مشكلة كثير من الأجهزة الحكومية إصرارها على أن استخدامات التقنية الحديثة إنما هي من الإجراءات المفضولة أو الثانوية ولا علاقة لها بأصل المهام المطلوبة منها. وأعني بالتقنيات هنا البرامج الإلكترونية التطبيقية المتطورة وما تسخره من بيانات ومعلومات قد تُستقى من مصادر حكومية أخرى تشرف عليها وتحدثها باستمرار. خذوا مثلاً مصلحة معاشات التقاعد التي تنهك عملاءها والمستفيدين من خدماتها عبر آليات عتيقة أقل ما يُقال عنها إنها (متخلفة) عن روح العصر ومتطلبات الحياة ووقعها المتسارع باستمرار. في كل عام تطالب المصلحة إفادات عن الأموات والأحياء، وعن المتزوجين وغير المتزوجين، وعن الطالب والموظف، مع أن هذه البيانات متوفرة في نظام الأحوال المدنية الذي ترعاه وزارة الداخلية عبر المركز الوطني للمعلومات. ولو أن المصلحة اهتمت بهذا الجانب قليلاً لاستراحت وأراحت ووفرت على الناس أوقاتهم وجهودهم، بل ولحفظت كرامة عشرات أو مئات الألوف من المحتاجين (خاصة الورثة المساكين) من (مرمطة) المراجعات والاتصالات والمكاتبات، ومن قلق الانتظار الطويل قبل استلام الحقوق التي هي في أغلب الأحيان فتات لا يسمن ولا يغني، ولا ينفع ولا يجدي. وأما المثال الآخر، فكتابات العدل المعنية بالعقارات وصكوكها، والتي كان بإمكانها بالتنسيق مع البلديات والأمانات للاستعانة بالخرائط الجوية التي توضح المساحات بالمليمتر، وتغني عن كثير من الورق الذي ربما طاله التزوير بكل سهولة. ولعل أشهر الأمثلة المعلومة (والله أعلم بغيرها) ما أشارت إليه عكاظ (6 أبريل) عن تدوير 47 مليون متر مربع لتضاف إلى مساحة أرض لا تزيد عن 38 مليون متر مربع لتصبح الأرض بقدرة قادر وتزوير شاطر 85 مليون متر مربع عبر مبايعات وهمية وإفراغات ورقية كان يمكن تفاديها بداية لو أن خريطة الموقع كانت جزءاً أصيلاً من الصك بأبعادها ومحاورها وحدودها. سلام على (جوجل إيرث) الذي اخترعه (الكفار)، فنأى عن استخدامه المسلمون (الأبرار) وحتى (الفجار). بالله كيف يثق الناس في جهاز عدلي يمارس بعض أفراده تزويراً بهذا الحجم المهول، وبهذا القدر غير المسبوق؟! هل قلت غير مسبوق: استغفر الله لما لا أعلم وأنا به من الجاهلين!! [email protected]