مع بداية كل موسم أمطار، تتجدد معاناة أهالي الجنوب مع «العقبات» في جبالها.. ففي كل عام تتكرر مخاطر انهياراتها الصخرية وحوادثها المرورية وعزلها لقطاع السراة عن تهامة، مما يعطل الكثير من مصالح الأهالي سواء بالنسبة للموظفين أو الطلاب أو التجار وكذلك المرضى الذين يراجعون المشافي من مختلف المحافظات، حيث تتعرض هذه العقبات للإغلاق المتكرر سواء «احترازيًا» خوفا من الانهيارات، أو فعليا بسبب تساقط الصخور أو السيول، وهو ما يؤثر على حركة التجارة والتواصل، ويمنع الباحثين عن الدفء هربًا من البرد القارس الذي يستمر لعدة أشهر. ويتساءل كثيرون إلى متى تستمر تلك المعاناة الموسمية؟ لا سيما أنه لا تلوح في الأفق حلول جذرية لإنهاء مخاطرها المزمنة، في ظل الحاجة الماسة إليها، كون تلك العقبات تشكل حلقة وصل بين جبال السراة وتهامة ويستفيد منها آلاف المواطنين والمقيمين من جميع أنحاء المملكة، وتعتبر من أفضل الطرق في اختصار المسافات وساعات السفر الطويلة. والعقبات أو «العِقاب» هي طرق تربط بين السراة وتهامة، كما عرفت بالوعورة وشدة الارتفاع وكثرة الانحناءات بين الجبال، كما أن أكثرها يعتمد على المسارات الأحادية، ويتخلل بعضها أنفاق وجسور عملاقة. «المدينة» تفتح هذا الملف القديم المتجدد، في محاولة للوقوف على أبرز مشكلات تلك العقبات، وكيفية ضمان استمرار انسيابية الحركة عبرها. «المدني»: 3 جهات تعمل على مسح العقبات ميدانيا والتأكد من سلامتها بينما أعاد متحدث الدفاع المدني العقيد جمعان دايس الغامدي ازدياد وقوع الحوادث أثناء هطول الأمطار إلى أسباب بعضها تختص به جهات أخرى ذات علاقة (لم يحددها).. وفيما يخص دور الدفاع المدني في تفادي حوادث انهيارات العقبات قائلا: نعمل ضمن منظومة جهات تراقب وترصد وتتخذ الإجراء المناسب حيث توجد لجنة مشكلة من عدة جهات (الدفاع المدني والمرور والطرق) وجميع هذه الجهات تعمل على التحرك الفوري عند هطول الأمطار وتعمل على مسح العقاب ميدانيا والتأكد من سلامتها، وعند وجود أي تساقط صخور أو انهيارات فإنها تعمل على إصدار الأمر الفوري بإغلاق الطريق احترازيا، حيث تعنى اللجنة بالحفاظ على سلامة عابري الطرق والمعالجة الفورية لأي طارئ. ومن جانبه قال الناطق الرسمي بمديرية الدفاع المدني بمنطقة عسير العقيد محمد عبدالرحيم العاصمي ان دوريات السلامة بالدفاع المدني تقوم بنقل صورة متكاملة لغرف العمليات ومتابعة الوضع وتمرير البلاغات بالتنسيق مع ادارة المرور وادارة الطرق بالمنطقة ومتى ما تطلب الموقف اغلاق العقبة في ضوء ما تنقله دوريات السلامة في حال وقوع انهيارات صخرية تشكل خطورة على مرتادي الطريق يتم تمرير المعلومة لادارة المرور لتتولى عملية اغلاق العقبات كما نمرر البلاغ لادارة الطرق لتقوم باعمال صيانة الطريق. «الطرق»: الانهيارات الضخمة تتطلب أسابيع لتفجيرها وترحيل مخلفاتها قال متحدث الإدارة العامة للطرق بالباحة المهندس مسفر المالكي: إن الإدارة خصصت فرقا ومعدات خاصة لصيانة الطرق الرابطة بين السراة وتهامة (العقبات) بشكل دائم وفوري ومستمر، وتأتي عقبة الباحة كأهم طريق رابط حيث إنه الطريق الوحيد الذي يمكن أن تستخدمه الشاحنات، ولدينا مشروع لدراسة وتطوير عقبة حزنة وهي تربط محافظة بلجرشي بمحافظة المخواة بطريق طوله 28 كلم بالإضافة إلى تطوير عقبة قلوة التي تربط محافظة بني حسن بمحافظة قلوة، وعقبة الأبناء التي تربط محافظة بلجرشي بنمرة، وذي منعة. وأضاف: إن هناك عقود صيانة لعقبات الباحة ضمن طرق المنطقة لمدة ثلاث سنوات، تجرى خلالها صيانة الطرق والمحافظة عليها واستكمال بعض الأعمال فيها من وسائل السلامة وأعمال الحمايات وتصريف المياه وحماية القنوات. وتتمثل الأضرار التي تتعرض لها العقبات بشكل رئيس جراء هطول الأمطار وما قد ينتج عنها من انهيارات صخرية وانجرافات، وفور بداية هطول الأمطار تبدأ فرق ومعدات الصيانة في الاستعداد لرفع وترحيل أية تساقطات صخرية حتى لا تؤثر على حركة السير. وتتراوح الأضرار التي تتعرض لها العقبات بداية من تساقط مواد ترابية يمكن أن ترفع بالعمالة إلى انهيارات جبلية ضخمة قد تحتاج إلى أسابيع لتفجيرها وترحيلها، ونحن دائما نحث سالكي هذا الطريق دومًا بعدم التوقف بجانب القطعيات الراسية للطريق ما قد يعرضهم لا قدر الله لاحتمالية سقوط أي صخور من أعلى الجبال نتيجة الأمطار. وزير النقل يقف على عقبة ضلع وقف وزير النقل سليمان بن عبدالله الحمدان على عمليات الصيانة التي تقوم بها الوزارة في منطقة عسير عقب الحالة المطرية التي تعرض لها عدد من المناطق في المملكة خلال الأيام الماضية، وكان من بين المشروعات التي تضررت في منطقة عسير مشروع عقبة ضلع حيث جرفت السيول التربة في بعض مواقع العقبة أدت لانهيار أجزاء من الطريق إضافة إلى تساقط الأحجار المتحركة من أعلى الجبال. وبدأ الوزير جولته بتفقد العقبة اطلع خلالها على سير العمل وقدم شكره ودعمه لفريق العمل كما شدد على ضرورة إنجاز الأجزاء المتضررة وإيجاد الحلول العاجلة والبدء بتنفيذها فورا لتكون ضمن الحلول الدائمة لمعالجة مثل هذه الحالات ووجه بدراسة الأعمال المطلوبة وتكليف استشاري متخصص والاستعانة بخبراته لضمان عدم تكرار مشكلات العقبة. ومن نتائج الزيارة: • إنهاء مشكلة عقبة ضلع جذريًا عن طريق استشاري متخصص. • سرعة إنجاز ازدواج طريق السودة السياحي قبل موسم الصيف المقبل • إنجاز العقبة الجديدة التي تربط بين منطقتي عسير وجازان بطول 135كم وبتكلفة إجمالية 6 مليارات ريال • إنشاء عقبة رديفة لعقبة شعار وهي عقبة (قضى) • مناقشة المشروعات الجاري تنفيذها بالمنطقة (طريق السودة- الحزام الدائري الرديف- طريق الساحل الواقع في حدود منطقة عسير) • مناقشة حاجة المنطقة لطرق مستقبلية المرور: غالبية حوادث العقبات ناتجة عن أخطاء قائدي المركبات يقول مدير مرور الباحة العقيد حسين أحمد مبروك: نقوم خلال هذه الأيام التي تشهد فيها منطقة الباحة هطولًا متواصلًا للأمطارمع انعدام الرؤية جراء الضباب الشديد بمتابعة أخبار حالات الطقس من خلال تقارير هيئة الأرصاد، وقد تم إعداد خطة مسبقة بما يتواءم مع هذه الظروف باستنفار كافة الموارد البشرية والآلية، وتوجيه الشُعب بالمحافظات الخارجية للعمل طوال ال24 ساعة لمتابعة الحركة المرورية والمواقع التي بها ملاحظات لتفاديها في حينه، والتركيز على العقاب التي تربط بين محافظات المنطقة، وهناك تنسيق وتعاون مشترك مع الجهات ذات العلاقة كالدفاع المدني والأمانة وإدارة الطرق، مشيرا إلى أن الحوادث التي وقعت خلال الأيام السابقة كانت بسيطة وغالبيتها تلفيات ناتجة عن أخطاء قائدي المركبات بعدم أخذهم الحيطة والحذر. لجنة للمتابعة بعسير ومن جانبه قال مدير مرور منطقة عسير العقيد عبدالله بن عايض بن حويز: إنه خلال الاسبوع الماضي واثناء هطول الامطار تعرضت عقبة ضلع لجريان الاودية وتساقط وانهيارات صخرية وانجراف في الطريق، وفي ضوء ذلك تم اغلاق الحركة المرورية فيها وتحويل الحركة الى طرق بديلة حتى تمت عودة الحركة المرورية في العقبة بعد ان تم اصلاح الطريق والتأكد من سلامته لمرتاديه وذلك بجهود من ادارة الطرق والجهات المختصة. وأوضح العقيد ابن حويز انه خلال هطول الامطار هناك لجنة مشكلة من إمارة منطقة عسير والمرور والدفاع المدني وادارة الطرق تنعقد مباشرة وتقوم على اتخاذ الاجراءات المناسبة حيال اغلاق بعض الطرق او فتحها بعد التأكد من ان الطريق لا يشكل خطورة على مرتاديه، وهذه اللجنة هي من اتخذت قرار باغلاق عقبة ضلع فترة هطول الامطار بعد جولات ميدانية أكدت خطورة الطريق على المارة. مواطنون: مطلوب حلول جذرية بعيدًا عن المسكنات «الاحترازية» ومن جانبهم طالب عدد من المواطنين بضرورة التحرك لإنهاء أزمة العقبات المتكررة، ووضع حلول جذرية لها، وقال المواطن محمد الغامدي أن عقبات الباحة تعد من أهم وأخطر العقبات على مستوى الوطن، وتكمن أهميتها في أنه لا غنى عنها حيث ترتادها مئات السيارات في اليوم الواحد، وهي منتشرة بشكل واضح في عدد من المواقع وأهمها وأبرزها على الاطلاق عقبة الباحة والتي كانت تسمى سابقا بعقبة الملك فهد. وهي تعتبر الشريان الرئيس بين السراة وتهامة. ولكن مع الأسف الشديد هذه العقبة لم تحظ باهتمام من قبل الجهات ذات العلاقة، وأنا أتحدث هنا عن النقل والمرور، فالنقل مسؤوليته الاهتمام بها ورعايتها وصيانتها بشكل دوري، وعلى المرور مهمة إغلاقها في وجوه الشاحنات التي تجوبها ليل نهار مما يسبب قلقا كبيرا لدى مرتادي العقبة إضافة إلى أن الشاحنات تقوم بخلخلة الجسور والأنفاق مما يؤدي إلى اضطراب العقبة كل عام. ونشاهد أن الجهات المعنية تقوم بإغلاقها باستمرار خوفا من حدوث ما لا يحمد عقباه كما حدث في السابق عندما اقتلعت المياه أحد الجسور وأدى الى وفاة حوالى 6 أشخاص قبل عدة سنوات. وآخرها الحادث الذي وقع قبل أسبوعين لأسرة، ولولا لطف الله لكان حدث لهم أكثر من ذلك. لذلك نرغب في أن يمنع المرور الشاحنات، وهناك طرق أخرى لها عبر طريق السيل ومن ثم إلى الباحة أو المناطق المجاورة. وضع حد للانهيارات ويشير المواطن عبدالله الغامدي إلى أن عقبات الباحة تحتاج إلى صيانة دورية واهتمام خصوصًا العقبات الثلاث الرئيسة وهي عقبة الباحة وقلوة وحزنة. وهي من أهم العقبات، ولكن الملاحظ خصوصًا في عقبتي قلوة وحزنة أنهما تتعرضان دائمًا لتساقط الصخور ومن إغلاقهما بين فترة وأخرى حتى لو كان هطول الأمطار قليلا. ونحن نطالب وزارة النقل بإنهاء معاناة المواطنين من تساقط الصخور في هاتين العقبتين اللتين تشكلان عصب الحياة بين السراة وتهامة في هذه المحافظات. وقال عبدالله محمد الزهراني: إن عقبة قلوة مثلا لم تعد صالحة للعمل بسبب تعثر المشروعات فيها وكذلك سوء التخطيط من قبل الجهات المعنية، بينما أشار المعلم صالح علي الزهراني إلى أن عقبة قلوة تعدّ مشروعا متعثرا منذ فترة طويلة، إذ يعاني الأهالي عند إغلاقها وقت هطول الأمطار، وأضاف أنها كانت تسمح بمرور السيارات الصغيرة قبل البدء بمشروع تطويرها، لكن بعد انطلاقه ومن ثم تعثره وتلف أجزاء من الطريق لم يعد الأهالي قادرين على العبور إلا بسيارات الدفع الرباعي فقط لوعورة الطريق. عقبة قلوة وأضاف المواطن سعيد الزهراني: هناك مشكلة لا نعلمها تعيق إنجاز مشروع العقبة الذي أطلقت عليه عدة تسميات دون أن يتم إكماله في النهاية، ونناشد المسؤولين بوزارة النقل بإعادة النظر في هذه العقبة وحبذا لو أعيد النظر في دراسة وتنفيذ النفق المقترح بين عقبتي الباحة وقلوة من أسفل، وسوف يختصر المسافة ويقلل التكلفة. وقال عبدالرحمن الزهراني: إن عقبة طريق الملك خالد (قلوة) أحد أهم المشروعات التي تربط المحافظة بالباحة حيث استبشر الأهالي بفتحها قبل عدة سنوات ولكن للأسف جاء مشروع توسعة وتطوير العقبة ثم تعثر لعدة أسباب ما أدى إلى توقفه مما سبب للأهالي مشكلات حيث كانت تصل المحافظة بالمستشفى المرجعي بمنطقة الباحة وبعد تعطلها أصبح الأهالي يقطعون مسافات أطول وأبعد وأكثر مشقة.