استغرب أكثر من واحد ان أقول له ما دمت تمتلك أدوات الشعر الفصيح فما لك وللشعر الشعبي! بل ان احدهم قال لي والدهشة ملء ملامحه: كيف تقول مثل هذا الكلام وأنت مشرف على صفحة شعبية؟! قلت لمحدثي: لو انني أستطيع الآن كتابة الشعر الفصيح بتمكن لقمت بتنفيذ ما طلبته منك دون تردد,, ولو وجدت الشاعر الفصيح الذي يعبر عما في نفسي بلغة عصرية لاكتفيت بالقراءة له. قال والدهشة ما زالت تعلو محياه: شاعر شعبي,, ومحرر لصفحة شعبية ويطالبني بالاتجاه للشعر الفصيح! ثم أردف: صدقني أنت أول من يطلب مني مثل هذا الطلب. قلت: لأنني أدرك تماما ان الخلود للغة الضاد,, وآدابها بما فيها الشعر,, أما سواها فلا بقاء له,, والشعر الشعبي هو الآن في أوج ازدهاره وساحته تضمن الشهرة السريعة لكل من يدخلها,, لكن ثم ماذا؟! صمت قليلا ثم قال: لكن المجلات الجديدة كلها شعبية,, والقنوات الفضائية تلهث وراء كلما هو شعبي من شعر وغيره أما الأدب الفصيح فبالكاد تجد من يهتم به او يحرض على الاهتمام فيه. قلت: لعلك لم تجرب التعامل مع القنوات الخاصة بالأدب الفصيح مثل الأندية الأدبية او محرري الملاحق والصفحات الثقافية في جرائدنا. قال: هل تعتقد انني سأنجح فيما لو جربت,, وسأجد من يقيم نتاجي ويوجهني! قلت: نعم لكن كن لسان عصرك,, وابتعد عن القواميس ولغتها الا عند الضرورة القصوى. فخرج يتمتم بكلمات غير مفهومة,, وقبل ان يغيب عن بصري قلت له: مع السلامة,, وأخبرني بالنتائج! ولم التق به منذ ذلك اليوم واتمنى ان يكون قد وجد ضالته!! ** فاصلة : يقول مالئ الدنيا وشاغل الناس: إذا غامرت في شرف مروم فلا تقنع بما دون النجوم ومن يمتلك أدوات القصيدة الفصيحة بالاضافة الى الموهبة ويقتنع بكتابة الشعر الشعبي فليجرب المغامرة لأن كثرة الغثاء في شعرنا الشعبي من دلائل قرب نهايته وعزوف الناس عنه. ** آخر الكلام : للشاعرة مويضي البرازية رحمها الله : اللي يتيه الليل يرجي النهارا واللي يتيه القايله من يقديه؟!