إسرائيل دخلت موسوعة جينيس اخوان من أوسع أبوابها بسبب استيلائها على أكلة لبنانية شهيرة اسمها الحمص، وقبلها الفلافل الفلسطينية أو ما تسمى أحيانا بالطعمية، وقبلها استولت على الزى الفلسطيني ونسبته إلى نفسها كنوع من التقاليد الإسرائيلية والتراث اليهودي، ولكن البعض تناسى أن إسرائيل ليست المرة الأولى التي تدخل هذه الموسوعة التي تدون كل شيء شاذ وغير مألوف. فإسرائيل دخلت هذه الموسوعة من جميع أبواب ونوافذ تلك الموسوعة ، قبل ذلك بكثير، والحق يقال انه لم يسبقها احد على وجه هذه الأرض وذلك باستيلائها على ارض شعب بأكمله وطرده وتشريده منذ أكثر من ستين عاما وهذه سابقة شاذة لم تحصل في أي تاريخ قديم أو معاصر. إذن لماذا هذا الاستغراب عندما استولت على أكلة شعبية لبنانية اسمها الحمص؟ وهي استولت كما أسلفنا على وطن بأكمله يقطنه شعب اسمه الشعب الفلسطيني. فماذا تتوقع من أبناء عمومة لنا كلما انتقدنا تصرفاتهم وسلوكياتهم وإجرامهم بحق شعب اعزل لا حول له ولا قوة قامت قيامتهم واخذوا يعزفون سيمفونية السامية التي نحن أيضا ننتمي إليها مثلهم بالضبط؟ ماذا نتوقع من دولة عنصرية رمت شعباً بأكمله خارج أسوار بيته؟ وماذا نتوقع من دولة عدوانية مدللة تعطى من الغرب من رغيف العيش إلى المدفع والصاروخ والطائرة؟ فيا ليت الاستيلاء فحسب توقف على الحمص اللبناني والفلافل والزي الفلسطيني وكذلك الفلكلور الفلسطيني الذي أصبح جزءاً من تراث إسرائيل جنبا إلى جنب مع وطن الفلسطينيين!!. لماذا هذا الاستغراب عندما تدخل إسرائيل موسوعة جينيس بسبب حمص وهي ابتلعت شعباً بأكمله؟ ولماذا هذا الاستغراب وهذه الضجة الإعلامية بسبب حمص لا يؤخر ولا يقدم مقارنة بأرض فلسطينية مسلوبة؟ لماذا إعلامنا العربي يضخم مشكلة حمص وفلافل ولا يسلط الأضواء على ارض فلسطينية دخلت فيها إسرائيل موسوعة جينيس قبل أكثر من ستين سنة باستيلائها على وطن بأكمله وتشريد شعبه؟ لماذا إعلامنا العربي لا يجدها فرصة ثمينة ويسلط الأضواء على الأرض الفلسطينية المغتصبة، ولو المحتلة عام 1967م، وان إسرائيل ليس فحسب سرقت الحمص والفلافل والزي الفلسطيني وغيره بل سرقت اعز ما يملكه الإنسان ألا وهو هويته أي وطنه. إسرائيل عندما احتلت لبنان ودمرته بالكامل حولت مجرى نهر بأكمله إلى داخل حدود فلسطين الشمالية وبذلك سرقت مياه لبنان ومازالت محتلة لمزارع شبعا وهضبة الجولان السورية؟! ولا اعتقد أن هناك حربا بسبب الحمص بين لبنان وإسرائيل كما أشارت إليه قناة العربية بل الحرب الحقيقية يجب أن تركز على مأساة شعب بأكمله وليس على صغائر الأمور كالحمص والفلافل. إعلامنا العربي يجب أن يكون أقوى وأكثر ندية وتأثيرا عربيا وإقليميا ودوليا. فالإعلام هو السلطة الرابعة ولو انه قفز في هذه الألفية إلى مراتب متقدمة جعلته السلطة الأولى بدون منازع وليس الرابعة في هذا العصر بسبب الثورة المعلوماتية والتقنية التي أصبحت تحمل ذلك الكم الهائل من المعلومات إلى أقصى بقعة في العالم في ثوان معدودة. التقنية يجب أن نوظفها في خدمة قضايانا العربية والإسلامية التي تؤرقنا وتهمنا ومنها فلسطين والعراق والصومال واليمن والسودان وغيرها من دولنا العربية التي مازالت الأيادي الأجنبية تعمل فيها بخفاء وعلن وتعبث فيها. فإعلامنا العربي يجب أن يركز على مآسينا وهمومنا ويبرزها بشكل صحيح للعالم وان ما تقوم به إسرائيل هو غطرسة وعربدة ولا احد يملك القدرة أو يجرؤ على إيقافها عند حدها بل إن توصيات اللجنة المشكلة في التحقيق بانتهاكات إسرائيل وجرائم الحرب التي ارتكبت في غزة مازالت حبيسة أدراج الأممالمتحدة والبركة في البعض من الفلسطينيين الذين لا يريدون عرضها على مجلس الأمن لان الوقت الآن غير مناسب كما يقولون ولأسباب أخرى غير معروفة؟! جرائم حرب يندى لها الجبين وتقرير لجنة يسطر بماء من الذهب لم نستغله الاستغلال الأمثل ولو إعلاميا بل السكوت عليه بسبب تهديدات قادة إسرائيل لأركان السلطة الفلسطينية بالسكوت عليه وألا فان العصا لمن عصى. علما لو أن هذا التقرير كان في صالح إسرائيل لاستغله الإعلام الإسرائيلي والسياسيون وغيرهم الاستغلال الأمثل وصوروا إسرائيل على أنها الحمل الوديع وان العرب يريدون رميها في البحر ولكسبت إسرائيل منه دعاية لا قبلها ولا بعدها أما إعلامنا العربي فالبعض منه ما زالت اهتماماته بجمع المال عن طريق الهواتف النقالة واليانصيب وستار أكاديمي ومسابقة البدناء من الناس الذين ابتلاهم الله بأكوام من الشحوم واللحوم. حمص وفلافل تدخل إسرائيل بسببها موسوعة جينيس إخوان، ونحتج عليها، وتكون هناك حربا إعلامية وسياسية بين إسرائيل ولبنان، والأرض الفلسطينية التي ابتلعتها إسرائيل وتزرع فيها الحمص ومقادير الطعمية (الفلافل) من اجل أن تدخل بتلك الموسوعة الشاذة تقوم قيامتنا نحن العرب. لماذا هذا التسطيح الإعلامي العربي؟ ولماذا انحدر إعلامنا العربي إلى القاع ونحن نملك أضخم مؤسسات إعلامية في الشرق الأوسط، وجيشاً كاملاً من الإعلاميين والمحررين وشبكات للمراسلين والمحللين والمحاورين والخبراء والمتعلمين والمستشارين والمثقفين والمتخصصين والفنيين وغيرهم الذين بإمكانهم قلب الطاولة في وجه أي أعلام مهما عظم شأنه؟ نخلص إلى القول انه آن الأوان إلى تسليط الأضواء على قضايانا العربية المصيرية ونجعلها حديثنا بشكل شبه يومي في وسائلنا الإعلامية العربية وقد قيل قديما “إن كثر الطرق يفك اللحام” بعيداً عن الحمص والطعمية!!