ظاهرة الغموض في القصيدة المعاصرة أصبحت شائعة وأنا لا أقف هنا مع أو ضد، ولكني كنت أتساءل لماذا لا يكون أسلوب أدونيس مثلًا أو عبدالعزيز المقالح أقرب إلى المدارك الصغيرة التي ما زالت تحبو على مدارج المعرفة وقريبًا من الأفهام البسيطة؟ يجيب على هذا السؤال د. ناصف بعبارة أكثر لياقة من إجابة أبي تمام: يحسن في كثير من الأحيان أن يكون الغموض مطلوبًا ومع مرور الأيام وجدتني أقف أمام عبارات عبدالعزيز المقالح وادونيس موقف الذي تفتح له آفاق من المعرفة أشبه بزائر ذات مساء على حديقة لم تفتح كمائمها بعد حتى إذا ما أشرق ذات صباح وجد هذه الكمائم الغفل تنتج أزاهير ملونة على غاية من الفتنة والكمال والجمال أو كما ذكر د.محمد أحمد النهاري في كتاب (عبدالعزيز المقالح.. الشاعر المعاصر) وعلى العموم فإن الغموض يضفي على القصيدة لونًا جذابًا يدفع النفس البشرية المتطفلة إلى البحث عن مدخلات ومخرجات القصيدة. القصيدة المعاصرة التي ولدت مع نازك الملائكة وبدر شاكر السياب يكتنفها شيء من الغموض وتغيب عنها أحيانًا الموسيقى غير أن الصور الشعرية مازالت مستمرة حتى الآن.. المعاصرة والحفاظ على الأصالة هي من أبرز صفات القصيدة المعاصرة غير أن القصيدة العمودية ذات المصراعين ذوت ثم ماتت بموت جيلها المؤسس لها قديمًا.