يقول الله عز وجل في سورة الأنفال {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}، تعبير بالغ التأثير حين يتراءى للخيال المتآمرون والماكرون.. وعالم السياسة عالم مملوء بالمكر والكيد، فتكيد بعض الدول والأمم بعضها ببعض، والولايات المتحدةالأمريكية من الدول الماكرة قديمًا وحديثًا، والواقع يشهد لها خلال العقود المنصرمة.. ومما تجهله في مكرها بالدول الأخرى وكيدها بهم، أنها لا تشعر أنها تقع في شر أعمالها، وتساق إلى مواطن هلاكها، فيرتد عليها كيدها ومكرها، وتكرر ذلك مع المملكة العربية السعودية، ولم تتعظ من العواقب التي طالت بها: {وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الغَالِبُونَ}.. وكشفت الحكومة الأمريكية الجديدة عن وجهها الحقيقي، متناسية بأن كل تصريحاتها سوف تثير مشاعر السعوديين، وأن هناك وقفة جادة ضد كل من يسيء لقادتها، فولي عهدها «حفظه الله» خط أحمر لكل سعودي ولا يمكن السكوت عنه، وعليها أن تتحمل تبعات هذه التصريحات غير المسؤولة، فالحرية والديمقراطية التي تتشدق بها لا تكون بالإساءة إلى الدول الأخرى والتدخل في شؤونها الداخلية. ومكر أمريكا بالدول الأخرى وخاصة النامية منها، وظنها أنها تنتصر وتحقق ما تريد، مقصوص في القرآن في ذكر القوم السابقين الذين مكر الله تعالى بهم: {وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ}.. والحكمة في أن مكرهم لا ينجح ويرتد عليهم، رغم تكراره وكثرة الإنفاق عليه، والبراعة في التخطيط له وتنفيذه، أن الله تعالى مطلع على سرهم، محيط بمكرهم، عالم بما يكيدون وما يمكرون. ومن أعظم المكر الذي تمكره أمريكا في هذا الزمن كذبة النظام الدولي، فإنه حينما أنشئ بهيئاته ومنظماته ومحاكمه كانت أهدافه المعلنة الحياد بين الدول، ونشر السلم العالمي، وإنهاء النزاعات والحروب، ولكن الملاحظ أن الحروب والنزاعات زادت في وقته أكثر من ذي قبل، ووجهت بوصلته إلى الدول النامية، للهيمنة على سيادتها والتدخل في سياساتها الداخلية ونهب خيراتها. وهذا المكر الذي يمكروه والكيد الذي يكيدوه مرتد عليهم لا محالة. إن الشدائد مفاتيح الفرج، وهو أمر عظيم يجب أن يدركه السعوديون وبخاصة حَمَلَة رؤية ولي العهد، فلا تقعدهم الشدائد والصعاب عن مضاعفة العمل، بل يجب أن تزيدهم قوةً ونشاطاً واستبشاراً بالوصول بها إلى شط الأمل وتنفيذ خططها المستقبلية.