قال الحبيب صلى الله عليه وسلم :( قال الله عز وجل سبقت رحمتي غضبى ) ،وقال عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم ( لما خلق الله الخلق كتب في كتابه فهو عنده فوق العرش إن رحمتي تغلب غضبي ) صحيح مسلم . ومن أجل رحمة الله عز في علاه التي كتبها على نفسه توجه المسلمون واستقبلوا القبلة إلى بيته العتيق ليصلوا الخمسة المكتوبة عليهم يومياً ويزيدوا من النوافل وقيام الليل كل حسب اجتهاده . وطمعاً في رحمته صاموا الشهر المفروض واجتهدوا في صيام التطوع وتزكوا من أموالهم امتثالاً لأمره وتصدقوا تطوعاً وقرباناً وحجوا واعتمروا طلباً للمغفرة والرضوان . ورحمته تعالى شأنه ليست للمطيعين الذين لم يذنبوا من البشر لأنهم لا يوجدون لقول الحبيب صلى الله عليه وسلم ( كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون ) سنن الدارمي ،بل شملت رحمته المسرفين لأنه سبحانه هو القائل في محكم التنزيل (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم ) { 53 } ، وقال أيضاً ( إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم ) { 89 } آل عمران . بل فوق هذا ربنا التواب الحليم يفرح بتوبة عبده ويقبل عليه لقول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ( قال الله عز وجل أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه حيث يذكرني والله لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم يجد ضالته بالفلاة ومن تقرب إلي شبراً تقربت إليه ذراعاً ومن تقرَّب إليَّ ذراعاً تقربت إليه باعاً وإذا أقبل إليَّ يمشى أقبلت إليه أهرول ) صحيح مسلم . فسبحان الله المنان الذي جمل رحمته ووعد بها حتى كبار العصاة التائبين من كبائر الذنوب ،ولولا رحمته تعالى ومغفرته لما وجدت مصلياً ولا صائماً من البشر ولا مسجداً ولا حرماً عامراً لأن من لم يرتكب الكبائر من الذنوب لا بد انه أتى من الصغائر واللم شيئاً . فسبحان الله كيف نطلب الرحمة والرضوان منه وحسن الختام وأن يغفر لنا ما أخطأنا في حقه وما ارتكبنا من معاصٍ عصياناً لأمره ونرفض أن نرحم عباده الذين اخطأوا في حقنا واعتذروا وطلبوا السماح سواء من الابناء أو الإخوان أو الأخوات أو الأقارب أو ما كانوا ونرفض أن تعمر قلوبنا بنصيب من الرحمة التي كتبها الله على نفسه وأنزل جزءاً منها في الحياة الدنيا لأن حبيبنا أبا القاسم هادي الأمة بأمر الله صلى الله عليه وسلم قال في ضمن ما ورد من صحيح مسلم في كتاب التوبة باب في الحض على التوبة والفرح بها ( إن لله مائة رحمة ،فمنها رحمة بها يتراحم الخلق بينهم وتسع وتسعون ليوم القيامة ) فلنرحم الناس ليرحمنا الله لقول الحبيب صلى الله عليه وسلم (من لا يرحم الناس لا يرحمه الله عز وجل) ولنبدأ بالأبناء والأرحام ونتسامح لأنه لولا التسامح والتراحم لما بقيت صلة ولا عمرت مودة بل تكون الشقوة والفرقة والعداوة والشحناء . وما اتكالي إلا على الله ولا أطلب أجراً من أحد سواه.