تضيق العبارة و تتسع مساحة الألم... وقبل أن نبحر في هذه القضية التي سافرت كخنجر من الخاصرة إلى الخاصرة، دعونا نسرد قضايانا غير الخلافية و بعدها نسمح للقضيه الإشكالية مثار الجدل أن تنال حقها وهى قضية عمل المرأة السعودية كخادمة تحت عنوان -حلول مشكلة العوز-. وأما قبل فاننا نعلم أن إشكال المرأة السعودية ليس دينيا ولا حاجة لنا بالاستنارة بالتاريخ الأسلامي وبالنصوص القرآنية التى لم تعطنا نصا واحدا ليكون مدخلا لتسخيفها أو حتى تهميشها، و بمحاكمة مماثلة ساترك لعقلية القارئ أن تدير جولاتها ليكتشف ايضا أن لا علاقة للقضيه بأزمة الأقتصاد العالمى أو قضية المرأة العالمية ولا بخصوصية المجتمع السعودي ولا غيره... فماذا عساها ان تكون؟ أن المشكله يا ساده هى مشكلة ابصار نعم أن من قاموا بتقبل الموضوع وأعطوا فتاوى ودراسات وأبحاث ليستخلصوا منها نتائج تريح ضمائرهم تفيد أنه لا خلاف على عملها وأن لا عيب بذلك شريطه أن لا تبيت خارج منزلها كأنهم غطو ابصارهم بأصابعهم ورفعو شعار: لتعمل خادمة وتنكسر سعوديتها ولتساوم على آخر معقل لأنسانيتها على أن يكون ذلك شرعا على طريقة الذبح الحلال ولكن على أن يتم ذلك خارج إدراكنا البصري. فليس مهما ما سيجري خلف الكواليس لان المهم أن لا نرى شيئا عندما تقع أعيننا على مشهد ما بعد كشف الستارة. فبوسع تلك الخادمه أن تختلي مع سيدها في منزل واحد -والصغار نيام- ما دامت الجدران الأربعة تخفي تفاصيل المهزلة وذلك بنفس المنطق الذي لم يسمح لها التواجد بمكان عمل مع زميل لها. وقد نتجاوز اضطرارها للتماس مع سيدها فى بعض ظروف التعايش تحت سقف واحد بغير أن نسمح لها بالتجوال المختلط في معارض الكتب خوفا من «تاتش» يثير حفيظة المبصرين. وقد نجيزلها بالتعاقد للخدمة في دول خليجية ولكننا لن نتأخر بنهشها لو سافرت خارج الوطن لدراسه او بعثة دون محرم يراقبها ويحرسها، نعم لقد تعامينا عن ثلاثة أرباع القضية المتلخصة بكيف وصلت المرأة إلى الفاقة و ركزنا على الربع الهزيل بكيف تتعامل مع هذه الفاقة، من وجهة نظر شخصية اقول بكل اسى ان ذلك مرفوض ومحبط تماما لكوننا لم نعالج المشكلة بوعي منفتح يقود إلى سلوك متفهم حيال قضية امرأة انتظرت منا الكثير من المسانده والثقه غير أن نقبل بها في مصاف الخدم ونحن على عتبات عصر صارت فيه انطلاقة المرأة مؤشرا لتمدن المجتمع و تحضره، ناهيك اننا نسبح في ارض الخيرات فأولى لنا أن نبحث عن أسباب هذا العوز على نحو منهجي يرينا الصورة كما هي بلا غبار, دون ان نتعامل مع هذا العوز و كأنه قدري مع انه تراكمي، فمن يدري لعلك ايها الرجل و بقليل من الاعتراف بها شريكا لا تابعا يمكنك نقلها من الأقبية المظلمة إلى الساحات المضيئة بغير أن تخيفك رهبة إبصارها ووقوفها بجانبك وكأنها فتيل فتنه ستنفجر بك بعد قليل. ختاما ومع خالص احترامي لكل رجل يعتبر وجود المرأه عارا يجب ان يخفيه أقول: انت لايهمك أن تتابع مسرحية تتقمص فيها المرأة أي نوع من الأدوار... شرط أن تكون المتفرج الوحيد.