ارتبط اسم الدكتور فهد العبد الجبار في ذهنية المواطن السعودي بنجاح مستشفى الملك فيصل التخصصي ومدينة الملك عبد العزيز الطبية بالحرس الوطني لكونه من أسس دعائم تلك المستشفيات الرائدة.. ..في العلاج التخصصي على مستوى منطقة الخليج والوطن العربي، والمتابعون للوضع الصحي في بلادنا يتذكرون جيداً صدور الأمر السامي بتعيينه رئيساً لمجلس إدارة المؤسسة العامة لمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث وتشكيل أعضاء المجلس في دورته الثانية في شهر جمادى الأولى الماضية، كما أنهم لاينسون قرار القيادة الحكيم بضم مستشفى الملك فيصل التخصصي بجدة إلى المؤسسة العامة لمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بحيث يصبح فرعاً لها ويشرف عليه مدير تنفيذي يرشح من قبل مجلس إدارة المؤسسة. ومازلت أتذكر جيدا إجابته عندما سئل (بعد أيام من تكليفه بالمهمة الجديدة) عن التحيز نحو الإدارة بالصداقة على حساب الإدارة بالكفاءة؟ عندما قالها صراحة: هذا عيب بالتطبيق وهو جزء من عقلية اجتماعية معينة وليس بالضرورة أن تكون شاملة، منذ ذلك الحين وأنا أرقب ماذا ستقدم تلك الخبرة السعودية المتميزة للخروج بتلك المستشفيات المتخصصة لتبقى نموذجا يميز العقلية الطبية السعودية، وعندما أسست المؤسسة العامة لمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث مجلساً استشارياً عالمياً بهدف تيسير سبل التعاون الدولي مع المنظمات والمؤسسات الطبية وتوفير منتدى يعنى بمراجعة إستراتيجية المؤسسة إضافة إلى تحسين سمعتها ومكانتها الدولية والمساعدة في اختيار القيادات والكفاءات المتميزة عالمياً في المجالات الطبية والإدارية والأكاديمية. قلت لنفسي: بدأ الخطوة الصحيحة نحو الإصلاح الفاعل، وفعلا لم يمر وقت طويل إلا وسر المواطن بعقد أولى اجتماعات ذلك المجلس في المستشفى التخصصي بالرياض برئاسة الدكتور فهد العبد الجبار. ولاشك أن تشكيل المجلس يأتي ضمن بناء إستراتيجية فاعلة لعمل المؤسسة سواء للمستشفى الرئيسي في الرياض أو فرعه بجدة وذلك لتقديم رعاية طبية تخصصية بمستوى عالمي لمواطنين وهنا - في نظري - تتميز العقلية السعودية في مجال الإدارة الطبية في مواكبة التغيرات المتسارعة في المجال الطبي العالمي بالتخطيط لبناء توأمة مع مؤسسات صحية عالمية بهدف نقل الخبرة والمعرفة المستجدة في المجالات الإدارية والتنظيمية والطبية باستقطاب كفاءات عالمية لإدارة الأقسام الطبية. والروعة عندما يضم المجلس الاستشاري العالمي (7) من الخبراء الدوليين هم الدكتور أندرو بادموس المدير التنفيذي للكلية الملكية للأطباء والجراحين في أوتاوا بكندا، والبروفيسور جيوفري باركر أستاذ العناية الحرجة وأمراض الأطفال والتخدير بمستشفى الأطفال المرضى في تورينتو بكندا، والبروفيسور جامل تاجيك أستاذ الطب الباطني والأطفال بقسم أمراض القلب بمستشفى مايو كلينك بالولاياتالمتحدةالأمريكية، والبروفيسور يوسف قمير نائب الرئيس ورئيس الخدمات الطبية بمستشفى القديس لوقا الأسقفية بالولاياتالمتحدةالأمريكية، والبروفيسور أسامة المفتي رئيس كرسي روبرت واتسون الأكاديمي بقسم العلوم العصبية في كلية الطب بجامعة أركانساس بالولاياتالمتحدةالأمريكية، والدكتور ديفيد تشين مستشار الرعاية والممارسة الصحية بمركز برايس ووتر هاوس كوبرز بالولاياتالمتحدةالأمريكية، والبروفيسور سيسيل رورابيك أستاذ الجراحة بقسم العظام في جامعة واتسون أونتاريو لندن بكندا ونائب رئيس الكلية الملكية للأطباء والجراحين بكندا، والبروفيسور ريتشارد وولش أستاذ الطب الباطني بجامعة كليفلاند في الولاياتالمتحدةالأمريكية، والأروع من ذلك كله أن يطرز المجلس بثلاثة من من الاستشاريين السعوديين المتميزين في تخصصاتهم الطبية وتجاربهم الإدارية وهم الدكتور محمد الفقيه الاستشاري السعودي المعروف في أمراض وجراحة القلب، والدكتور زهير الهليس استشاري أمراض وجراحة القلب، والدكتور عبد المجيد العبدالكريم استشاري أمراض وجراحة الكبد، وهنا تميز آخر لهذه الخلطة الاستشارية الجديدة بين العالمي والوطني، تحمل بذرة فلسفة إصلاحية فاعلة تعتمد المنهجية العلمية في التواصل الحضاري مع القدرات العالمية مهما كانت وأين كانت، وتمنح القدرة الوطنية المتميزة حقها المشروع في إدارة أكبر المؤسسات الطبية جنبا إلى جنب مع القدرات من خارج الوطن لتثبت أننا فعلا مملكة الإنسانية المبنية على سماحة الإسلام ودعوته السماوية: (الحكمة ضالة المؤمن). وأخيراً المواطن لا ينتظر فقط من هذا المجلس العلمي بلورة رؤى وخطط فاعلة من شأنها تحقيق أهداف المؤسسة العامة لمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث وإستراتيجيتها المستقبلية وإدخال التعديلات الضرورية عليها حين الحاجة، إنما ينتظر اكتمال هذه التجربة الإدارية لتصبح تلك المؤسسة الطبية الكبيرة نموذجاً إدارياً سعوديا يبرهن على نجاح التغيير والإصلاح المنهجي في مؤسساتنا الوطنية، لتخرج مشاريعنا الإصلاحية من فخ (الإدارة بالصداقة) إلى فضاء (الإدارة بالكفاءة) أياً كانت على امتداد خارطة هذا الوطن المعطاء.