في الديموقراطيات العريقة، تعتبر سيادة القانون واستقلال القضاء، العمود الفقري للنظام الديموقراطي، باعتبار القانون هو الجزء الأهم من العقد الاجتماعي، الذي تراضى الناس – في أي مجتمع – على الخضوع له والالتزام به. وإذا كان الكنيست والحكومة الصهيونية، قد تعودوا على تغيير القوانين الإسرائيلية، كلما لاحت بها ثغرات تدخل منها جماعات حقوق الإنسان، والمنكرون لشرعية الاحتلال، ولم تعد أجهزة الأمن كالموساد والشاباك تحفل بأي قانون، ربما يحد من جرائمها واغتصابها، كما أسلفت في كلمة سابقة، فإن العجب كل العجب أن تفعل ذلك الدول الأوروبية، كبريطانيا وبلجيكا على سبيل المثال، لحماية الإسرائيليين. * * * لقد وعد رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون، الكيان الصهيوني بتغيير القوانين البريطانية، التي تسمح بمحاكمة مجرمي الحرب أينما كانوا، إذا دخلوا الأراضي البريطانية، وذلك بعد رفع عدة قضايا باعتقال عدد من المسؤولين الإسرائيليين، عند زيارتهم لبريطانيا، أما بلجيكا فقد أقدمت على تعديل قوانينها لمحاكمة مجرمي الحرب ثلاث مرات، ليس فقط حماية للإسرائيليين، بل لاستصدار أوامر قضائية، لملاحقة وسجن ومعاقبة زعماء الفصائل الفلسطينية كحماس. لقد أفلحت الضغوط الإسرائيلية والأمريكية منذ سنوات، لحمل الحكومة البلجيكية على تعديل قانونها المتعلق بمحاكمة مرتكبي جرائم الحرب ثلاث مرات، سواء في فقرته رقم 95 أو بقية مواده، من أجل إتاحة الفرصة لإفلات رئيس وزراء إسرائيل الأسبق ارييل شارون، من محاكمته كمجرم حرب، عن مذابح مخيمي صبرا وشاتيلا للاجئين الفلسطينيين عام 1982، وهي المادة التي كانت تقتضي ضرورة وجود مرتكب الجريمة على الأراضي البلجيكية. * * * ثم أدت الضغوط الإسرائيلية وأيضا الأمريكية على بلجيكا، الى وأد محاكمة شارون في مرحلتها الأولى، بعدم جواز نظر الدعوى، لأن المتهم لايزال يتمتع بحصانة سياسية، لكونه لايزال في السلطة، وفي مرحلة لاحقة تم تعديل القانون، بتعليق الولاية القضائية الدولية للقانون البلجيكي لمحكمة مجرمي الحرب، استنادا على شرطين، الأول أن يكون المتهم منتميا لدولة لايوجد بها نظام قضائي، والثاني أن يكون المتهم من دولة غير ديموقراطية، وهي اشتراطات من السهل أن تتلاعب بها إسرائيل، لملاحقة عناصر حماس بعد أن ضمنت لساستها ومجرمي الحرب بها، الإفلات من القانون البلجيكي.