تكتمل، في الخامس والعشرين من هذا الشهر أربعة عقود على غياب بدر شاكر السياب، الذي نستذكره دوماً مقترناً بتحديث القصيدة العربية، والدخول بكتابتها في أفق جديد لم تعهده في دورة حياتها الطويلة. كما تحفّ باستذكاره فكرة"الريادة"والجيل الذي ارتبط وجوده الشعري بها في تاريخ الشعرية العربية المعاصرة، والشعر العراقي بخاصة. وكأي شعر لا يكرر بل يبتكر، ولا يصالح بل يصدم، ولا يختبر بل يبتدع، فإن شعر السياب يثير مزيداً من الأسئلة كلما كرّت عليه قراءة القارئ، ويحرّض على مزيد من الكشف والتعرّف، وبهذا يمنحنا متن السياب الشعري - على رغم عمره المحدود 1926 - 1964 مناسبة أو فرصة البحث عن حداثته المتجددة، ذلك ان"شاعرية"السياب تخترق قوانين الطبيعة المتمثلة بالميلاد والموت، فهو ذو حضور يتعمق كلما أوغل في الغياب. والأسئلة التي يثيرها متن السياب لا تزال ماثلة على رغم دخول الشعر العربي بعده مناطق بعيدة في التحديث، أكثر عمقاً وغرابة ومغامرة، أسئلة من صنف: ثنائية الموروث والتجديد، المؤثر المعرفي الرمزي والاسطوري، أشكال الشعر المقبلة - والمستلفة - من الغرب، الالتزام والحرية، مشكلة الموت والانبعاث، الريف والمدينة، تمثل الحرمان واليتم وتمثيلهما شعرياً، ولكن تلك الثنائيات التي ولّدت قصائد السياب في مراحل تطوره الشعري من العمود حتى قصائد الرمز الأسطوري، تخفي كذلك ثنائيات"ظلّية"تحكمت في بناء قصيدته، سأحاول - لمناسبة استذكاره هنا - أن أتوقف عند واحدة من أبرزها هي: ثنائية"الشاعرية"و"الشعرية". الشاعرية - وهي ملكة أو مقدرة منظمة ذات فاعلية نصية مولّدة - أكيدة في جسدية السياب، وبها ومنها يُحال دوماً الى منجزه النصي المتحقق، حتى اذا شئنا أن يكون منجز السياب منذ أواخر أربعينات القرن الماضي في حداثة الشعر العربي مرجعاً لشاعريته ذاتها. فالهدم الذي رافق بناء قصيدة السياب الحديثة لا يمكن إقصاؤه في قراءة استعادية كهذه، إنه الهدم اللازم والضروري للتقاليد الشعرية السائدة حتى ببعض أدواتها أحياناً وملفوظاتها ووسائلها البلاغية... ذلك الهدم المتمثل في احتشاد القصيدة بثقافة لم يعهدها قارئ الشعر العربي ولم يتسع لها بناء القصيدة ذاتها، في عمل السياب النصي، وهو أكثر من بطانة أو داخل يشف عنه نسيج قصيدته... نقترح هنا إذاً قراءة السياب بمنافذة"شاعريته"- وهي مقدرة ذاتية - مع شعرية نصه: أي نظامه الداخلي وقوانين بنائه، مما يوصلنا الى التعرف على قدرته في تنظيم الانجاز، تلك التي أدارت خطابه وميّزته على أقرانه المصطفين تحت لافتة الريادة التحديثية الأولى بعثراتها ومصاحبات الولادة المعتادة... وحماستها... تعود الشاعرية الى صاحبها: السياب محصوراً بين قوسي ميلاده وموته، أما الشعرية فتؤول الى نصّه: تمتماته الأولى تقليداً وابتداعاً، في إطار الحاضنة الشعرية الموروثة، مروراً بتجاربه الشكلية والموضوعية أو المضمونية، وترقيق أو تخفيف ثقل الشكل الخارجي للنص وايقاعه وابتداع القصيدة الحرة مبكراً، وصولاً الى"أنشودة المطر"كلحظة تحديث ناقصة يعوزها الوعي بما وراء الشكل الحديث من مشغّلات وفواعل فنية وجمالية، تخص الكتابة وتلقيها في شكل خاص. وإذا كانت الشاعرية كقدرة على التنظيم تخفي نفسها وراء أسماء كالموهبة والمهارة الذاتية والقدرة والملكة والاستعداد، فإن الشعرية كمظهر لقوانين ذاتية نصية تثير مشكلات الأداء والتشكّل واتخاذ هيئة أو بنية نصية ما. نشير بذلك الى الصراع المحتدم بين قدرة نص السياب على التموضع في الشعر خطاباً، وتحويل الموقف من الحياة والمجتمع والذات الى حال شعرية، وبين الانجاز النصي الذي تتنازعه رغبة الهدم والبناء البديل بابتكار وسائل فنية... وحدها القراءة ستمنحنا فرصة التعرف الى برنامج السياب التحديثي، فما يعلنه السياب من تفوّهات حاولت بعض الدراسات لملمتها وتوليفها لا ترقى الى مفردات برنامج شامل وواضح. علينا هنا أن نلتفت الى زوايا مهمّشة في شعره، ثانوية وبعيدة من الإنارة بالدرس النقدي المعتاد. ومن ذلك نقترح هنا: - اختراق واقعية العالم وخارجيته بالبديل الرمزي الاسطوري. - استبدال الشخصيات بالأقنعة. - تخفيف الغنائية بالسرد. - التنبه الى العتبات النصية والهوامش. - الانزياحات الصورية القائمة على تراسل الحواس. وهي مناطق لا نحتكم فيها الى موهبة السياب - كما يصر دارسوه من جهة تغييب أو تقليل دوره التحديثي كما يفعل الشاعر سامي مهدي مثلاً، أو الى العفوية بتعبير مقدم أعماله الكاملة ناجي علوش، ولا حتى قوة الانبعاث بتعبير أدونيس في مقدمة"مختاراته"من شعر السياب، أو"الصراخ الجريح"كما يسمّي أنسي الحاج وهو يرثيه في مجلة"شعر"... إن تلك التسميات تذكّر بالاندفاعة الشعرية التي تكتنزها قصيدة السياب، مما يعيد الى منطقة القراءة مشكلة القصيدة والشعر والكمّ اللازم للشعر أو منه في داخل القصيدة... وهي ثنائية غريبة تنبثق من ثنائية الشاعرية كقدرة، والشعرية كإنجاز... ولعل التفريق بين الشعر والقصيدة وعلاقتهما البنائية سيأتي من طرف شاعر هو أوكتافيو باث الذي يعطي للعلاقة شكلاً آخر، إذ يقترح أن نسائل القصيدة عن حقيقة الشعر فيها. لأن القصيدة عنده شعر مبني أي متخذ لبنية ما داخل القصيدة... وعلى رغم مقدرة السياب على جعل الشعر خاضعاً لبناء مقصود داخل القصيدة، فقد عانى نصه من ازدحام التراكيب وتداعيها، وهو ما التفت اليه دارسو السياب واقترحوا له مسميات عدة: - فهو"سيل من الشعر يسيل به ويسيل معه حتى الموت"بعبارة أنسي الحاج، مما سيولّد ميزة"الصراخ: صراخ وعلٍ جريح"في نصوصه... - وهو"انسياح وفيض"بعبارة ناجي علوش الذي يشبهه بالدوائر المائية التي تنساح حتى تتلاشى وتتسع بدل أن تتعمق، لأنه بلا بؤرة ثابتة، بسبب شاعريته المتدفقة التي تحرك - كالعاصفة - حتى مركزها. - وهو"تدفق"بمصطلح نازك الملائكة التي عممت من خلال شعر السياب هذه الميزة على الشعر الحر كله، الذي رأت انه يتدفق فلا يستطيع الشاعر ايقافه داخل القصيدة، إلا بأساليب قطع رأت أنها خارجية ومقحمة، سمّت منها - مثلاً - اسلوب"ويظل..."الذي يختم به السياب بعض قصائده الحرة... - وهو خلق لصور مستعرضة متمددة أفقياً بمصطلح إحسان عباس... إن هذا السيل والفيض والانسياح والتدفق والأفقية الممتدة أو المتمددة ما هو الا استحضار لشعر أكثر كمّاً مما تتطلبه القصيدة. وهكذا كلما أرادت قصيدة السياب أن تظهر للعيان أو تتحقق بالفعل: عيان القراءة وفعل الانجاز، طمسها شعر غزير يفيض به إناؤها ويطفح... في الشعر يضخ السياب اندفاعته القوية ليقبض بيد واحدة ويصرخ بصوت واحد"ان هذا العالم الذي نعيشه عالم لا شعر فيه - بمقياس القيم... فهي قيم لا شعرية... لا روح فيها"ولذا - وتأسيساً على تصريح السياب ذاك -، يعوّض داخل قصيدته عن الشعر المفتقد في العالم الخارجي: القاسي والمعادي والمرفوض... بعد أن دخل السياب حياتياً وشعرياً الى قاعه وزواياه ثم عاد خالياً إلا من جراح وخسائر... سنستعين هنا بصورة مما تولده"أنشودة المطر"من تداعيات: تثاءب المساء، والغيوم ما تزال تسحّ ما تسحّ من دموعها الثقال كأن طفلاً بات يهذي قبل أن ينام بأن أمه - التي أفاق منذ عام فلم يجدها ثم حين لجّ في السؤال قالوا له:"بعد غدٍ تعود..."، لا بد أن تعود وإن تهامَسَ الرفاق أنها هناك في جانب التلّ تنام نومة اللحود تسفّ من ترابها وتشرب المطر. نستطيع أن نجد لهذا الاستطراد والتمدد أو النمو الصوري والتداعي تعليلاً يقربنا من فكرة صراع الشعر والقصيدة، فالمحور أو المركز البؤري لأنشودة المطر يتمدد الى أطرافها، ليلتم على نفسه بهيئة المطر المنتظر المستحيل كانتظار الطفل لأمه الغائبة غياباً أبدياً... وذلك ما تريد القصيدة من دلالة ويتطلبه نظامها الرمزي وكليتها التي تندرج فيها جزئيات عدة منها: جزئية الأم الغائبة والطفل... لكن الشعر الذي تزخّه شاعرية السياب كالنزف من دون انقطاع، يكتسح ما تريد أن تبنيه القصيدة جزئياً لمصلحة كليتها، فينصرف الشاعر - وقارئه من بعد - الى الجزئية المتمددة حد الانفصال عن المركز النصي أو المولّد الصوري. وفي الطريق الى ذلك يبث الشعر تردداته العالية أو أمواجه التي تخنق النص، فتكون بنية البيت الشعري بديلاً للجملة الشعرية، والموسيقى الخارجية المقبلة من تقاليد الشعر المألوف متجسدة بتواتر القافية اللام - الميم - الدال بديلاً للايقاع الذي يؤطر القصيدة بجو اسطوري طقسي أو تعبدي خاص... وصورياً ستبتلع أو تلتهم المجازات المبالغ فيها توترات النص ولحظات تكثيف شعريته لنلاحظ: تثاءب المساء، ودموع الغيوم، وتسف التراب، ونومة اللحود... ولعل هذا يتأكد في قصائد هيمن عليها فيض الشعر أو تدفقه وسيوله مثل"سِفر أيوب"و"المعبد الغريق"و"قافلة الضياع"على رغم أهميتها النصية موضوعاً وأبنية وتقنيات... لكن قصيدة السياب تقترح حداثات أخرى: فالهوامش التي ذيّل بها قصائده محاكياً إليوت في قصائده الشهيرة، تتراوح بين الشرح والتعليق وكشف المصادر وتفسير الرموز وتوضيح مقاصد الشاعر التي يوحي من خلالها بالعجز عن توصيل ما يريد متنياً، وقد تسببت في اشكالات قراءة كثيرة، منها ما أثاره عليه يساريو العراق التقليديون حين تحدث عن عروبة المومس وسلالتها التي لا يليق بها ما آلت اليه... ويثير مشكلات فنية كما في هوامش"رؤيا فوكاي"التي درسها أخيراً شتيفان فيلد في عيون - العدد الأول - بترجمة سالمة صالح - وتوصل الى أن النص يكلف القارئ العربي"بما هو فوق طاقته، ويترك لدى القارئ مشاعر متناقضة بسبب الجناس الصوتي وتكرار الكلمات و"سيل"المقتبسات المباشرة والمستترة، والرمزية المثقلة تحت وطأة استدعاء العناصر الميثولوجية من ثقافات كثيرة"... ويصف جبرا ابراهيم جبرا تلك الاشارات الهامشية المطولة بأنها"فاقدة لتأثيرها في القارئ". كما ان بعض العتبات النصية التي - كانت في الأساس وكمبدأ تنظيمي داخل النص فتحاً حديثاً جاء به السياب - تسببت في اشكالات توثيقية، كالتشكيك مثلاً بصحة هامشه في ختام"إنشودة المطر"بأنها كتبت في العهد المباد وفسره البعض بأنه كتب في فترة لاحقة من قيام الجمهورية، لكن السياب تهرب من ذلك، على رغم ان نهاية الأنشودة توحي بالغد - واهب الحياة - وبفعل سردي يلي النص بعبارة موجزة: ويهطل المطر وقد شككت القراءات بمقدمة قصيدة"أساطير"التي يقول فيها إن المتحابين فرق بينهما الدين كما تقول اسطورة يونانية!! وربما كان يفتعل ذلك.... ... أما الأقنعة فهي تقنيات أفلح السياب في ضبطها لتغطية وجوه كثيرة جلبها الى قصائده:"المخبر"مثلاً، والانضباط السردي في تداعيات ضمير السرد الأول المتكلم وبقاء الشاعر - الراوي خارج السرد تماماً، ليلاحظ القارئ انهيار المخبر أخيراً... وهذا ما يحصل في"حفار القبور"حيث يبني السارد - الحفار شخصيته ورؤيته كبطل بديل وراوٍ مفارق لما يروي، ثم يهدم ما يريد الشاعر في الخارج أن يهدمه، برفض شخصية الحفار الذي يعيش بموت الآخرين. وفي نصوص لاحقة سينجح السياب في إنجاز قصيدة مكتفية بكمٍّ شعري مناسب، يغلّفها الشعر أو يوجهها من دون أن يحجبها أو يخنقها... ويغرقها بتفاصيله. ونمثل لذلك بقصائد مثل"المسيح بعد الصلب"و"النهر والموت"و"أفياء جيكور"و"الشاعر الرجيم"و"غارسيا لوركا"و"حامل الخرز الملون"ويوغل في الترميز والبناء الداخلي المكتفي بذاته كما في"تعتيم"و"مدينة بلا مطر"و"أغنية بنات الجن"و"لوي مكنس"و"جيكور أمي"و"الغيمة الغريبة..."و"دار جدي"... وفي هذه القصائد ومثيلاتها، لا يكون الشعر سبباً في تلف خلايا القصيدة بل يعضد مركزها ويفيض به بنائياً، أي ينتشر برفق ذهاباً وعودة الى أطراف القصيدة ومركزها البؤري الذي تلتم حوله... وتنبثق منه رؤى السياب. وقد أوصله ذلك الى ارتياد السرد تخفيفاً لغنائية نصه الشعري وهو ما اتخذ سبيلين أو وسيلتين: - بالقصيدة المطولة ذات المنحى السردي بنائياً. - وبالبناء السردي الداخلي في قصائده. ويهمنا السبيل الثاني لأنه سيتعزز كحداثة مقترحة من السياب، فنجد استعانته بالمداخل الزمانية أو المكانية أو الشخصيات في قصائده، وكذلك في الإكثار من الواو التي يفتتح بها نصوصه، وهي وأو سردية تنبّه الى"مسكوت عنه"أو حدث منقض، وتدع أفق النص بالسرد والحكي داخل نسيج القصيدة، وتكرر ذلك في نحو خمس عشرة قصيدة له، أشهرها مفتتح"شناشيل ابنة الجلبي": وأذكر من شتاء القرية النضاح فيه النور ومفتتح أو استهلال"جيكور والمدينة": وتلتف حولي دروب المدينة: حبالاً من الطين يمضغن قلبي. واستهلال"صياح البط البري": وذرّى سكون الصباح الطويل هتاف من الديك لا يهدأ. وهذه مناسبة أخرى لدراسة سردية قصيدة السياب والاستعانات التي ابتكرها ذاتياً لإنجاز القص بالضد من الغنائية العالية. كما يجدر أن نشير الى الانزياحات المبكرة في تراكيبه، لا سيما التراسل الحسي أو اسناد عمل حاسة ما الى سواها: كقوله بلسان المومس العمياء:"خلّني - بيدي أراها"وفي"النهر والموت":"تنضح الجرار أجراساً من المطر"وفي"أنشودة المطر":"عيناكِ حين تبسمان"و"أكاد أسمع النخيل يشرب المطر"إن المصهر الذي خلقه السياب في قصيدته، يستوعب مصادر معرفية متباعدة، يؤلف بينها رحم القصيدة، فنجد استعارات قرآنية ومسيحية وبابلية وشعبية ومرويات شائعة ومعتقدات خرافية وأساطير ورموزاً من جيمس فريزر وأشعار الكلاسيكيين، بل حتى في سياق اللغة يأخذ السياب مفردات عامية لعل تفسير نقاده بأنها محاكاة لنصوص إليوت غير بعيد عن الصواب، الى جانب بداياته الواقعية والشعبية... لكن اتجاهه الاسطوري كمنحى موضوعي وفني معاً سيتأكد عبر ثقافة نصه، وهو مصدر صعوبته وتشعبه وتشظيه أيضاً... إذ تثقل تلك المفردات الثقافية النص احياناً... لقد كان السياب فاتح طرق ومنبهاً الى حداثات كامنة موجودة بالقوة، أخرجها اللاحقون الى الفعل والتحقق النصي، ذلك أن قصيدة السياب تخترق متن عصرها وترسل إشارات تشف عن ضوء باهر يكشف ويهدي، وبذا يكون البحث عمّا تبقى من السيّاب، لا في نصوصه فحسب، بل في التقاليد التي أرساها وطوّر بها بناء القصيدة الحديثة، إذ حفر لها مجرى دافقاً تمرُّ منه سفن الحداثة صوب هدفها الغامض البعيد، متدرجاً من القدرة الشاعرية المرهونة بحلم التجديد بواسطة الشعر، وصولاً الى الانجاز النصي الشعرية عبر التحديث كهمّ أساسي لانجاز القصيدة باختراق النسق السائد، وارساء طموح شعري يجدد نفسه محفوفاً بصخب الحياة ذاتها، واكتظاظ مفرداتها، وازدحام رؤاها، مما جعل من شخصية السياب التمثالية - خارج شعره - نموذجاً تموزياً فريداً تلهمه مآسيه بما يغذي جسد قصيدته، فكأن شعره يعتاش على وجوده، وينفيه حتى الموت الذي صار أمنية وضعها على لسان الأم العراقية الجنوبية المتعبة التي تهدهد طفلها لينام منشدة لنفسها وسط سواد العراق وعذاباته: - يا خيول الموت في الواحه تعالي واحمليني هذه الصحراء لا فرح يرفّ بها، ولا أمنٌ، ولا حبٌّ، ولا راحهْ. ناقد عراقي مقيم في اليمن.