مساندة المليك * وماذا عن الحِراك الانتخابي؟ وجود المرأة في المجتمع المدني هو الذي ساعدها على الانتخاب. مساندة الرجل للمرأة في هذه المجالات غير مستغربة، وهذه المساندة تختلف في بعض المناطق عن الأخرى. بعض المناطق متقدمة على ما سواها. كل هذا يدل على أهمية دور الرجل في مساندة المرأة للتقدم. إذا لم يقم بهذا الدور يتوقف دور المرأة. الملك عبدالله ساند المرأة وعيّنها وكيلاً لوزارة. هذا أهم من مجرد الحركة الانتخابية الشعبية، ولكن الدور السياسي أكبر أهمية. الملك ساند المرأة سياسيًّا والمجتمع يساندها في عملية الانتخابات. هذه هي البذور الأساسية للتعاون بين الرجل والمرأة، وهي موجودة منذ وقت طويل. أتمنى أن تستمر هذه المساندة، وألاّ يقتصر الأمر على مجرد الانتخاب؛ لأن هناك جوانب كثيرة في الفترة الحالية تحتاجها المرأة بشدة. نقطة تحوّل تاريخية * ليس مقارنة بين المجتمعين ولكن البعض يرى أن تعيين نورة الفايز في منصبها الجديد وتفاعل المجتمع مع القرار مثل تفاعل المجتمع الأمريكي بفوز باراك أوباما في الانتخابات الرئاسة.. ما تفسيرك؟ الأمر -بلا شك- نقطة تحوّل في تاريخ المملكة. ولكن تمكين المرأة في المملكة العربية السعودية لم يبدأ مع تعيين نورة الفايز، ولكنه ربما لم يكن ظاهرًا بصورة واضحة. كان هناك وجود للمرأة بشكل غير مباشر. وجود الفايز كنقطة تحوّل يعادل وجود أوباما. لكن فوز أوباما له دلالات وأبعاد مختلفة منها الاضطهاد الذي كان يعاني منه السود في المجتمع الأمريكي في السابق. لم نكن كنساء مضطهدات -والحمد لله- وهذا لا يبرر أن وجودنا على هذا المنصب أننا مضطهدات. ربما كان هناك تناسٍ وتجاهل لتعيين المرأة السعودية، ولكنه موعودة -إن شاء الله- بمزيد من هذه المناصب القيادية. معيار الكفاءة * هل نحتاج إلى مزيد من تأنيث القيادات في المملكة؟ نحتاج ولكن ليس تأنيثًا للمناصب، بل لوجود المرأة في المناصب القيادية. لا نريد أن نبدل الرجل لمجرد أنه رجل ونأتي بامرأة في مكانه. لكننا قطعًا بحاجة إلى وجود المزيد من النساء في هذه المناصب الرفيعة. المعيار الوحيد الذي علينا أن نلجأ إليه ينبغي أن يكون هو الأهلية والكفاءة، وليس لمجرد أنثوية المرأة أو ذكورية الرجل. إذا كان المعيار هو الكفاءة فلن نكون في حاجة لتأنيث القيادات أو تذكيرها. في الوقت المناسب * هل أنت متفائلة بأن تستلم المرأة حقيبة وزارية في التشكيل الوزاري المقبل؟ لا أظن هذا الأمر قريبًا، ولكن كل ما يأتي في وقته يكون مناسبًا. مثلما أصبحت المرأة وكيلة وزارة فسوف تصبح وزيرة. عندما جاءت الفرصة المناسبة تسلمت المرأة حقوقها. القيادة لديها فرصة أكبر لتقييم الوضع ومعرفة التوقيت المناسب. وهل سيكون غدًا أم بعد سنة أم أكثر. هناك مَن انتقد غياب المرأة عن انتخابات المجالس البلدية، فما هي وجهة نظرك لهذا الغياب؟ هذا الموضع سبق طرحه من قبل أثناء أحد النقاشات مع وزارة الخارجية، وكان هناك وعد بأن يكون الأمر في الدورة المقبلة. غياب المرأة عن الدورة الأولى ربما كان لأن الوقت غير سانح من ناحية اجتماعية مثل الأمور الأخرى. لكن وجود المرأة في هذه المجالس ضروري. قضية أساسية * ماذا عن غياب المرأة عن مجلس الشورى والاكتفاء بوجودها في منصب المستشارة فقط؟ وجود المرأة في منصب المستشارة فقط غير كافٍ. وجود المرأة كعضو في مجلس الشورى قضية أساسية وهامة. ضد زيادة السيارات * من القضايا التي تطرح في الإعلام الغربي، وفي المشهد المحلي قضية قيادة المرأة للسيارة. هذه القضية مطروحة منذ فترة طويلة ولا تزال معلقة، ماذا تقولين حول هذه القضية كناشطة اجتماعية ومديرة جامعة؟ الرجل لا بد أن يساند المرأة في هذا الأمر. ذكروا أن المرأة لا بد أن تأخذ الإذن من زوجها، أو والدها، أو أخيها. حتى السفر للخارج يحتاج إلى هذا الإذن -والحمد لله- هذه من الأمور التي نحصل عليها سريعًا. نحتاج إلى مساندة الرجال كما ساندونا من قبل، وأن يجروا دراسة شاملة حول ضرورة السماح للمرأة بقيادة السيارة. أنا ضد زيادة أي سيارة في المجتمع بسبب الحوادث المرورية التي نشاهدها. كيف يتم السماح للأطفال بقيادة السيارة ويمنعون المرأة؟ عندما يقود الطفل السيارة فسوف يتسبب في كوارث بدون شك. ابنتي ماتت بهذا السبب. عندما يقود طفل في الرابعة عشرة، أو السابعة عشرة دون أن يدخل مدرسة تعليم قيادة السيارات، فسوف تكون النتيجة كارثية دون شك، إذا منع المجتمع الأطفال من قيادة السيارات فهذا أهم في نظري من قيادة المرأة للسيارات. لست مع أو ضد قيادة المرأة للسيارة، ولكنني ضد وجود زيادة سيارة واحدة في الطريق؛ لأنها سوف تسبب مزيدًا من الاختناق. أعلى مستوى للحوادث في العالم كله في المملكة. عندما يقود الأطفال السيارات باستهتار، ودون أن يدخلوا المدارس المختصة، فهذه قضية أهم في نظري من قيادة المرأة للسيارة. توسّع ضروري * ما هو تعليقك حول التوسع في الجامعات الحكومية الذي نشاهده في الوقت الحالي، حيث تم افتتاح مزيد من الجامعات مؤخرًا؟ التوسع في الناحية التعليمية من الأمور الضرورية. المملكة شاسعة المساحة، ولا تستطيع أن تستوعب هذا العدد الكبير من الطلاب في تسع جامعات. العدد وصل الآن إلى 24 جامعة -والحمد لله-. بعد كل هذا التوسع فإننا بالكاد نستوعب الطلاب. التوسع ضروري لاستيعاب العدد الكبير من الطلاب. ترافق مع هذا التوسع وجود الهيئة الوطنية للاعتماد. هذا ما يوضح أن وزارة التعليم العالي لا تهتم فقط بالتوسع في العدد، وإنما تهتم بالنوعية كذلك. أي جامعة حكومية أو أهلية، لا بد أن تتبع الجودة العلمية. تنافس الأهلية والحكومية * بدلاً عن افتتاح جامعات حكومية في بعض المناطق الصغيرة، لماذا لا يتم تشجيع القطاع الخاص لفتح جامعات فيها؟ التنويع أساسي لأن التنافس بين الحكومي، والأهلي وبين المناطق. وجود الجامعات الأهلية والحكومية في هذه المناطق يخلق التنافس. الزيادة السكانية في المملكة كبيرة. وجود مقدمي الخدمة من النوعين يحقق المرونة. من يريد فليذهب إلى الجامعات الحكومية، ومن يبحث عن تخصصات معينة لا تتوفر فيها فليذهب إلى الجامعات الخاصة. العملية في الآخر هي عملية تكاملية بين القطاعين الحكومي والخاص. خطة آفاق الإستراتيجية الحكومية تعتبر من الخطط التي لم تكتف فقط بدراسة احتياج المجتمع للجامعات الحكومية في جميع أنحاء المملكة، بل درست احتياج القطاع الأهلي لتقديم الخدمة. جميع حكومات العالم تحرص على وجود الجامعات الحكومية والأهلية في نفس الوقت؛ لأن من شأن ذلك أن يخلق التنافس، ويؤدي إلى ازدهار التعليم. ليس المفروض من الجامعة أن تقوم بالتدريس فقط، بل هناك مجال البحوث وهو مجال مهم. فترة خصبة * كيف ترين فترة عمادتك للطالبات بجامعة الملك عبدالعزيز؟ جئت من أمريكا، وبدأت كوكيلة للكلية، وهذا منحني أساس التعليم. انخراطي في جميع المناصب التي تقلدتها في جامعة الملك عبدالعزيز منحني القدرة على معرفة كيفية تسجيل الطالبة وتدريس المادة، وإدارة الأقسام والكليات. تقلدي لهذه المناصب إضافة إلى التدريس والإشراف على بحوث الماجستير والدكتوراة جعلني ألمُّ بكل العملية التربوية. عندما جئت إلى جامعة عفت أحسستُ أن هذا من الإنجازات التي أريد إضافتها لمجتمعي. تلك الفترة أعطتني الكثير من الأساسيات التي كنتُ -ولا زلت- بحاجة إليها. نقلة هائلة * من واقع كونك أكاديمية في الإدارة والاقتصاد.. هل ترين أن المرأة السعودية قد حققت منجزات في مجال إدارة الأعمال؟ سيدات الأعمال السعوديات تطورن خلال العشر سنوات الماضية بشكل كبير، ودخلن في مجال التصنيع والمنشآت الصغيرة والمتوسطة. هذه نواة لتطور المجتمع. وجدت أنهن لم يكتفين بإنشاء المنشآت، إنما بدأن يدركن الأمور المالية وجوانب التطوير المختلفة. صارت سيدة الأعمال لا تدير المؤسسة ليس لأنها تملك المال فقط، وإنما لأنها تتمتع بالحنكة. لا شك أن سيدة الأعمال تحتاج لزيادة أفكارها وتطلعاتها، ولكنها تطورت عن السابق، وحققت نقلة هائلة. إنجاز خطط التنمية * ما تقيميك لتجربة المجتمع المدني بشكل عام؟ هذا الموضوع قريب إلى قلبي، وعملت بحثًا في هذا الأمر، وأتمنى أن يكون للمجتمع المدني ومؤسساته تقييم وتقدير أفضل، ومساهمة أكبر. هذه العناصر الثلاثة مهمة حتى تنجز خطط التنمية. أتمنى أن يكون هناك مجلس لهذه المؤسسات الخيرية على غرار مجلس الغرف التجارية. لن نستطيع تقييم عملهم بدون هذه الطريقة، وسيكون هناك هدر لإسهامات قطاع اقتصادي هام. الناتج الاقتصادي سيحتسب بناء على إسهامات القطاعين العام والخاص، ويتم تجاهل القطاع الثالث الذي يقوم بعمله ويجد التجاهل. المجتمع المدني ليس مجرد جمعيات خيرية، ولكن الجمعيات غير الربحية التي تعمل بدون أن يتم توزيع أرباحها على المساهمين، ويعاد الربح إلى رأس المال لأن العملية إنسانية في المقام الأول. أتمنى أن تكون هناك مظلة للمنظمات الإنسانية الموجودة في المجتمع السعودي. سلاسة وتدرج * ما الفرق بين الفترة التي بدأ فيها تعليم المرأة في المملكة وما يحدث حاليًّا وأنت مديرة جامعة؟ أقولها بدون تعليق (ضاحكة). النقلة كبيرة، ولم يكن لها أن تتم بسلاسة ودون مظاهرات. وفقًا للنمط السائد في الحياة. لم نحتج لما احتاجت إليه حركات تحرر المرأة في العالم. وصلنا لهذه الدرجة بسلاسة، ووصلنا إلى تقدم كبير. مجتمعنا يتقبّل كل شيء بصورة عادية. الحركة النسوية حركة طبيعية، وليس فيها تظلّمات وهي حركة طبيعية وتنموية وتدريجية. لمشاهدة الجزء الأول، اضغط على الرابط التالي: http://www.al-madina.com/node/224289