لا تتوقف شهرة الفنان العالمي فان غوغ على لوحاته الفنية التي رسمها؛ ولكن يتعدى ذلك بكثير، إذ كانت قصته مع الحسناء التي تعلق بها للمرة الأولى ما جعله يترك مدينته ويشيح بوجهه عنها وينطلق إلى مدن الريف التي وجد فيها متنفساً لمشاعره. وبقي مدة طويلة سقيما كاد أن يفارق الحياة من شدة ما أصابه من هزال وضعف لولا تدخل القدر واستطاع بمساعدة شقيقه (ثيو) أن ينقذه مما هو فيه. كما ساعده أن يرسم بعض اللوحات ويبعها له في محله. وها هو حظه التعس يقوده مرة أخرى إذا يلتقي بفتاة تسمى (راستل) وقد طلب ودها للزواج؛ ولكنها سخرت منه حين علمت بفقره وقد طلبت منه أن يعطيها إحدى أذنيه تذكاراً تحتفظ بها! ولهول المفاجأة حين أقبل وقد ضمد وجهه بالأربطة، وحمل إليها أذنه المقطوعة كما طلبت منه ساخرة، وما أن رأتها حتى سقطت مغشياً عليها! كان الجو السوداوي الذي أثر في حياة فان غوغ جعل لوحاته تميل إلى اللون القاتم. ولكن بعد ذهابه إلى باريس فقد تأثر بفنانين فرنسيين وتبدلت ألوان ريشته إلى ألوان زاهية.. وأصبحت لوحاته تفيض بالمشاعر الحسية الإنسانية. كما تميزت أعماله بانعكاسات الضوء وتشكلت مثل الانطباعيين فعكست ضوء الشمس بحرارته وقوته. لقد عوض غوغ فشله في حياته بالرسم فكان المتنفس له، يرسم فوق الجدران بعض المناظر منها (لوحة مليئة بالنجوم). تأثر غوغ بأعمال كبار الفنانين مثل جان فرانسوا الذي نسخ لوحاته، وكذلك الفنان بول غوغان الخيالي ذو الألوان الحالمة المنفعلة التي عكست عمق ألمه. كما تأثر بلوحات الفنان الهولندي ميليه فقد اشترى لوحاته واقتبس منها، حيث كانت تجسد الريف الفرنسي والبساطة في التعبير. وربما استطاع فان أن يعوض شيئاً مما فاته من خلال لوحاته التي كانت تبوح بسره فاستخدم الأصفر الباهت والقاتم والوردي الباهت وغيرها.. فحياته لم يجن منها سوى الفقر والقلب الممزق؛ وانتهت بالانتحار ليترك فيما بعد بصمات ألوانه وعمق درامته شاهدا على عبقريته.