعلية وتشعر الشاب والطفل بأنهم جزء منها وبالتالي يضطر أن يجعل كل تركيزه في مثل هذه الألعاب وفي غيرها وبالتالي تجده مشتت الذهن. وأوضحت فتيحي أن الأنمي يتصادم أحياناً مع المعتقدات والتعاليم الدينية، وقالت هنا لا بد أن يكون هناك رقيب ومرشد على مثل هذه المسلسلات لذلك لا نستطيع أن نمنع مثل هذه المسلسلات ولكن نستطيع أن نحول اهتمامات الشباب إلى ما ينفعهم بأنشطة حركية عملية يقومون بها لابتعاد عن مثل هذا التأثير؛ أما أن نمنع من غير أن يكون هنالك بديل فهذا لا يجدي. بعض الشباب قد يميلون لتقليد لتلك الشخصيات سواء في طريقة كلامهم أو لبسهم أو حتى أشكالهم الخارجية ولهذا لا بد أن يكون هناك وعي أسري وعائلي كبير جداً، ليس فقط بالتوجيه لأن الكلام لا يجدي أحياناً، فلابد أن يكون هنالك أنشطة مشتركة تقوم به الأسر مع بعضها البعض كي تجذب الشباب والأولاد ليكونوا جزءاً من الأسرة ولا يضطروا إلى الهروب إلى هذا العالم الافتراضي أو ينخرطوا مع أصدقائهم فيشجعوا بعضهم على مثل هذه المحاكاة. وختمت فتيحي بالقول: أكثر الشباب المتجهين إلى مثل هذه العوالم الافتراضية لا يوجد لديهم أي علم بالرمزيات التي تتخلل مثل هذه المسلسلات الكرتونية ذات الغزو العقائدي، لأن بعض الشخصيات التي أحبها الشباب من هذه المسلسلات قد يحاكيها لأن هذه الشخصية هي التي يتفاعل معها، وبالتالي من المؤكد أنه تأثر فيه، لذلك فإن الوعي مهم والأنشطة الأسرية كذلك وعندما لا يجد الشاب أي ارتباط أسري يجد الطريق الوحيد هو أن يعيش مع تلك الألعاب والمسلسلات. لذلك أنصح المربين لهؤلاء الشباب ببذل مزيد من الجهد لأنهم حصاد أمتنا ومستقبلها. تحجيم الفضائيات ويشارك الدكتور حسن العولقي الأستاذ المشارك بكلية التربية في جامعة الملك سعود قائلاً: نحن الآن نعيش في عوالم مختلفة من الانترنت والقنوات الفضائية، يوجد منها ما هو إيجابي ويوجد منها السلبي كذلك. كذلك هناك هذا الوباء الذي يجذب أطفالنا وشبابنا لأن يعيشوا في عوالم افتراضية ليس لها أي ارتباط مع عالمنا الواقعي، ولابد أن نضع لهم بدائل، لأننا لا نستطيع أن نمنع فقط ولكن علينا أن نضع الكثير من البدائل. وأوضح العولقي أنه لابد أن تكون هنالك منظمات متخصصة تتعاون مع الدولة للحد من هذه المسلسلات التي قد تؤدي بأطفال وشباب مجتمعاتنا إلى محاكاة شخصياتها مهما كانت سلبية هذه المحاكاة أو إيجابيتها. وختم العولقي بالقول إنه لا بد من الوقوف في وجه الفضائيات الأثر المتنامي على المجتمع ولابد من الحد منها ومواجهتها، لأن لدينا أشخاص يتأثرون بما تبثه من مسلسلات انمي وغيرها، فلابد أن تكون هناك منظمات مثل الدول الأوربية لتوجيه الناشئة وإرشادهم ووضع البدائل.