رحم الله الشيخ صفي الرحمن المباركفوري الذي ودعنا هذه الأيام، بعد أن ترك لنا إرثاً علمياً في سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - والعديد من كتب الأحكام. وقد اشتهر كتابه المسمى بالرحيق المختوم الذي تحدث فيه عن سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى أصبح الشيخ - رحمه الله - يسمى بهذا الكتاب من شهرته فيقال المباركفوري صاحب الرحيق المختوم. وقد يسَّر الله تعالى لي اللقاء به مرة واحدة زار خلالها محافظة الدوادمي لإلقاء بعض الدروس على الجاليات الهندية، فالتقيت به واستفدنا منه وسألناه عن بعض أسانيد الحديث فأجابنا - رحمه الله - وارتاح الشيخ لي وللأخوة الفضلاء الذين استقبلوه معي، وكان في ذلك الوقت يعمل في مكتبة دار السلام وكان الشيخ - رحمه الله - بشوشاً طيب الخلق، فطلب منّا في ذلك الوقت ضباً وطلب إحضار حليب الإبل وكنا في وقت الصيف، فاتصلنا بأحد الأخوة أصحاب الإبل وطلبنا منه حليب إبل وسألناه إن كان يعرف أحداً لديه ضب حتى يحضره للشيخ، فقام بإحضار الضب وكذلك حليب الإبل، وعندما رآنا الشيخ - رحمه الله - قد استغربنا هذا الطلب ورأى ذلك على محيّانا بادر قائلاً: أنا لم أر الضب ولم آكله في حياتي، وكذلك حليب الإبل لم أشربه من قبل، وقد قرأت عن ذلك في كتب السير وعلمت أنه يوجد في منطقتكم، فأحببت أن أراه والحمد لله ها أنتم قد أحضرتموه. ثم أخذ - رحمه الله - بالضب وقال هذا الذي اجتره خالد ويقصد بذلك خالد بن الوليد - رضي الله عنه -. لأن خالد - رضي الله عنه - اجتر الضب في حضرة النبي - صلى الله عليه وسلم - كما في الحديث الصحيح وأكله وأقره النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يأكله النبي - صلى الله عليه وسلم - وانما قال إنه لا يوجد بأرض قومي، وأما حليب الإبل فمعلومة فوائده وقد ثبت في صحيح البخاري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ارشد العُرنيين إلى الشرب من حليب الإبل لأن فيه شفاء. وهذا الموقف مع الشيخ - رحمه الله - وإن كان في لقاء قصير ليدلنا على اهتمامه - رحمه الله تعالى - بالحديث وبما ورد في أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى وإن كانت ليست موجودة في بلاد الهند أو يصعب الحصول عليها لانشغاله - رحمه الله - بالعلم والبحث والتأليف. وهذا بلا شك يؤكد محبة صاحب الرحيق المختوم - رحمه الله - للنبي - صلى الله عليه وسلم - الذي حرص على معرفة سيرته وتأليف الكتب في هذه السيرة العطرة.. فأسأل الله تعالى أن يجمع الشيخ صفي الرحمن المباركفوري بحبيبه الذي أحبه وألف الرحيق المختوم في سيرته أن يجمعه به في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر، وأن يعوض الأمة الإسلامية التي فقدت هذا العالم الجليل إنه سميع مجيب، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. [email protected]