أعرف صديقا قديماً مولعاً بكرة القدم إلى حد الهوس.. وأعرف أنه يقضي يومه بمجادلات ومماحكات مع أقرانه في دائرته الحكومية التي يعمل بها وبشكل يعطل أحيانا مصلحة العمل.. ورغم نقله وتنقله بين الأقسام إلا أنه ما يبرح لعودته إلى مماحكات كرة القدم وبدفاعه المستميت عن ناديه وحربه المستعرة ضد الأندية الأخرى في كل قسم يحل فيه. صديقي العزيز هذا أصيب مؤخراً بوعكة مرضية لم يتعودها.. وعلمت أنه تغيب عن العمل بإجازة مرضية لأول مرة منذ التحاقه بالسلك الوظيفي الحكومي.. وكان لهذا الغياب انعكاسه على العمل، حيث يقال إن الهدوء خيم على القسم الذي نقل إليه مؤخراً واستطاع الموظفون لأول مرة إنجاز المعاملات دون تأجيل ساعات وسويعات. ومن سوء حظي أني كنت أمر ليلة بالقرب من منزله العامر فقررت زيارته وعيادته لعلها تضيف لي بضع حسنات في زمن انعزل فيه الناس بعضهم عن بعض.. والاكتفاء بالجوال مهاتفته أو رسائل.. وحين دلفت إلى منزله العامر وإذا به كما أعرفه من سنوات ما يزال كما هو ولا يبدو عليه أثر أي مرض.. أو هكذا تراء لي، وحمدت لله على نعمائه، وذكرته بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم حينما قال: (لا تتمارضوا فتمرضوا فتكونوا في النار)، أو كما قال عليه الصلاة والسلام، فأكد أنه مريض وينتظر انتهاء الإجازة المرضية بفارغ الصبر ليعود للعمل.. فقلت مداعباً: خليهم يرتاحون منك قليلاً وينجزون العمل المناط بهم.. قال لي: لا بالعكس تلقاهم مشتاقين لي... فقلت في نفسي: أمحق به من اشتياق.. ثم استأذنت في الانصراف مدعياً كثرة الارتباطات، ولكنه ضحك ضحكة أدخلت الفزع إلى قلبي وقال: هو دخول (....) مثل خروجه؟!! بمعنى أني وقعت ولم يسمي علي أحدا.. وجلت بنظري في مجلسه لعلي أجد مخرجاً.. وكانت هناك جرائد متكدسة.. كلها منشورة على الصفحات الرياضية عدا عن تلفزيونين من الحجم الكبير مفتوحان على قناتين رياضيتين في نفس الوقت وصوتهما يلعلع ولا أعرف كيف يميز الأصوات التي تصدر من جهازين في وقت واحد إضافة إلى صوته الجهوري. فطلبت منه أن (يقصر) صوتهما رحمة بي، ولكن هيهات، فكل ما في بيته يلعلع بأعلى صوت عدا عن صوته الجهوري الذي يتردد في أرجاء المنزل كمكبر محرج سيارات إضافة إلى ببغاء توجد في الصالة الملاصقة للمجلس.. تخرج أصواتاً وصفيراً من كل نوع وصنف، وبشكل مؤذٍ وكأنها تستفزني مع صاحبها. قلت له: والله حتى ملاعب كرة القدم أرحم ضجيجاً من منزلك هذا.. ثم بحثت عن حيله تخرجني من هذه الورطة ولم أجد عذراً وهو يقول انه أرسل أبنه لإحضار العشاء وعلي انتظار ذلك العشاء الذي سيحضره ابنه من مطعم جوار (النادي) الذي يشجعه.. فكل شيء لديه مرتبط ومبرمج ب(النادي)!!.. ورغم تأكيدي عليه بانتظامي على حمية طبية خصوصاً في وجبة العشاء تحديداً.. ضحك وقال: ما عليك فيهم هؤلاء الأطباء لو نسمع كلامهم كان متنا من الجوع!! المهم ولم يلبث أن قفز وقلبي يقفز معه على كومة الجرائد وأخذ يفتح مواضيع ويقلب في كل جريدة فقلت له: لقد قرأتها جميعاً.. فرفع بصره بنظرة وكأنه يقول: يا كذاب!!.. فأكدت أن كل الجرائد أقرأها من ألفها إلى يائها، فقط فكني.. ولكنه أصر أن أطلع على عدة مقالات لكتاب ناديه.. ثم أخذ يتصل على كتاب تلك المقالات ويؤازرهم ويوجههم بما طاب له من ملاحظات ثم يذكرهم بأني موجود لديه وهو يضحك وينقل تحياتي لهم وتحياتهم لي ثم يمد يده بالجوال لي لأكمل الحديث معهم وبعضهم لا أعرفه ولا يعرفني.. وبعدها بلغت الحلقوم فنهضت مودعاً، فأقسم أنه لن يتركني أذهب إلا بعد تناول العشاء. فقلت له: يا أخي أعط النفس هواها.. قلتها لعله يفهم معناها ويطلق سراحي، ولكنه رمقني بنظرة أحسست فيها الكثير من العتاب.. ثم أكمل: أجلس وتعال أريك البالتوك... قلت: ماذا؟ قال: البالتوك تعال هذا بالتوك نادي...... أسمع ماذا يقولون!!.. قلت يقولون الذي يقولون.. يا أخي حرام عليك تقلب زيارتي لك لنكد وتجبرني أن أسمع واقرأ وأتحدث رغم إرادتي.. فقال: العشاء في الطريق.. اصبر فالولد قادم... هنا عزمت أن أغير مجرى الحديث المتوتر فقلت: من هو من الأبناء - حفظهم الله جميعاً - هذا الذي أرسلته لإحضار العشاء.. قال: هذا أصغرهم (----- ) فالكبير توظف وطلع في بيت لوحده.. والثاني أصر على الدراسة في القاهرة والثالث في الأردن.. قلت لا تكمل.. عز الله (انحاشوا) منك ومن ضجيجك.. وأردفت قائلاً: والعيال ما شاء الله وش يشجعون فقال: كلهم ما فيهم خير ولا واحد منهم يحب الكورة.. ثم تنهد وقال: هؤلاء الأولاد يريدون فقط اللبس والسيارات والطلعات والروحات والجيات على حساب الآباء.. وأكمل (أخسرك منهم تراهم مو حقين كورة).. ضحكت وقلت في نفسي: عز الله أنت من كرههم في الكرة وفي الرياضة والرياضيين.. كما كرهتني في عيشتي هذه الليلة. أخيراً خرجت من عنده بعد منتصف الليل وقد كرهت الرياضة والكرة حتى صاحبنا (النشبة) هذا (كنسلت) اسمه من جوالي حتى لا أغلط يوماً وأتصل به.. لكن هناك عبرة وهي.. - ((تضخم مفهوم كرة القدم وأنديتها وسيطرتها على عقول البعض بصورة غير ايجابية وإعطائها أكثر مما تستحق، بل أنها أصبحت هي الأهم في حياتهم وهذا فيه إخلال بقيم الدين والحياة على حد سواء هداهم الله))-.. ولله في خلقه شئون. نبضات!! * من المفترض أن يتولى شؤون الرياضة والشباب في المؤسسات غير الحكومية أناس تربويون وثقات متمرسين.. وعلى الأقل يكون لديهم دورات مكثفة لتهذيبهم وإعادة تأهيلهم.. فغالبية أولئك ممن فشلوا في فنون الهشك بشك والدربكة والسمسيمة والعود والكمنجة فلجأوا للرياضة وبالأصح للإعلام الرياضي... ويا صبرك يا رياضة الوطن على مخرجات الكار والنغم والدربكة والسمسمية والعود والكمنجة.. والله المستعان على ما يفعلون!! * شاهدت أجزاء من مباراة المنتخب على الانترنت مباشرة.. وقد ظهر المنتخب في أجمل حلله وفاعليته من فترة طويلة.. وقد زرع فينا الأمل والثقة بالتأهل للنهائيات بإذن الله وحوله!! * أحسنت صنعاً إدارة الأهلي بتعاقدها مع مدرب أرجنتيني مثل جوستافو الفارو.. وهي أولى خطوات التصحيح!! * إدارة نادي الهلال ستغامر بتسريح طارق التائب.. فلو لا قدر الله حصل إخفاق من أحد اللاعبين الأجانب أو من المدرب.. فسيكون موقف الإدارة صعباً أمام جماهير النادي الذين يعشقون التائب إلى حد الوله والهوس!! * بعض منسوبي نادي النصر يريدون من بقية جماهير الأندية وخاصة الهلالية منها ان تعيش في كرب وكدر بسبب تعاقد النصر مع لاعب القادسية السهلاوي.. بينما اللاعب يعتبر لاعب كلاسيكي حتى لا أقول (عادي) ولا يستحق كل هذا الضجيج ولا عشرات الملايين التي دفعت فيه.. وهذا يدل على القحط والعوز الذي يعيشه بعض النصراويين هداهم الله!! * خسارة وأي خسارة بانتهاء إعارة الأستاذ الفاضل خلف ملفي من عمله الحكومي لصحيفة الشرق الأوسط وبالتالي تولي الأستاذ مساعد العصيمي إدارة القسم وكلاهما مشهود لهما بالاتزان وغزارة العطاء ونكران الذات.. وفقكما الله وسدد خطاكما كل في موقعه!! * الأخ سليمان الجعيلان.. لا فض فوك!! [email protected]