هناك أكثر من مئة شاب وفتاة، هم أبناء فنانين، يحتلون مواقع متقدمة في مواقع تصوير المسلسلات والأفلام والسهرات والتمثيليات كممثلين. بعضهم التحق بمعهد فني ليتابع التحصيل، والقسم الأكبر كان جواز مروره كونه ابن النجم الفلاني أو كونها ابنة النجمة الفلانية... نجد هؤلاء في ميادين العمل الفني في السينما والتلفزيون والاذاعة... في الغناء والتمثيل والتأليف والموسيقى وفي الاخراج والمونتاج حتى أن بعضهم وصل الى مرحلة الانتاج. وهناك سؤال دائم يُطرح في هذا المجال: هل البيئة الأسرية هي التي هيأت لهؤلاء الظهور؟ أم الموهبة... أم الإغراء المادي؟ أم الشللية، أم الوراثة، أم هذه الأمور مجتمعة؟ وإذا كان هناك مأثور شعبي يقول ان فرخ البط عوام، فإن هذا "الفرخ" على الصعيد الانساني، وعلى أرض الواقع، ليس عواماً في جميع الأحوال! ومع ذلك فنحن لا ننكر في بعض الأحيان تأثير البيئة البيتية التي لها دور بارز في حياة أبناء الفنانين بدليل ان الفنان محمود جبر، وهو متزوج من الفنانة هيفاء واصف لم يكن من حيث المبدأ موافقاً على دخول كريمتيه مرح وليلى جبر الى ميدان التمثيل، لكنهما اصرتا على ذلك بعد أن عاشتا في جو الفن وأصبحتا ممثلتين وأحبتا التمثيل، إضافة الى ما تتمتعان به من موهبة، ومن هنا استطاعتا وخلال فترة زمنية قصيرة قياسياً أن تحققا نجاحاً كبيراً وحضوراً واستطاعتا اقناع والديهما بموهبتهما. وتطول القائمة... بعضهم تألق وحقق نجاحاً سواء في التمثيل أو في الغناء، والبعض الآخر يتعثر ويبحث عن مكان يثبت جدارته فيه ويضع قدميه على طريق النجومية التي يحلم بها معتقداً أنها قد تأتي من مسلسل واحد أو من أغنية واحدة أو أنه قد يصبح ثرياً ويعمل عندئذ في الانتاج أو الاخراج... الخ، ومع ذلك فقد نجح البعض ووفق لكونه ابن فنان أو فنانة لأنه استفاد من تجارب من سبقه كالفنانة أصالة التي درست على أيدي والدها المرحوم مصطفى نصري أصول الغناء الصحيح ومن ثم أعطاها والدها فرصة الظهور لتتابع مسيرتها الفنية، ولم تكن هذه التجربة لتنجح لولا الموهبة النادرة التي تتمتع بها والصوت القادر، وترانا نجد كل يوم وجوهاً جديدة على الشاشات لا تتمتع بالقدر الكافي من الموهبة ومع ذلك تفرض على المشاهد كأمر واقع ويجب ان نسلم به لأنها فقط من عائلة فنية، ويمكن ان تكون هي غير مقتنعة بالفن أصلاً ولكن الجو العام فرض عليها ذلك نظراً الى وجود أحد الوالدين في الفن أو كلاهما، أو للربح المادي الذي يدره الفن في هذه الأيام فقد أصبح يشبه الوساطة العصرية، الآباء ينقلونه الى الأبناء، والأبناء سيورثونه الى الأحفاد وبهذا يفوتون الفرص عن بعض أصحاب المواهب الذين لم تشأ الظروف ان يكونوا أبناء لفنانين وفنانات، لأن الأمر لا يتعلق فقط بالبيئة، مع أهميتها، ولكن هناك عنصر الوراثة أيضاً، فبمجرد ان يكون ابن فلان أو فلانة يسهل الأمر ويأخذ دوراً غير دوره، ويصبح نجم المجتمع الفني بوساطة أهله. ونقف مع نماذج لفنانات كان لآبائهن ولامهاتهن دور بارز في دخولهن ميدان الفن: يارا صبري ابنة المخرج سليم صبري والفنانة ثناء دبسي. سمر كوكش ابنة المخرج علاء الدين كوكش والممثلة الراحلة ملك سكر. أماني الحكيم ابنة مظهر الحكيم والفنانة الراحلة إنعام صالح. نورا مراد ابنة الناقد سعيد مراد والمخرجة هند ميداني. أمل وسمر عرفه ابنتا الملحن سهيل عرفه. سمر بلبل ابنة الكاتب والمخرج المسرحي فرحان بلبل. ريم وسمر عبدالعزيز ابنتا الشاعر الغنائي نظمي عبدالعزيز. رنا ابراهيم ابنة الكاتب الدرامي الياس ابراهيم. دعية بياعة ابنة الفنانة مها مصري والمخرج عدنان ابراهيم. ومن الفنانين الشباب. باسم ياخور ابن الكاتب والمعد ابراهيم ياخور. قصي شيخ نجيب ابن الفنان محمد شيخ نجيب. سيف الدين سبيعي ابن الفنان رفيق سبيعي. محمد آل رشي ابن الفنان عبدالرحمن آل رشي. محمد خير الجراح ابن الفنان الراحل عبدالوهاب الجراح. وتطول القائمة... بعضهم نجح وتألق ويعتبر هذه الظاهرة ظاهرة صحية من حيث المبدأ، والبعض الآخر يعتبرها استثناء. وفي لقاءات مع نماذج من هؤلاء الأبناء، الفنانين والفنانات يعترفون بأن وجودهم في عائلة فنية فوت على غيرهم فرص الظهور والانتشار، ولكن مع ذلك قالوا ان لكل مجتهد نصيباً، كما انهم جيل آخر يختلف عن الآباء ويمكن ان يتجاوزوه مع الاعتراف بأن صفتهم كأبناء فنانين كان لها دور كبير في وصولهم الى عالم الفن، كما يمكنهم ان يوجهوا الى آبائهم أو أمهاتهم ملاحظات عن أعمالهم، وهم يتقبلونها بصدر رحب في كثير من الأحيان والعكس صحيح، فهم يستمعون الى آبائهم باحترام وقد يقبلون ملاحظاتهم وقد يعارضونها، ولكنهم حريصون على أن يتعاملوا مع أهلهم بكل ود واحترام حتى ولو تجاوزوا جيل الآباء من حيث العطاء للاجتهاد ويبقى نصيب كبير للموهبة والدراسة الاكاديمية دورها ويمكن ان تأتي الفرصة ويمكن ألاّ تأتي. ويبقى السؤال مفتوحاً: هل فرخ البط عوام دائماً؟