انطلاقاً من اهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله- بقطاعات الكتب والنشر واللغة والترجمة والأدب، جاءت الرعاية الكريمة لمعرض الرياض الدولي للكتاب 2021م؛ لتمنحه بعداً ثقافياًّ كبيراً. ويُعد معرض الرياض الدولي للكتاب من أبرز المعارض العربية، بحسب ما أفاد به أستاذ الأدب, المشرف على كرسي الأدب السعودي بجامعة الملك سعود، الدكتور صالح بن معيض الغامدي، حيث إنه شهد تطوراً سريعاً وملحوظاً، وإذا قيس بعمره سيبدو هذا التطور هائلاً مقارنةً بالمعارض الأخرى, وهو وجهة لكثير من الناشرين، ولمحبي اقتناء الكتب في المملكة، وفي الخليج والعالم العربي. ويشهد في كل دورة ينعقد فيها حضور عدد كبير من دور النشر العربية والعالمية، ويكون الإقبال عليه شديداً عاماً بعد عام، وهو محط اهتمام الناشرين والمثقفين والقراء على حدٍّ سواء. ويتميز المعرض عما سواه من المعارض الشبيهة به في المنطقة -كما أوضح ذلك أستاذ النقد والأدب في جامعة الملك سعود الدكتور حسن الفَيفي- بعدة ميزات, منها: الدعم الذي يحظى به من قبل حكومة خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله-، ووجود الكثافة السكانية، والقدرة الشرائية المتوافرة لدى المواطن السعودي، إضافة إلى الوقت المتاح للقراءة, وهذه العوامل الأربعة جميعها قد لا تتوافر لكثير من الدول. كما أن المعرض قادر على تقليل الفجوة بين شرائح المجتمع؛ فعلاقة الناس بالكتاب في كل مجتمع, وفي كل ثقافة, وفي كل دولة, منذ فجر التاريخ لم تكن على مستوى واحد؛ فهناك من يحبون القراءة أصلاً، لكنهم يعجزون عن الوصول إلى المصدر، وهناك من لا يحب القراءة ولو كان بيته داخل مكتبة. واستطاع معرض الرياض للكتاب في الأعوام السابقة تقليل الفجوة, بتقريبه الكتاب, وتوفير مصادر المعرفة عموماً لمن يحب. وهذا العام, سيجمَع أكثر من ألف دار نشر داخلية وعربية وعالمية في مكان واحد، وبهذا يكون الشخص قادراً على الوصول إلى المعارف بشتى أنواعها. والبرنامج الثقافي المصاحب للمعرض يُعَدُّ ركناً أساسياً من أركانه، حيث تقام في كل عام مجموعة من الفعاليات الثقافية, من أمسيات شعرية وفنية وقصصية, وندوات فكرية, ولقاءات مع بعض المفكرين البارزين، ويشهد هذا البرنامج تطوراً ملحوظاً ونوعياً من عام إلى عام, خاصةً في هذه الدورة 2021م، حيث ستقام أنشطة وفعاليات متنوعة تمثل 16 قطاعاً ثقافياًّ، إلى جانب توفير مساحات للحوار والمحاضرات التفاعلية، وورش عمل متنوعة في مجالات الفن والقراءة والكتابة والنشر، وصناعة الكتاب، والترجمة، ومؤتمر للناشرين يُعقَد في يومَيْ 4 - 5 أكتوبر, بوصفه أول مؤتمر من نوعه في المملكة. ومن ضمن البرامج الثقافية المصاحبة برنامج ضيف الشرف، حيث دأب معرض الرياض الدولي للكتاب في الدورات السابقة على استضافة دولة "ضيف الشرف"، وهذا العام سيستضيف جمهورية العراق الشقيقة، ويقام جزء من البرنامج الثقافي مرتبطاً بضيف الشرف. وهذه الاستضافة تحمل بُعداً ثقافياًّ تاريخياًّ منبعثاً من عراقة مدنها الشهيرة: بغداد, والبصرة, والكوفة، وهو بعد تاريخي ثقافي لا يمكن لسنوات من القلاقل أن تهزه أو تمحوه، وهي لفتة جميلة من المملكة. والتقنية -أيضاً- حاضرة في المشهد الثقافي عموماً، وفي معرض الرياض للكتاب خصوصاً، حيث ستطلق هيئة الأدب والنشر والترجمة نسخة افتراضية إلكترونية لمعرض الرياض الدولي للكتاب خلال مدة انعقاد المعرض، وذلك لتمكين المتصفح من التجوُّل عن بُعد بين أروقته، والقدرة على انتقاء وشراء الكتب، مع تقديم منظومة دعم لوجستي تضمن توصيل الكتاب له خلال وقت قياسي. وتأتي النافذة الإلكترونية لمعرض الرياض ضمن باقة من الخدمات التفاعلية المميزة التي صممتها الهيئة للجمهور الحاضر على أرض المعرض أو عن بُعد؛ من أجل أن تكون زيارة معرض الرياض -حضورياًّ أو إلكترونياًّ- ممتعة للجمهور باختلاف شرائحه، وتتجاوز صيغة العرض والبيع التقليدية. والوسائط الإلكترونية رفدت الساحة الثقافية ولا تزال, وأوجدت منافسة في التلقي في المحتوى الثقافي، وأسهمت بشكل فعال في الجانب الثقافي؛ لأن كثيراً من الأشخاص المحبين للمعرفة لم تُتَح لهم مصادرها، وليس من السهل الوصول إلى المعرفة إلا من قِبَل جانب معين، وهو النخبة الذين يعملون في الجامعات بالقرب من مصادر المعرفة والمكتبات والنشر؛ فالكتب متاحة لهم، في حين أنها لا تكون متاحة في الأماكن النائية والقرى وغيرها. وأضحت الكتب الإلكترونية قريبة من القارئ, ينهل منها المعرفة, وهذا عامل إيجابي، ومع هذا لا يزال الكتاب الورقي مُثبِتاً وجوده؛ فالمبيعات -عموماً- تشكل مستوى جيداً، ويظل للكتاب الورقي جزء تاريخي ووجداني، فكثير من الناس يحرص على اقتناء الكتاب, حتى لو قرأ نسخته الإلكترونية؛ فهي رفدت وساعدت وأسهمت في وصول المعرفة للمتلقي الذي لا يستطيع الوصول إليها بالنموذج الورقي. وبدءاً من غدٍ الجمعة، سيتقاطر الناس إلى المعرض المقام في واجهة الرياض؛ لينهلوا من شتى العلوم والمعارف، ويقضوا أمسيات ثقافية مع أبرز المفكرين والمثقفين والمبدعين.