يختزل بعض المتابعين صورة معارض الكتب الدولية بما تقدمه للنشر والكتاب الورقي، في الوقت الذي لا يمكن الحديث عن معرض للكتاب دون الحديث عن وسائل المعرفة بمختلف أشكالها، المرئي والمسموع والمقروء. وهذا ما تجاوزه معرض الشارقة الدولي للكتاب منذ وقت مبكر، إذ كانت المعرفة هي محور الاهتمام، والقراءة هي الفعل الأصيل للحصول عليها، فظل داعما ومتابعا لمتغيرات صناعة الكتاب المعاصرة، حتى بات الكثير من الناشرين الجدد يشاركون بأجنحة تبيع الكتب الإلكترونية وتدعم حضورها وانتشارها. هذا ما أوضحه رئيس هيئة الشارقة للكتاب أحمد بن ركاض العامري، الذي أكد أن ذلك جاء نتيجة للمرتكزات التي تنطلق منها الهيئة في المعرض «إذ نؤمن أن الكتاب الإلكتروني ومختلف أشكال المعرفة المعاصرة لا تهدد وجود الكتاب الورقي، وإنما تشكل إضافة جديدة للعلوم والآداب، وتوسع من جمهور القراء، والباحثين عن المعرفة». وأضاف: «المعرض قائم في أساسه على استضافة الناشرين المتخصصين في الكتاب المطبوع، ويجمع سنويا أكثر من مليون ونصف المليون عنوان مجملها كتب ورقية، إضافة إلى الفعاليات الأخرى التي تنصب في إطار دعم النشر والكتاب الورقي، إذ يستضيف مؤتمر المكتبات لفتح أفق الناشرين على تجارب عالمية، تدعم حضورهم في سوق الكتاب العالمي، وينظم في الوقت ذاته برنامجاً مهنياً يهدف إلى دعم معارف أمناء المكتبات، ويقدم لهم خلاصات الأنظمة المعاصرة في الإدارة، والتصنيف وغيرها من القضايا المتعلقة بالمكتبات». • أنتم لا تفرضون رقابة على العناوين وتسعون في الوقت نفسه لحماية حقوق المؤلف.. كيف يمكن إيجاد تلك الحماية في عالم تحول إلى منافسة شرسة تسودها الرقمنة والنشر الإلكتروني؟ •• تضع هيئة الشارقة للكتاب حقوق المؤلف والناشر على رأس أولوياتها في تنظيمها لمعرض الشارقة الدولي للكتاب، وتفرض عقوبات واضحة على دور النشر التي يتأكد نشرها لكتب بصورة مخالفة للقوانين وخارقة لحقوق المؤلف، وسبق أن أغلقت الهيئة أجنحة دور نشر تم اكتشاف تزويرها لمؤلفات، وحرمتهم من المشاركة في المعرض لدورات لاحقة. أما في ما يتعلق بالنشر الإلكتروني، وفضائه الذي يتجاوز في بعض الأحيان حقوق الملكية الفكرية، وحقوق الناشر، فإن هيئة الشارقة للكتاب، تستضيف كبرى الشركات المتخصصة في نشر الكتاب الإلكتروني، التي تلتزم بالمواثيق والأخلاقيات الدولية المتعلقة في النشر، إضافة إلى تنظيم ندوات متخصصة لتعزيز الوعي، ودعم المعارف المتعلقة بحقوق الملكية الفكرية، وحقوق النشر، وغيرها من الأخلاقيات. • وكيف يمكن تغيير التوزيع في عالم تسوده الرقمنة؟ •• سوق الكتاب في العالم عموما، وفي العالم العربي خصوصا، يستجيب بصورة متسارعة لمتغيرات العصر الرقمية والتكنولوجية، وهذا يتجلى في الكثير من الأشكال، بدءا بانتشار الكتاب الإلكتروني، وصولاً إلى التوزيع الإلكتروني، وانتهاءً بالكتب الصوتية، والقراءات الرقمية. يظهر هذا على مستوى التوزيع في تتبع حجم التنامي الظاهر في المواقع الإلكترونية والتطبيقات القائمة على خدمات توصيل الكتب للمنازل، فالمعاين لسوق الكتاب العربي يجد عشرات وربما مئات التطبيقات المتخصصة في توصيل الكتب حال صدورها إلى القارئ، وتعدى الأمر صورته القائمة على الشراء عبر الإنترنت، إلى توفير خدمات الاشتراكات. وأعتقد أن واقع النشر والتوزيع عربياً سيشهد مزيداً من التحديثات والتغيرات خلال السنوات العشر القادمة، وهذا بالضرورة لا يعني تغلب الكتاب الإلكتروني على الكتاب الورقي، والتحول بصورة كاملة إلى عالم قراءة رقمي، وإنما أعني هنا استحداث آليات جديدة لتوزيع للكتاب الورقي، فالدراسات تشير إلى تزايد الإقبال على الكتاب المطبوع بعد انتشار النسخ الإلكترونية. • ثقافة المقاهي الأدبية في المعارض، أضحت وسيلة لترقية الأدب بكل أشكاله. هل فكرت هيئة الشارقة للكتاب في استحداث هكذا لقاءات في المعرض الأهم في العالم؟ •• يخصص المعرض طوال أيامه ال11، ركنا بعنوان «المقهى الثقافي» ويستضيف سنويا عشرات الكتاب في أمسيات وندوات تتوقف عند أبرز القضايا الأدبية والنقدية، وتقدم تجارب شعرية من مختلف الأجيال، يقرأون نماذج من قصائدهم في فضاء مفتوح يستقطب المارة (زوار للمعرض). ويشهد الركن في دورة المعرض ال36، أكثر من 33 فعالية بحضور 60 ضيفاً، ليؤكد أن المعرض مواكب لمجمل أشكال الفعل الثقافي، ولا يتوقف عن ابتكار ما هو جديد ومغاير لزواره، ومتابعيه. • النشاطات التي تصاحب المعرض عربية وأجنبية. توثق لتجديد عهد مع التقليد المعروف للكتاب، هل استحدثتم نشاطات ضمن الفضاء الجديد الذي سيكون فيه المعرض هذه السنة؟ •• لا يتوقف معرض الشارقة الدولي للكتاب عن استحداث الفعاليات والأنشطة في كل دورة من دوراته، فيخصص هذا العام جناحا خاصا بعنوان «منطقة المستقبل» ليجمع فيه عشر شركات عالمية متخصصة في الكتاب الإلكتروني، ويطلق لأول مرة في تاريخ معارض الكتب العالمية، تطبيقاً ذكياً يستفيد منه زوار المعرض والناشرون المشاركون في آن واحد، ويتيح للزوار والعارضين معرفة تفاصيل دورة هذا العام، والفعاليات التي تتضمنها ومواعيدها، والقاعات التي تقام فيها، وغيرها من المعلومات. • كيف يمكن تنمية القراءة عند الطفل من خلال تخصيص أمسيات للطفل؟ •• ينطلق معرض الشارقة الدولي للكتاب في تقديمه لفعاليات الطفل من رؤية الإمارة في اعتبار الأطفال الطاقات المستقبلية لنهضة الإمارة والدولة، فيولي المعرض عناية كبيرة في فعاليتهم، ويستقطب سنوياً متخصصين في أدب الطفل من مختلف البلدان العالم. ويخصص المعرض هذا العام 1632 فعالية بحضور 44 ضيفاً وبمشاركة 20 دولة، منها: بريطانيا، والكويت، وبولندا، والأردن، وأستراليا، ومولدوفا، وروسيا، والهند، والبحرين، وأيسلندا، ومنغوليا، وسوريا، وإيطاليا، وأوكرانيا. تشكل كل هذه الفعاليات منطلقات وركائز لبناء شغف المعرفة لدى الأطفال، وتكريس عادة القراءة لديهم، فما يقدمه المتخصصون طوال أيام المعرض يستند إلى منهجيات تدرس آليات تعلم الطفل، ووسائل تعلقه في العادات، والسبل الأمثل لغرس حب المعرفة لديه.