بناء على ما ورد وتضافر من نصوص الشريعة الغراء، التي تواترت بين المسلمين، جيلاً بعد جيل، والمقيدة اعتقادًا في قلوب الأمة المحمدية، مذ شع نور فجر الإسلام، وعليها اقتضت عقيدة المؤمن التسليم القطعي بعد وصول التبليغ، والناظر الممعن الحصيف في ما رصده أئمة الشرع الحنيف، من تقديم وتقريب للمفاهيم، كدَّت أذهان لجمعها ودراستها، وقد سر بها الناظر، وأسعد بها الخاطر، وإن جماليات الشريعة الحسناء، العامة والجزئية والمتخصصة، صالحة لكل زمان ومكان؛ فلم تقبل مسألة التحسين العقلي، مما تعذر معه الإعمال حتى طاله الإهمال، ولذا جاءت أسرار وغايات الحجة البالغة تعبدية، ومعللة بحسب ما سطره لنا أرباب الصناعة الأصولية، صيانة للدين الخالص. وإن فرسان الفقه الإسلامي برعوا وأخرجوا لنا دررًا من بحرها الزاخر، قربوها جملة وتفصيلا، في فنون عدة، ووسمت بالفروع والفروق، والأشباه والنظائر، والخلاف والوفاق، والدليل والتعليل، والتخريج والإصطلاح، والأصول والقواعد، والسياسة والحسبة، والقضاء والمظالم، والفرائض والحكم، والغايات، وحليت بالتاريخ والمداخل والنوازل، والتحليل، والنقد والتحقيق، وكل ذلك تطلب جهداً جهيدًا. وهذه المحجة كافية في استحكام الحجة، واضحة البيان، شافية البرهان. وبعرض ذلك تقرر ثبوتها، وكمالها، وجمال مكنونها البراق، ويتمثل تطبيقها بالأخذ على يد من تجاوز حدود اختصاصها وولايتها، فهي كاملة القضاء، ومنبع العدالة عالجت الحقوق والوقائع والأحكام؛ فمن منبعها نستقي، ومن معينها الصافي نغترف، ولا عذر لمن أقر. وبعد سماع الدعوى والجواب؛ وبناء على هذه الحقائق؛ قررت مطرقة القاضي: تجلية الضبابية، وتحلية الشفافية، ومنع العشوائية، والإلزام بالنظامية، والأخذ بالسيادة القانونية، ومنع تجاوز الاختصاص والولاية، وتركيب كل معلومة في مكانها، وترتيب مدلولاتها وفق مفهومها، وبذلك نطق الطارق، وبه ألزمت المطارق، وقد جرى الإفهام، وبه وثقت الأقلام: الساعة واليوم والتاريخ ، وبالله التوفيق.