بين الفينة والأخرى تطفو على سطح الساحة الإبداعية الغنائية والموسيقية والتمثيلية والمسرحية والتشكيلية وغيرها؛ أسماء جديدة، ترتبط بآصرة قربي من الدرجة الأولى (مثلًا: أخ، أخت، ابن، ابنة) لنجوم كبار لهم وزنهم في الساحة، وتتفاوت درجات ظهور هذه الأسماء تبعًا لحدود موهبتها، لكن ظهورها - من حيث أرادت أو لم ترد - يرتبط ارتباطًا وثيقًا بصيت وجماهيرية النجم الذي تنتمي إليه، وتتفاوت درجات التقييم والقبول في الساحة وفقًا لذلك، فمنهم من يجد الدعم والمساندة من «النجم»، ويؤكد حضوره، ومنهم من يسقط رغم الدعم، تأكيدًا لعدم جدوى محاولات «التوريث» في ساحة الإبداع.. وفي المقابل يقف نجوم آخرين على الحياد، تاركين لأقربائهم من الصاعدين حرية تسلق سلم الصعود دون الاتكاء على صيتهم وجماهيرتهم، بما يضعهم أمام تحدٍ كبير من خلال المقارنة التي تنعقد في خاطر الجمهور عفو الخاطر، مقاربة بينهم وبين ذويهم من النجوم.. كذلك لا يتورع نجوم كبار في الوقوف حجر عثرة أمام الموهوبين من أقربائهم، وكأنهم بهذا الصنيع يخشون على أسمائهم من التعرض لهزة بسبب المقارنة والتفضيل، خاصة إذا كان الصاعد أعلى موهبة من النجم المعروف، ولا يمنع ذلك من الإشارة إلى أن بعض هؤلاء النجوم يدركون ضعف موهبة أقربائهم، بما يجعل من اتكائهم على صيت النجوم خصمًا على تجاربهم، وليس إضافة لها، ومن هذا الباب تأتي الممانعة، ورفض تقديم العون والسند، وربما المجاهرة بالنقد العنيف لها.. وبعض النجوم يرفضون انضمام أبنائهم للوسط الفني أو حتى أشقائهم رفضًا باتًا، إما خوفًا عليهم من مشقة هذا المجال الذي يعرفون صعوباته جيدًا، وإما خوفًا من الحسد أو سطوة النجومية والأضواء والشهرة عليهم، بينما يفرضهم البعض الآخر على الوسط الفني حتى وإن لم تكن لديهم أي موهبة تُذكر! كل هذه النماذج حاضرة في الساحة الإبداعية.. وعند تخصيص الحديث، نجدها أكثر بروزًا في الساحة الغنائية والدرامية (التمثيل والمسرح).. دعم بلا وصاية حين ننظر للساحة نجد في الفنان إبراهيم عبدالله، شقيق الفنان عبدالمجيد، نموذجًا للدعم دون فرض الوصاية و»الزن»، كما يقر «عبدالله» في أحاديثه بفارق الموهبة بينه وبين شقيقه عبدالمجيد، حيث علق في أكثر من مرة بأنه لا ينافس شقيقه، ويجد الدعم الكبير منه، ويضيف بالقول: الفارق كبير جدًا بيني وبين شقيقي عبدالمجيد، فهو تفوق بذكائه وقدراته الفنية المبكرة التي ظهرت عليه وهو في سن صغيرة، فشقيقي عبدالمجيد الذي أعرفه جيدا يساعد المواهب الأخرى ويشجعها، فكيف يقف أمام موهبة أخيه. كذلك الفنان أحمد فتحي؛ الذي قدم ابنته «بلقيس»، ولكنه تركها تعتمد على ذكائها في صنع ما تستحقه من الانتشار والنجاح لتثبت مدى جديتها فنيًا، مفضلًا دعمها بين الحين والآخر بألحان وأعمال ومشاركات فنية، كما يحب التحدث عنها في كل فرصة ممكنة مبديًا إعجابه بما حققته من انتشار وجماهيرية خلال السنوات الأخيرة. ويمكننا كذلك الإشارة إلى فنانين دعموا أبناءهم فنيًا دون مبالغة أو تدخل، حيث يشركونهم معهم أحيانًا في بعض أعمالهم بينما يراقبونهم من بعيد دون تدخل في أحايين أخرى، كما فعل الفنان الراحل نور الشريف مع ابنته مي، والفنان صلاح السعدني مع ابنه أحمد، والفنان فاروق الفيشاوي مع ابنه أحمد أيضًا. دعم مع الوصاية كذلك هناك نجوم فرضوا أبناءهم وبقوة على الوسط الفني، وبرغم ذلك كشفت التجربة أنهم كانوا يستحقون هذا الدعم؛ تمامًا كما حدث مع النجم سمير غانم الذي دعم ابنتيه دنيا وإيمي حتى أصبحتا بطلتي صف أول، حيث رسمت كلتاهما هويتها الفنية الخاصة، وتحولتا إلى مطلب جماهيري في كل موسم درامي وسينمائي. بعكس ما حدث مع نجوم آخرين فرضوا أبنائهم فنيًا فخذلوهم، كما حدث مع الفنان عادل إمام، الذي أعطى أدوارًا مهمة لابنه «محمد» في كثير من أفلامه التي قدمها خلال السنوات الأخيرة، فكان عطاء الابن أقل من الوالد، مما وضعه في حرج المقارنة، إذ ما زال الابن يكابد ليشق طريقه فنيًا بصعوبة لإرضاء النقاد. رفض وعداء وعلى خلاف كل هؤلاء في تفاوت درجات الإيجاب مع مواهب أقاربهم، يقف آخرون على النقيض من ذلك تمامًا معلنين الرفض، وعدم القبول بظهوره، مقللين من تجاربهم، ومقزمين من عطائهم، لأسباب متفاوتة، وأجلى نموذج لذلك يتمثل في الفنانة السورية أصالة نصري، التي ترفض بشكل قاطع انضمام أبنائها إلى الساحة الفنية،؛ بل إنها خاضت خلافات معلنة مع شقيقتها الصغرى المطربة ريم نصري، التي تحاول شق طريقها فنيًا بصعوبة، رغم أنها تملك صوتًا يخولها ذلك، ولكن ينقصها الدعم والتشجيع الذي كان من الممكن أن توفره لها أصالة وبكل سهولة. أصالة بررت موقفها هذا في أكثر من مرة، بالإشارة إلى أن ما واجهته من صعوبات في مشوارها الفني يجعلها ترفض لشقيقتها مواجهته.. واليوم تحاول «أصالة» فصل ابنتها «شام» عن تطبيقات التواصل بعد الشهرة الكبيرة التي حققتها ك»فاشينيست» و»مدونة» حيث أصبحت مقلة كثيرًا في الظهور والتواصل مع معجبيها الذين تتغيب عنهم بالأشهر. وغير بعيد من ذلك الفنان السوداني الراحل محمد وردي، الذي تغنى بأغنياته الفنان النوبي محمد منير، فقد درج وردي قبل رحيله على رفض وإنكار ظهور ابنه «عبدالوهاب» مغنيًا، معلنًا في أكثر من لقاء إعلامي أنه يفتقر إلى أبسط متطلبات المطرب، غير أنه لم ينكر عليه موهبة التوزيع الموسيقي، فأسند إليه توزيع بعض أعماله في آخر إطلالته الفنية. استثناء ولأن لكل قاعدة شواذ، فهناك أسماء لم تصنع نجومية في حياتها على الإطلاق، وظل تتأرجح بين الظهور الباهت، والغياب الطويل، ولم يستطيعوا أن يحققوا ذاتهم فنيًا، وبرغم ذلك أنجبوا نجومًا من بعدهم، كما حدث مع النجم أحمد فلوكس، والذي كان والده فاروق فلوكس فنانًا من الصف الثاني.