أهداني الأستاذ الدكتور عباس صالح طاشكندي، البروفيسور وعالم المكتبات السعودي الشهير ستة كتب؛ منها خمسة من تأليفه، وهي من سلسلة الدراسات المكية والمدنية التي قامت بإنتاجها ونشرها شركة الفرقان للتراث الإسلامي، التي أسسها في عام 1988م معالي الشيخ أحمد زكي يماني.. وهذه الكتب هي: (1) الحجرة النبوية الشريفة، (2) تاريخ حلقات العلم في الحرمين الشريفين، (3) خزائن الكتب الخاصة، (4) إجازات علماء وعالمات الحرمين الشريفين لعلماء الأمصار (وهذا الكتاب بالاشتراك مع أ.د. عبد الوهاب أبو سليمان)، (5) أعلام حدود حرم المدينةالمنورة. أما الكتاب السادس وهو أيضاً من إنتاج ونشر شركة الفرقان المذكورة آنفاً فهو: رحلة عمر: صور للحياة الاجتماعية بمكة المكرمة في القرن الرابع عشر الهجري.. ومؤلفه هو الشيخ محمد عبدالحميد مرداد.. وهو من أسرة علمية تولى رجالها الإمامة والخطابة في المسجد الحرام لما يزيد عن أربعة قرون. ولضيق مساحة المقال فسأورد هنا إشارة تعريفية عن كتابين فقط منها، هما: كتاب الحجرة النبوية الشريفة.. وهو كتاب دقيق التوثيق تتبَّع فيه المؤلف تاريخ الحجرة الشريفة، وعمارتها، والأوقاف المحبوسة عليها، والصفة التي عليها قبر النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه رضي الله عنهما وفق ما ذكرته الروايات، بالإضافة إلى معالم الحجرة كالصندوق، والمسمار، والمصاحف، والكسوة، ونفائسها ومقتنياتها.. ومن ناحية أخرى شكك المؤلف في كتابه في صحة بعض الروايات المتناقلة شفهياً وكتابياً، منها محاولة سرقة الجسد الطاهر وغير ذلك. أما الكتاب الآخر فهو كتاب رحلة عمر وهو سيرة شخصية للمؤلف تزخر بالجوانب الإنسانية العاطفية.. فيذكر فيها نشأته في المجتمع البدوي في منطقة الزيمة، عند أمه المرضع التي تركه أهله عندها وهو وليد ذو أيام معدودة، وما عادوا ليبحثوا عنه إلا بعد سبع سنين، فنشأ في ذلك المجتمع البدوي وعرف أعرافه وتقاليده، وحفظ جباله ووديانه وقراه وبساتينه، وتعلق بأمه المرضع تعلقاً شديداً، تاركاً أمه الحقيقية التي لم يعرفها ولم يشعر بعاطفة قوية نحوها. وفي هذا الكتاب تفاصيل مطوّلة عن سيرة الكاتب، بالإضافة إلى إيراد الكلمات والأمثال المكية الخالصة، وشرح معانيها، وإرجاعها إلى أصول اللغة العربية الفصحى؛ ما جعل الكتاب مع كشافه الملحق به يقع في أكثر من 750 صفحة. وأود في هذا المكان توجيه الثناء والشكر الجزيل للعالم الدكتور عباس طاشكندي على أعماله التوثيقية الدقيقة، وجهوده المضنية؛ التي لا يتصدى لها إلا كبار العلماء المخلصين المبتعدين عن البهرج والأضواء، الذين وهبوا أنفسهم للعلم والبحث والثقافة.