مبروك .. أعلن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز يوم الإثنين الماضي أضخم ميزانية في تاريخ المملكة العربية السعوديه ، أحتوت كما قال الخبير الإقتصادي السعودي البارز الدكتور محمد إحسان بوحليقه على أعلى إنفاق شهدته البلاد .. وسبق إعلانها مقال لوزير الإقتصاد والتخطيط خالد القصيبي ،نشره في جريدة ( الرياض ) ذكر فيه : « أن الموازنة الجديده تؤكد إستمرار الإلتزام بالتوجيهات السامية بتسريع خطى التنمية الإقتصاديه والإجتماعيه وترسيخ استدامتها وتحقيق تنمية متوازنه بين مناطق المملكة ، والاستمرار في تحسين مستوى معيشه المواطنين والارتقاء بنوعية حياتهم والعناية بالفئات المحتاجه من أفراد المجتمع « . أعتمدت الميزانيه وأعلنت أرقامها وبرز منها أن الاقتصاد السعودي غير النفطي واصل تسجيل النمو ليكون بذلك الوحيد بين مجموعة العشرين الذي لم يشهد إنكماشا خلال عام 2009 ، كما ذكر الدكتور محمد الجاسر ، محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي ( ساما ) في مقال صحفي له هو الآخر .. وأكدت أرقام الميزانيه وما تضمنته من مصاريف عالية متوقعة على برامج ومشاريع تنموية متعددة أن المملكة تدير مواردها الماليه بكفاءة عالية .. والقيادة السعوديه كما هو واضح من أرقام الميزانيه وتوجيهها تسعى لصرف مواردها نحو التنمية البشرية والتعليم والصحه والإسكان وأن تكون الأولوية تلبية إحتياجات المواطن . مطلوب الآن أن ترتفع الأدوات التي تنفذ بها الميزانية إلى المستوى الذي ترغب فيه القياده ، وأن تتحول الوزارات والمؤسسات العامه وغيرها من المصالح الحكوميه إلى أجهزة أكثر كفاءة مما هي عليه اليوم .. فالمليك قال لوزرائه علناْ وفي مجلس الوزراء خلال إعلان الميزانيه أن : «عليكم إخواني إتمامها (الميزانية ) بجد وإخلاص والسرعة فى ذلك وعدم التهاون في أي شيء يعوق تنفيذها « .. وحذرهم ، حفظه الله ، من أنه يسمع من الناس عن التقصير الذي يحدث ويعرف أن : « بعض المشاريع إلى الآن ما بينت « ، وهي مشاريع أجيزت من سابق ولازال التهاون قائماْ في تنفيذها . بل طالبهم بأن يخبروه مباشرة حين يحدث التقصير أين حدث ذلك ومتى حدث ومن المسؤول .. فاللوم إذا جاء سيكون على الوزير فقط .. أي أن المليك لن يقبل بالحجج والمسببات لتأخير المشاريع وعدم تنفيذها . أرقام الميزانية جميلة ، فحيثما نظرت تجد المزيد من المشاريع ، فسمو الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد ، وزير التربية والتعليم ، أشار إلى أن قطاع التعليم حظي بأكثر من ثلث الميزانيه ( 35 بالمائه ) ، وأرتفعت مخصصات البلديات بنسبة 15 بالمائه عن العام الماضي وقطاع النقل والإتصالات زاد بنسبة 24 بالمائه ومخصصات المياه والزراعه أرتفعت بنسبة 30 بالمائه عن العام السابق .. وغير ذلك كثير .. ويبقى كيفية تحسين تطبيق وتنفيذ بنود الميزانيه .. وكنت أتمنى لو أن المهندس عبد الله الحصين ، وزير المياه والكهرباء ، كان أكثر وضوحاْ في تصريحه ، الذي نشر الثلاثاء الماضي في جريدة ( المدينه ) ، حين نقل عنه أنه قال أن : « المشروعات التي أعتمدتها الميزانية العامة للدوله للعام الحالي ستضع حلاْ جذرياْ ونهائياْ لمشكلة عدم توفر مياه الشرب التي تعاني منها معظم مناطق المملكة « .. لأن هذا التصريح يرفع آمال الناس عاليا جدا ، مع أن المعروف عن المشاريع أنها لا تتم كلها خلال عام واحد فقط ( هل نسينا الوعود العسلية حول محطة تحليه المياه بالشعيبه ) وإنما تتطلب زمنا أطول ، وقد يكون ما يعنيه معاليه أن المخصصات التي طلبها توفرت له الآن ، وسيبدأ علاج نقص المياه من الآن فصاعدا . وهناك نقطة هامة في الحرص على إكتمال الإلتزام بتوجيهات القياده في تطبيق إجراءات تنفيذ الميزانيه ، وذكرها خادم الحرمين الشريفين عند مخاطبته للوزراء في جلستهم الأخيره حين طالبهم بأن يخبروه متى وجدوا : « تقصيراْ من أحد ومنهم وزير الماليه « ، فبعض الإقتصاديين يرون أن هناك مشكلة لدى وزارة الماليه إذ أنها تؤخر صرف بعض الاعتمادات المالية للمشروعات التي تضمنتها بنود الميزانية ، الأمر الذي أدى في السابق إلى قصور في تنفيذ عدد من المشروعات في وقتها ، وفي هذا الشأن قالت صحيفة ( الوطن ) في عددها الصادر يوم الإثنين الماضي أن الدكتور صالح السلطان ، المستشار الإقتصادي وكبير الإقتصاديين سابقا في وزارة الماليه ، أرجع مشكلة صرف مستحقات المناقصات الحكوميه بعوامل متعدده « بعضها إداري وبعضها تنفيذي « مشيرا إلى أن « الأصل أن تطرح المناقصات وتصرف مستحقاتها في وقتها ولكن ذلك قد لا يحصل لأسباب كثيرة « ويبدو أن هناك مشكلة لدى وزارة المالية وفي هذه الوزاره عبر تعاملها مع مختلف الوزارات ، وإذا كانت قد عجزت حتى اليوم وعبر سنين طويله من إدارتها لصرف الميزانيه وبنودها عن حل هذه المشكله ، فلابد وأن يتم النظر بشكل عاجل في هذا الأمر لمصلحة تنفيذ أهداف الدوله ومخططاتها ، ولا يمنع الأمر من الإستعانة بخبرات دول أخرى نجحت في تجاوز ما قد تشكو منه وزارة المالية ، بهذا الشأن . ومن ميزات الميزانية الجديدة المبالغ الكبيرة التي خصصتها الدولة لصناديق وبنوك التنمية الحكومية والمعنية بمساعدة القطاع الخاص .. ومن المسلم به أن مثل هذا الدعم الحكومي للقطاع الخاص لن يكون كافيا لدعم هذا القطاع ما لم تتخل البنوك المحلية عن تحفظها عن تقديم القروض والتسهيلات البنكيه لمنشآت القطاع الخاص خاصة المتوسطة والصغيرة منها ، لأن هذه السياسة البنكية المتحفظة أدت إلى إضعاف المنشآت الخاصة مما ينعكس سلبا على تنفيذ مشاريع الدولة .. وقد يكون الحل في هذا الأمر بيد مؤسسة النقد التي يمكنها إقناع البنوك بالإنفتاح أكثر على القطاع الخاص . أعود مرة أخرى لأقول لكم مبروك على الميزانية الجديدة ، لأننا نستحق أن نهنئ أنفسنا على مامن الله به علينا من خير عميم وقيادة حكيمة واعية تسعى إلى خير الوطن والمواطن .. ودعواتنا لأن تصبح الأجهزة المعنية بتنفيذ الميزانيه عونا للقيادة فيما تصبو إليه ، وكما قال خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز : « هذه الميزانية ، ولله الحمد فيها الخير وفيها البركة إن شاء الله».