حذرت منظمة هيومن رايتس ووتش، اليوم الأربعاء، من "جوع" يتهدد سكان لبنان جراء انتشار فيروس كورونا المستجد والقيود المتخذة لمكافحته في بلد يشهد أساسًا انهيارًا اقتصاديًا، داعية الحكومة إلى إتخاذ إجراءات سريعة لتقديم مساعدات إلى الأكثر تضررًا. وذكرت المنظمة في بيان أن "الملايين من سكان لبنان مهددون بالجوع بسبب إجراءات الإغلاق المتصلة بالوباء، ما لم تضع الحكومة على وجه السرعة خطة قوية ومنسَّقة لتقديم المساعدات". وأضافت "تسبب وباء كوفيد-19 في تفاقم أزمة اقتصادية مدمرة كانت موجودة أصلًا". وبالإضافة إلى 4,5 مليون لبناني، تقدر السلطات وجود 1,5 مليون لاجئ سوري و174 ألف لاجئ فلسطيني. وسجّل لبنان رسميًا حتى الآن 575 إصابة بينها 19 وفاة. ومنذ منتصف مارس، اتخذت الحكومة سلسلة إجراءات بدءًا من إغلاق تام يستثني الأفران ومحلات بيع المواد الغذائية، ومطالبة السكان بالبقاء في منازلهم وإغلاق كافة المنافذ البحرية والجوية والبرية، وصولًا إلى فرض حظر تجوال تام ليلًا. ولتلك الإجراءات تداعيات كبيرة على العمال المياومين، والكثير منهم من اللاجئين، فضلًا عن العاملين في المهن الحرة، والذين يعانون أساسًا جراء الإنهيار الاقتصادي. وقد بات يعيش 45 في المئة من سكان البلاد في الفقر. وقالت لينا زيميت، باحثة أولى في الفقر واللامساواة في هيومن رايتس ووتش، "أدى الإغلاق الهادف إلى إبطاء انتشار فيروس كورونا إلى تفاقم الفقر والصعوبات الاقتصادية المتفشية في لبنان قبل وصول الفيروس". وأضافت "خسر عديدون دخلهم، وقد يعجز أكثر من نصف السكان عن شراء غذائهم وحاجياتهم الأساسية إذا لم تتدخل الحكومة". ولمواجهة تداعيات وباء كوفيد-19، شكلت الحكومة "لجنة طوارئ اجتماعية". وأعلن وزير الشؤون الاجتماعية الأربعاء عن "برنامج التكافل الاجتماعي" ضمن هذه الخطة، وهدفه "مساعدة العائلات الاكثر حاجة والمتضررة من جراء الوباء العالمي". ووافقت الحكومة نهاية الشهر الماضي على "تقديم مساهمة نقدية بقيمة 400 ألف ليرة لبنانية تدفع للأسر الأكثر حاجة". إلا أن هيومن رايتس ووتش اعتبرت أن الحكومة "لم تقدم تفاصيل وافية" حول عدد المستفيدين وكيفية تطبيق الخطة. وأفادت وسائل إعلام محلية الشهر الماضي عن سائق أجرة أحرق سيارته حين طلبت منه القوى الأمنية عدم التجول تنفيذًا لقيود الحظر. كما جرى تناقل صورة على وسائل التواصل الاجتماعي لشخص يحمل لافتة يعرض فيها بيع كليته. وتحذر منظمات دولية من كارثة قد تطال مخيمات اللاجئين الفلسطينيين والسوريين المكتظة والفقيرة في حال وصل فيروس كورونا المستجد إليها، خصوصًا أن معظمهم يعاني من أوضاع معيشية صعبة، ويعمل الجزء الأكبر منهم في مجالات محدودة مثل الزراعة والبناء. وقالت آية مجذوب، باحثة شؤون لبنان في المنظمة "لم يكن لدى اللاجئين السوريين خيارات اقتصادية كثيرة حتى قبل أزمة فيروس كورونا"، مشيرة إلى أن وضعهم "يعتمد بشكل أساسي على المساعدات الدولية لبرامج اللاجئين". ويشهد لبنان منذ أشهر تدهورًا اقتصاديًا متسارعًا وسط نقص حاد في السيولة وارتفاع في الأسعار وانخفاض قيمة الليرة أمام الدولار في السوق الموازية. ودعت الحكومة، التي باتت على وشك الإنتهاء من خطة اقتصادية وصفتها بال"إنقاذية"، الإثنين، المجتمع الدولي إلى دعم لبنان ماليًا لمساعدته على تخطي أزماته المالية والاقتصادية التي فاقمها تفشي الوباء. ويبحث البنك الدولي، وفق ما قالت متحدثة باسمه لوكالة فرانس برس نهاية الشهر الماضي، مع الحكومة إمكانية تقديم دعم تقني ومالي للبنان لمساعدته على مواجهة التداعيات الاقتصادية والمالية على الفقراء.