كالعادة ومع بداية شهر الصوم ترتفع أسعار السلع الأساسية التي يحتاجها المواطن. فالمواطن مع بداية كل رمضان على موعد مع مغالاة بعض التجار في تسويق احتياجاته الأساسية من السلع الغذائية لتزيد بذلك من معاناته من غلاء تلك السلع والناتج عن تزايد أسعار النفط وتدهور سعر صرف الدولار المرتبط به عملتنا السعودية. باستعراض مؤشر الأسعار الأسبوعي في أسواق مدينة الرياض عن الفترة من 3 رمضان الجاري وحتى التاسع من نفس الشهر، تتضح مغالاة بعض الأسواق التجارية وإسهامها في تكريس تلك المعاناة. ويكفي للتأكيد على تلك المغالاة من قبل بعض التجار أن نشير بأن سعر تسويق بعض السلع الغذائية الأساسية على المواطنين في بعض الأسواق يزيد بنسبة تفوق ال 100% عنها في بعض الأسواق الأخرى المجاورة لها. وأمام تلك الفوارق غير المقبولة في أسعار نفس السلعة في متجرين متجاورين في مدينة واحدة (الرياض)، اعتقد بأنه لا يمكن السكوت على ذلك حيث يفترض أن يتم التصدي لذلك من قبل كل من المستهلك ووزارة التجارة والأمانة على حدا سواء. ففيما يتعلق بالمستهلك اعتقد بأنه طالما أن أمانة منطقة الرياض قد عملت مشكورة على إتاحة الفرصة له للوقوف على أسعار السلع في المتاجر والأسواق من خلال نشر أسعار تلك السلع في مؤشر الأسبوعي ينشر في الصحف، وطالما أن هناك اختلافات كبيرة في أسعار السلع المماثلة في المتاجر الموجودة في نفس المدينة وأحيانا نفس الحي، وقد تصل تلك الفروقات إلى 100% تقريباً، لذا فإن الدور الأهم يكون على المواطن من خلال اختيار المتاجر والأسواق التي لا تبالغ في أسعارها والتي يتمتع أصحابها بحس وطني وغيرة وحرص على إخوانهم المواطنين من خلال الاكتفاء بربح معقول غير مبالغ فيه، كما أن على المواطن هجر كافة المتاجر والأسواق غير المدرجة ضمن مؤشر الأسعار الأسبوعي. أما فيما يتعلق بوزارة التجارة، فإنني اعتقد بأنه طالما أن الدولة - حفظها الله - لا تفرض نسبا ضريبية عالية على ما يحققه التجار وأصحاب المراكز التجارية من أرباح وذلك على غرار ما هو معمول به في معظم دول العالم، وطالما أن البعض من التجار لم يتردد في تأليب وشحن المواطنين من خلال قهرهم بتلك النسب العالية من الأرباح التي يحققها التجار، مما أسهم في رفع أسعار تلك السلع الأساسية بشكل يصعب على الكثير من المواطنين اقتناؤها. وطالما أن لدينا فئة من التجار ممن أعماهم حب المال وغير مبالين بما يلحقونه من أضرار باخوانهم المواطنين من جراء تلك المبالغة غير المبرة في نسب الربحية العالية التي تفرض عند تسويق السلع الأساسية على المواطنين، فإنني اقترح أن تقوم وزارة التجارة بإلزام كافة التجار بأن يعملوا من خلال البطاقة الجمركية، بحيث يتم إلزام كافة المتاجر والأسواق بأن تبرز للمتسوقين البطاقة الجمركية التي تتضمن سعر استيراد جميع السلع التي يتم تسويقها في المحل أو المتجر على أن تقوم الدولة بتحديد نسبة ربح معينة يمكن للتجار تحقيقها من خلال تسويق تلك السلعة وكما هو معلوم فإن وكلاء السيارات هم الوحيدون الذين يعملون من خلال البطاقة الجمركية حيث يتضح من خلالها التكلفة الفعلية لاستيراد السيارة على الوكيل، مع إيضاح نسبة الربح المحددة من قبل الدولة والتي يمكن لوكلاء السيارات تحقيقها، فلماذا لا يتم تعميم ذلك على كافة السلع والبضائع؟ بحيث يتم تحديد نسب ربحية محددة عند تسويق تلك السلع مع فرض العقوبات المشددة على كل متجر لا يلتزم بذلك. أما ما يتعلق بأمانة منطقة الرياض، فإذا كانت أمانة منطقة الرياض قد تميزت عن غيرها من أمانات المناطق الأخرى بأنها كانت سباقة إلى إطلاق مؤشر الأسعار حرصا منها على الوقوف على المواطنين في مواجهة التجاوزات غير المبررة من قبل بعض التجار والأسواق، فإن على الأمانة أن تقف موقفا حازما في مواجهة تلك التجاوزات إذا ما أرادت أن تزرع الثقة في نفس المواطنين تجاه مؤشر الأسعار، واقترح في هذا الخصوص أن تقوم بتطبيق آلية التحفيز من خلال إبراز أسماء المتاجر والأسواق التي تكون أسعارها الأقل ومقارنة ببقية الأسواق الأخرى، وأن يتم تسليط الضوء على تلك المتاجر من خلال الإشادة بها ومنحها شهادات التقدير مع توجيه المستهلكين للتسوق منها. إضافة لذلك فإن على المعنيين بالأمانة بأن يدركوا بأن بعض الأسواق التجارية تقوم بخداع وتضليل المواطنين من خلال إدراج أسعار رخيصة لبعض السلع في مؤشر الأسعار، ولكنها في حقيقة الأمر لا تسوق تلك السلع أو أنها تسوق كمية محدودة جداً منها، ومن الأهمية التأكيد هنا على ما سبق أن أشار إليه رجل الأعمال الشيخ عبدالله العثيم في هذا الخصوص عندما قال بأن على الأمانة أن تطبق عقوبات رادعة بحق المخالف من التجار مؤكداً على أهمية تطبيق عقوبتي التشهير والإغلاق وعدم الاكتفاء بتطبيق العقوبات المالية المحدودة خاصة وان بعض المتاجر يتعامل مع تلك العقوبة المالية القليلة على أنها جزءا من المصاريف التسويقية للبضائع فيها، مما قد يؤدي إلى فقدان ثقة المستهلكين بمؤشر الأسعار وإعطاء صورة غير صحيحة عن اتجاهات السلع الاستهلاكية. الجدول التالي يوضح الفارق السعري الكبير بين الأسواق التجارية في تسويق السلع الأساسية خلال الأيام الأولى من رمضان: